هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

قتل شقيقه وطفليه بسبب الميراث في الشرقية

زوجة القتيل:
نجوت من الموت بأعجوبه.. وفقدت زوجي وعيالى

في قرية هادئة بمركز أبو كبير، لم يكن أحد يتخيل أن يتحول بيت بسيط إلى مسرح لجريمة تهز القلوب..خلافات قديمة على الميراث، تراكمت في الصدور، كبرت في الصمت، حتى انفجرت في لحظة جنون، دفعت أخًا لأن يقتل أخاه، ويخنق طفلين صغيرين، ويترك قرية كاملة في حداد لا ينتهي.


كان الشقيقان يعيشان في منزل واحد بقرية كفر الأعصر التابعة لقرية طوخ القراموص، خلافات الميراث لم تكن سرًا على أحد، مشاجرات متكررة، كلمات قاسية، ونظرات حقد بدأت تحل محل صلة الدم.

 تقول إحدى الجارات: «كنا نسمع صوتهم وهم بيتخانقوا، بس محدش تخيل إن النهاية تبقى كده».

في صباح يوم الجريمة، خرجت زوجة المجني عليه بلال، 45 عامًا، إلى سوق القرية لشراء احتياجات البيت، تاركة زوجها وطفليها الصغيرين، حور ست سنوات، وعبدالرحمن أربع سنوات، داخل المنزل.

 لم تكن تعلم أن غيابها القصير سيكون الفرصة التي انتظرها شقيق زوجها طويلًا.

دخل المتهم إلى البيت بعدما أخفى وجهه، وتسلل إلى غرفة النوم حيث كان شقيقه مع طفليه.

في لحظات صامتة، أطبق بيديه على عنق أخيه حتى فارق الحياة.

 لم يصرخ أحد. لم يستغث أحد.

 لكن الطفلين شاهدا كل شيء.

اقترب منهما، ولم يترك لهما فرصة للبكاء أو الهروب، فخنقهما الواحد تلو الآخر، لتنتهي حياة طفلين لم يعرفا من الدنيا سوى اللعب ودفء البيت.

صراخها أنقذ حياتها
عادت الزوجة من السوق، دخلت المنزل، ففوجئت بالمتهم أمامها، ملثمًا، يحمل عصا خشبية. تقول الزوجة بصوت مكسور:

 «أول ما شوفته حسيت إن في حاجة غلط… ضربني وخنقني وكنت بموت، بس صرخت، صرخت من قلبي».

صراخها أنقذ حياتها. تدخل أحد الجيران، فهرب المتهم، لتدخل الزوجة تبحث عن زوجها وأطفالها، فتجدهم جثثًا هامدة داخل الغرفة.

 تقول وهي تبكي: «دخلت أنادي عليهم… محدش رد… قربت لقيتهم ماتوا… ولادي راحوا».

تحولت القرية إلى سرادق عزاء مفتوح. رجال في صمت، نساء في بكاء، وأطفال ينظرون في وجوه الكبار دون فهم.

 يقول أحد الأهالي: «الطمع خلّى الأخ ينسى الدم… خسر كل حاجة».

الأجهزة الأمنية حضرت إلى المكان، ونُقلت الجثامين إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي، بينما بدأت التحريات التي أكدت أن الخلافات على الميراث كانت الشرارة التي أشعلت الجريمة.

 وبعد أيام، تم القبض على المتهم، واعترف بارتكاب الواقعة.

قضت الدائرة الثانية الاستئنافية بمحكمة جنايات الزقازيق، وبإجماع آراء أعضائها، بإحالة أوراق المتهم بقتل شقيقه ونجليه الطفلين خنقًا، والشروع في قتل زوجة شقيقه، داخل منزلهم الكائن بنطاق مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهم، وحددت جلسة 11 فبراير المقبل للنطق بالحكم.

صدر القرار برئاسة المستشار سامي عبد الحليم غنيم، وعضوية المستشارين وليد محمد مهدي، وحازم بشير أحمد، والدكتور أحمد عبدالفتاح، وبسكرتارية تامر عبد العظيم وحاتم إمام.

تفاصيل القضية
تعود أحداث القضية رقم 22445 لسنة 2024 جنايات مركز أبو كبير، والمقيدة برقم 4247 لسنة 2024 كلي شمال الزقازيق، إلى قيام المتهم محمد أ.، 48 عامًا، يعمل مدرب قيادة سيارات، والمقيم بدائرة مركز أبو كبير، بقتل شقيقه المجني عليه بلال أ.، 45 عامًا، وطفليه عبدالرحمن (4 أعوام) وحور (6 أعوام)، والشروع في قتل زوجة شقيقه، وذلك على خلفية خلافات عائلية حول الميراث.

تحريات المباحث والتحقيقات
وكشفت تحقيقات النيابة العامة وتحريات المباحث الجنائية، صحة الواقعة، حيث أفادت زوجة المجني عليه أنه أثناء عودتها إلى مسكنها فوجئت بالمتهم ملثم الوجه، مستخدمًا قناعًا لإخفاء ملامحه، وانهال عليها بالضرب مستخدمًا عصا خشبية، ثم قام بإطباق يديه على عنقها قاصدًا إزهاق روحها، محدثًا بها إصابات ثابتة بالتقرير الطبي.

وأوضحت التحقيقات أن المتهم لم يتمكن من إتمام جريمته بسبب مقاومة المجني عليها واستغاثتها بأحد الجيران، ما دفعه إلى الفرار، لتقوم الزوجة بالبحث عن زوجها وطفليها داخل المنزل، وتعثر عليهم جثثًا هامدة، فتأكدت من ارتكاب المتهم للجريمة.

خلافات الميراث ودوافع الجريمة
وتوصلت التحريات إلى وجود خلافات حادة على الميراث بين المتهم وشقيقه المجني عليه، حيث استغل المتهم غياب زوجة شقيقه عن المنزل، ودلف إلى المسكن مبيتًا النية، وعاقدًا العزم على قتل شقيقه وطفليه.

وبحسب ما ورد بأوراق القضية، تسلل المتهم إلى غرفة شقيقه، واستغل ضعف بنيانه وحداثة سن الأطفال، وأطبق بيديه على عنق شقيقه حتى أزهق روحه، ثم أسرع بخنق طفليه حال مشاهدتهما للواقعة، محدثًا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياتهما.

أمر الإحالة
وأسند أمر الإحالة للمتهم تهمة قتل شقيقه وطفليه عمدًا مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على قتلهم، ودلف إلى مسكن شقيقه وقام بخنقهم حتى فارقوا الحياة، كما شرع في قتل زوجة شقيقه، إلا أن جريمته خابت لسبب لا دخل لإرادته فيه، وهو استغاثة المجني عليها بالجيران، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ضبط المتهم وإحالته للمحاكمة
وعقب تقنين الإجراءات، وتنفيذًا لإذن النيابة العامة، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهم، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة، وبالعرض على النيابة العامة قررت إحالته إلى محكمة الجنايات، والتي أصدرت قرارها المتقدم بإحالة أوراقه إلى مفتي الديار المصرية.

في كفر الأعصر، لم تعد الجدران كما كانت، ولا الأبواب تُغلق على أمان.

 قصة بدأت بخلاف على ميراث، وانتهت بثلاثة نعوش، وأم ثكلى، وزوجة نجت بجسدها فقط، فيما بقي القلب عالقًا داخل ذلك البيت… إلى الأبد.

وعلى لسان زوجة القتيل، قالت بصوتٍ مكسور تخالطه الدموع:

 «من يوم اللي شُفت فيه ولادي وجوزي مسجّيين قدامي، وأنا عايشة بجسد بس من غير روح… الدنيا فقدت طعمها، والضحكة خرجت من قلبي للأبد. لما سمعت قرار إحالة أوراقه لفضيلة المفتي، رفعت إيدي للسماء وشكرت ربنا، حسّيت إن حقي بدأ يرجع، وإن دم ولادي ما راحش هدر. القصاص هو العدل، وهو اللي هيبرد نار قلبي اللي مولعة من يوم ما اتحرمت من زوجي وفلذات كبدي».

وأضافت والدموع تنهمر من عينيها:

 «أنا مستنية حكم الإعدام يتنفذ، مش انتقام، لكن علشان قلبي يهدى، وعلشان جوزي وولادي يرتاحوا في قبورهم، هو حرمني منهم، وكسّر بيتي، ودمّر عمري، ومفيش في الدنيا حاجة تعوضني عنهم، بدعي ربنا كل يوم إنه ينصرني بالعدل، علشان أعرف أكمّل حياتي، حتى لو كانت من غير طعم، لكن وانا مطمّنة إن ربنا أخدلي حقي، وإن الظلم ملوش آخر غير القصاص».





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق