لا يزال الشارع المصري يفتح عينيه كل فترة علي واقعة جديدة تهز الضمير الجمعي، حيث تحوّل التحرش، خصوصًا التحرش بالأطفال، إلي وحش كاسر يطل برأسه الملعونة على مجتمع عرف عنه الالتزام بالقيم والأخلاق، كما وصلت الجرأة ببعض المنحرفين إلي انتهاك براءة الصغار في أماكن كان يُفترض أن تكون الأكثر أمانًا لهم. مثل المدارس.
إن القضية الأخيرة التي تفجرت داخل تحدي المدارس الدولية لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل شرارة أعادت إشعال الغضب الشعبي، وفتحت أبواب الحديث عن سلسلة طويلة من وقائع مؤلمة تتكرر دون توقف، مما يكشف عن أزمة نفسية وسلوكية متجذرة تحتاج مواجهة شاملة، وليس مجرد استنكار عابر.
وفي هذا التحقيق، تحاول "الجمهورية أون لاين" أن تفتح هذا الملف الشائك بلا مجاملة ولا مواربة، مستعينة بآراء نخبة من خبراء الصحة النفسية والاجتماعية، لفهم جذور الكارثة قبل الحديث عن حلولها.
في البداية يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن قصص ووقائع التحرش قديمة في العالم ولها جذور وتفاصيل والأسباب متنوعة ومختلفة وتعود الي وقوع المتحرش تحت تأثير المخدرات أو سلوكيات مشينة ترجع لعنف أسري وسلوكية أدت ليكون متحرش وأن التأثير النفسي لتلك الحوادث من نوعيات التحرش يختلف من طفل لآخر بحسب العمر وطبيعة البيئة المحيطة، وإن نحو أكثر من90% من الأطفال الذين يتعرضون لحوادث تحرش يتجاوزون الأمر تمامًا عند الكبر، بينما قد يتأثر نسبة ليست بالقليلة من الأبناء بشكل يستلزم متابعة نفسية مستمرة.
واكد استشاري الطب النفسي أن 20% من مرتكبي جرائم التحرش ضد الأطفال في المدارس يكون تحت تأثير المخدرات، مشيرا إلي أنه يقع أحيانا داخل الإضطراب السلوكي.
وأن ما تم من واقعة الإعتداء على الأطفال باحدي المدارس، هي جريمة كانت بتنظيم داخل المدرسة، مؤكدا أنه لا بد من تطبيق العقوبات بشكل رادع عليهم.
ويضيف أن 80% من حالات التحرش بالأطفال تكون بداية من محيط الأسرة، وللأسف يتم إعطاء الثقة للشخص المتحرش والطفل الذي تعرض للإعتداء الجسدي يكون لديه مخاوف من الشخص الذي يعتدي عليه ولكن بعض الأباء يقعون في أخطاء عدم تصديق أبنائهم وأن 20% من مرتكبي جرائم التحرش ضد الأطفال في المدارس يكون تحت تأثير المخدرات، مشيرا إلي أنه يقع أحيانا داخل الإضطراب السلوكي.
وأوضح أن عمر الطفل عند التعرض للواقعة يلعب دورًا مهمًا في التأثير، فالطفل أقل من 4 سنوات يختلف في استيعابه وتأثره عمن تجاوز هذا العمر، كما تختلف النتائج حسب نوع التحرش سواء كان سلبيًا أو عنيفًا، ومدي وجود إصابات جسدية من عدمه.
ويشير الي إن الحديث والتذكير بتداعيات الحادث يؤذي الضحية ويجب العلاج النفسي والسلوكي للضحايا برفع الحالة المعنوية والنفسية والعقلية.
وحذر استشاري الطب النفسي من الإكثار من الحديث عن الحادث مع الطفل. مؤكدًا أن تكرار النقاش حول الواقعة قد يزيد من أثرها النفسي.
وأضاف: "يجب أن نثبت للأطفال أن من يرتكب الجريمة يُعاقب. دون أن نعيد ونكرر تفاصيل ما حدث لهم".
التوعية أولا
وأشار فرويز إلي أن الأطباء وخبراء النفس تحدثوا منذ أكثر من 15 عامًا عن أهمية توعية الأطفال بكيفية حماية أنفسهم من التحرش الجنسي، لافتًا إلي وجود قواعد أساسية يجب أن يتعلمها الأطفال، منها، أن جسد الطفل ملكية خاصة له، عدم السماح لأي شخص بخلع ملابسه، عدم الذهاب إلي أماكن بعيدة أو مغلقة بمفرده، وأكد الدكتور جمال فرويز أن تعزيز هذه المفاهيم في المنزل والمدرسة يعد خط الدفاع الأول لحماية الأطفال.
اضطرابات نفسية
أما الدكتور تامر شوقي الخبير التربوي وأستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، فأكد إن جرائم التحرش بالأطفال تعد من أكثر الجرائم التي يمكن أن تترك أثارًا نفسية سلبية في الطفل. وقد تستمر هذه الأثار معه طوال العمر، وتصل في بعض الأحيان إلي إصابته باضطرابات نفسية بل وعقلية في الحالات الشديدة، فضلًا عن فقدانه الثقة بالنفس والثقة في الآخرين.
وقال أن عدم الاهتمام بالسجل الجنائي للموظفين بالمدارس، وكذلك عدم عقد مقابلات نفسية مع المعلمين والإداريين للكشف عن سلوكياتهم، يقودان لمثل هذه الجرائم، مشيرا إلي أن "الجرائم ناتجة عن عدم توفر المشرفين بالقدر الكافي، خصوصاً داخل المدارس الدولية والخاصة ذات المساحات الشاسعة التي يسهل فيها استدراج الأطفال، مع ضعف منظومة الرقابة والتأمين".
ويضيف، في مصر 62 ألف مدرسة، بواقع 672 ألفاً و852 فصلاً دراسياً، ويدرس بها 25 مليون طالب، بالإضافة إلي 876 ألفاً و432 معلماً، وفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم هذا العام مؤخراً وهو ما يؤكد اننا لابد ان نتعامل بآليات مختلفة ومتطورة ليس فقط لتعليم أبنائنا ولكن لرعايتهم وحمايتهم سلوكيا ونفسيا واجتماعياً.
ويري شوقي أن هذه الأرقام تسبب صعوبة في إقرار صرامة رقابية، لكن ورغم ذلك يوجد تشديد واضح بشأن الالتزام بالتقييمات والاختبارات الشهرية، ويجب أن يكون الاهتمام بالسلوكيات التربوية مقدماً علي التقييمات، وأن يتم مراجعة الملفات الاجتماعية والسلوك للعاملين والمدرسين والإداريين بالمدرس أمر ضروري.
وأضاف شوقي ان الأمر الذي يتطلب من الأسرة اتباع بعض الأساليب النفسية لوقاية الطفل من تلك التأثيرات، وتحقيق التعافي النفسي له، وتشمل في روشتة اجتماعية وسلوكية ونفسية أبرزها.
* احتواء الطفل بشكل كامل بعد حدوث تلك المشكلة.
* إتاحة الفرصة للطفل لممارسة الأنشطة والهوايات والرياضات التي يحبها والتي يمكن أن يحقق ذاته من خلالها.
* تفادي تذكير الطفل بما وقع له من تحرش حتي لا يستدعي المشاعر والانفعالات المؤلمة المرتبطة به.
* يفضل بقدر الإمكان نقل الطفل إلي مدرسة جديدة بها زملاء ومعلمون جدد حتي يتجنب تذكر واقعة التحرش المرتبطة في ذهنه بوجود بعض الأماكن أو الأشخاص في المدرسة.
* يفضل عدم ترك الطفل وحده لفترات طويلة حتي لا يترك فريسة لتذكر الواقعة.
* تجنب تذكير الطفل بتلك الواقعة بأي شكل من الأشكال. وبأي شيء مرتبط بها أثناء الكلام أو النقاش.
* إشراك الطفل في المناقشات الأسرية والأخذ برأيه في مختلف الأمور. حتي يبدأ يستعيد الشعور بالثقة بالنفس وبأنه شخص مؤثر.
* تجنب الإفراط في حماية الطفل حتي لا يشعر بوجود شيء غير طبيعي مرتبط بالتحرش.
* يفضل إحضار ملابس وحقيبة وأدوات مدرسة جديدة للطفل بديلة لتلك التي كانت موجودة أثناء التحرش به، والتصرف في الملابس والأدوات القديمة.
* مكافأة الطفل علي أي إنجاز أو سلوكيات إيجابية يقوم بها سواء في المدرسة أو الأنشطة والهوايات حتي يشعر بالتقدم في حياته.
* السفر ولو لبعض الأيام إلي خارج مدينته للاستجمام واستعادة النشاط.
* إتاحة الفرصة للطفل للعب مع غيره من الأطفال الذين يشعر بالسعادة معهم سواء من الأهل أو الجيران أو الأصدقاء.
* لو في الإمكان الانتقال إلي سكن جديد في مدينة جديدة بعيدة عن الواقعة.
ويؤكد أنه لا بد أن يعي الوالدان أن الطفل يحتاج فترة زمنية لكي يبني مناعة ووقاية نفسية ضد ما حدث له من تحرش، مما يمكنه بعد ذلك من مقاومة التأثيرات النفسية السلبية لها. وهي الفترة التي يجب أن يلتزم بها الأسرة وكل المحيطين به بالأساليب التي تحقق التعافي النفسي له.
ثقافة المجتمع
وتقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن التحرش عادة سلوكية مشينة لها أبعاد وتعقيدات راسخة نتيجة سلوكيات وأسلوب تربية وممارسات اجتماعية نتج عنها أشخاص مشوه إنسانيا واجتماعيا ونفسيا وهي ليس مشكلة فردية، بل سلوك يعكس خللًا في ثقافة المجتمع، خاصة عندما يتم تحميل الضحية مسؤولية ما حدث لها، مؤكدة علي أن التحرش ليس "مزحة ثقيلة" ولا "تصرف عابر"، بل جريمة تؤذي النفوس، وتكسر الثقة في المجتمع، ما لم تتم مواجهتها بحزم، سنظل نعيش في بيئة غير آمنة. الصمت لم يعد خيارًا.
وتضيف إن هناك عدة إجراءات يجب علي الآباء اتباعها لحماية أبنائهم من التعرض للتحرش الجنسي، ومن أبرز هذه الإجراءات هو الاقتراب منهم وفتح باب الحوار معهم وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم، وهذه الطريقة تجعل الطفل قريبًا من والديه، فإذا تعرض لأي موقف مؤذي له نفسيًّا، يروي ما يحدث لهما دون خوف.
وتضيف أن بعض الأمهات يقع عليهن دور في حدوث التحرش لدي أبنائهن بسبب عدم القيام بدورهم في رعاية ومتابعة الأبناء في نطاق المدرسة وخارجها ومتابعة سلوكيات الأبناء في حياتهم الخاصة ومراقبة والتواصل معهم حول علاقتهم الاجتماعية داخل المدرسة وفي نطاق الاصدقاء والأجواء المحيطة كذلك إستخدام الموبايل والسوشيال ميديا وشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها وتشير لقد كان دور أمهاتنا في الماضي ملحوظًا ناحية أبنائهن، فكانت الأم "نفَسها في نفَس أولادها" تعرف أخبارهم حتي لحظة وصولهم إلي السرير.
وتؤكد، أنه يجب علي الآباء تقديم النصائح لأبنائهم بكيفية التصرف في تلك الوقائع، إضافة إلي تعليمهم الاعتراض وقول لا للخطأ، أي علموا أبناءكم أن يقولوا "لا للتحرش" دون خجل.
وتشير الي أن حماية أطفالنا من التحرش، يجب تكاتف جميع المؤسسات مع بعضها ونشر الوعي عن طريق الإعلام من خلال المؤسسات الدينية والثقافية، ونشر فيديوهات تعلم الأطفال كيف يحمون أنفسهم، إضافة إلي تغليظ العقوبة علي مرتكبي هذه النوعية من الجرائم حتي يكون عبرة لمَن تسول له نفسه ارتكاب هذه النوعية من الجرائم".
وتتابع، أن الأسر التي تكتشف وجود خلل نفسي وبيولوجي في شخصيات بعض أبنائهم، يجب عليهم زيارة الطبيب النفسي لحماية أبنائهم من أنفسهم وعدم ارتكابهم مثل هذا الجرائم حتي لا يقعوا تحت المساءلة القانونية، مشيرة إلي أن هناك بعض الأشخاص المصابين بالشذوذ والاضطرابات لا يمتلكون الجرأة والثقافة للتوجه إلي الطبيب النفسي وعرض شكواهم عليه.
وتشير إلي أن الأطفال الذين يتعرضون للتحرش أو هتك العِرض يشعرون بتعرضهم للإيذاء النفسي الذي يسيطر عليهم، ويجعلهم يشعرون بالخوف وعدم الأمان، فيجب علي الآباء تلاشي هذه الفترة وجعلهم يثقون في أنفسهم ويتغلبون علي هذه المحنة عن طريق برامج رياضية وتمثيل وترفيه، وعدم تركهم بمفردهم حتي لا يفكروا فيما حدث لهم. وأن يكون هناك حوار مشترك معهم حتي يستطيع الطفل الخروج من هذه الأزمة.
لابد من تضافر كل الجهود الأسرية نفسياً وسلوكيا لدعم وتقوية الشخصية الاجتماعية التي تعرضت لأزمات نفسية عنيفة نتيجة فعل التحرش المشين لذا هناك دور على المدرسة والمنزل والمسجد والكنيسة والاعلام التربوي الواعي لحماية الأبناء من مخاطر التحرش الذي ليس ظاهرة في مجتمعنا وحسب بل في العالم بأسره يعاني من هذا المرض المجتمعي الخطير.
خلل مجتمعي
بينما قال الدكتور أحمد هارون. مستشار الصحة النفسية والعلاج النفسي. عضو الجمعية الأمريكية لعلم النفس، إن أزمة التحرش هو خلل مجتمعي يتعرض لها عدد من الأشخاص بالمجتمع نتيجة سلوكيات خاطئة أو قهر مجتمعي أو أزمات نفسية من الصغر وتطورات مع مرور العمر لذا فإن التحرش الجنسي ليس سببه العري لقيام أشخاص بالتحرش بسيدات محجبات، ولا سببه الفقر لقيام بعض الميسورين بالتحرش، ولا سببه الجهل لأن هناك معلمين ومدرسين تحرشوا بتلاميذهم، ولكنه ناتج عن الانحراف السيكوباتي. وتوجد 4 أنواع للتحرش.
وأوضح هارون أنه في حالة عدم إفصاح الطفل عما تعرض له. فهناك علامات تظهر عليه تشير إلي تعرضه للتحرش أو الاعتداء الجنسي، ومن بينها الانطواء الشديد المفاجئ، ونوبات الفزع الليلي، والتبول اللاإرادي، وظهور بعض الدماء في أماكن حساسة بجسم الطفل، ووجود بعض الإفرازات الذكورية علي ملابس الطفل، ودخول الطفل في نوبات بكاء هستيري، ورفض الطفل التوجه إلي أماكن محددة كان يحبها. ورفض الطفل التعامل مع أشخاص كان يميل إلي التعامل معهم، وخوف الطفل من المنزل، حتي مع والديه، وظهور أعراض نفسية على الطفل مثل القيء والإسهال وغيرهما من الأعراض.
وتابع. أن طرق علاج الطفل الذي تعرض للاعتداء الجنسي تتمثل في عدة خطوات، أهمها أنه يجب علي الوالدين طمأنة الطفل، والاستماع له في هدوء حتي يفصح عن كل ما بداخله، والالتزام بالوعد الأول، وهو أن يقوم الوالدان بإهانة الشخص الذي ارتكب هذا الجرم، وعمل تقرير نفسي للطفل وتشجيعه بأنه أفضل من غيره وتخفيف ما حدث عنه، ومشاركته في معرفة أخبار أسوأ ما حدث له حتي يقل التوتر الذي أصابه، لافتًا إلي أنه في حالة عدم تقليل التوتر للطفل خلال 3 أسابيع واستياء حالته يجب على الآباء عرضه علي طبيب نفسي عن طريق برنامج علاج لتأهيله نفسيًّا، مؤكدًا عدم إعطاء أدوية للطفل، وهذا البرنامج يسمي برنامج ما بعد الصدمة.
ويري مستشار الصحة النفسية النصائح إلي الآباء لحماية أبنائهم من التحرش بأنه يجب على الآباء عدم الخجل من أسئلة أطفالهم عندما يسألونهم عن تكوينهم الجسدي، وأن يوضحوا لهم كل عضو بالجسد توضيحًا تفصيليًّا والأماكن المسموح لهم بإظهارها والتأكيد على غير المسموح حتي يكتسب الطفل معرفة أن هذه الأماكن ممنوع كشفها أمام القريب أو الغريب، كما يجب علي الآباء عدم ارتداء الملابس الداخلية أمام الأطفال حتي يكونوا قدوة لهم، ويعلموا أن أقرب الناس إليهم لا يشاهدون أجسادهم، وتوعية الأبناء المترددين على الأندية لممارسة الرياضة بتبديل ملابسهم في مكان مغلق دون أن يري جسدهم أحد من زملائهم.
والنوع الأول: متمثل في التحرش المندفع، أي قيام هذه النوعية من المتحرشين بضرب سيدة على إحدي المناطق الحساسة أو ملامستها أثناء سيرها في الشارع، والنوع الثاني: يتمثل في المتحرش التحككي، وهذا النوع من المتحرشين يقوم بحك جسده في جسد سيدة خلال استقلاله وسيلة مواصلات، ويرتكب هذا الجرم لتهدئة توتره.
أما النوع الثالث: فهو المتحرش السيكوباتي، وهؤلاء الأشخاص يرتكبون الخطأ لمجرد الخطأ، ويميلون إلي إيذاء الآخرين وإلحاق الضرر بهم أيًّا كان نوع الضرر، والنوع الرابع والأخير: هو متحرش البيدوفيليا، وفي هذا النوع من المتحرشين يكون الولع الجنسي نحو الأطفال دون البلوغ، وهذا النوع من الأمراض النفسية يسمي الولع الجنسي، ويكون المريض به لديه شغف جنسي نحو الأطفال، ويقوم بالاعتداء الجنسي عليهم، وخصوصًا في المجتمعات المسموح فيها بذلك، حيث يستدرج مرتكب الجريمة الطفل بدعوي شراء الحلوي.
وأضاف أنه يجب الآباء الاقتراب من أبنائهم عند عودتهم من الخارج سواء من المدرسة أو النادي أو الدرس والجلوس معهم والاستماع إلي أسئلتهم، فقد تكون الأسئلة غير المباشرة تشير إلي حدوث شيء له بالخارج يخجل أن يفصح عنه بطريقة مباشرة، وعدم مهاجمة الأم للطفل عند طرح الأسئلة بدعوي تعبها ورغبتها في النوم من أعباء اليوم. فهي مسؤولة أن تسمع ما يريده.
يُعد تعرض الطفل للتحرش الجنسي في المدرسة من أكبر مخاوف الأمهات، وأحد أكثر الأمور الهامة التي تشغل تفكيرهن طوال فترة تواجد صغارهن في المدرسة، لذلك تحرص العديد منهن علي توعية أطفالهن بشكل دائم مع تلك المسألة، لكن في بعض الحالات لا تمنع التوعية من وقوع الطفل في يد متحرش، لذلك تظل المرحلة الأهم حال تعرض الطفل للتحرش هي طريقة تعامل الأمهات بعد الواقعة وكيفية احتواء التلميذ والسيطرة عليه.
حماية المجتمع
يقول الدكتور أحمد علام استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية أننا أمام مرض اجتماعي خطير يطفو علي السطح المجتمعي مع كل جريمة تحرش تظهر كما ظهرت الأزمة عقب حادثة الطفل بالمدرسة الدولية فإننا جميعا يجب أن مناقض أبعاد وتعقيدات مرض التحرش وكيفية حماية المجتمع من خطورته ومشاكله التي يصدرها للأطفال.
بعد تعرض الطفل للتحرش يظهر عليه بعض السلوكيات، فإذا لاحظتها الأم يجب عرضه على أخصائي نفسي أو أخصائي تعديل سلوك، وإن لم يكن في مقدرة الأهل الذهاب لمختص فيجب عليهم التحدث معه دائمًا وتوعيته بأنه بالرغم من أن ما حدث هو أمر مرفوض ولكن وارد أن يتعرض له أي شخص.
وأوضح استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية أن المدرسة تقع عليها المسؤلية الأولي في حماية الأطفال من أي اعتداء يقع بداخلها وذلك بمجرد دخول الطفل اليها، ولا تقتصر مسؤوليتها على حماية الأطفال فحسب من أي اعتداء جنسي يغتال طفولتهم، بل يمتد دورها إلي تنمية سمات الشخصية السوية والايجابية لديهم، ويمكن أن تحقق المدرسة تلك الأدوار من خلال عدة وسائل منها..
* التدقيق الشديد في اختيار العاملين بها سواء من أعضاء هيئات التدريس أو الاداريين أو العمال أو غيرهم.
* عقد مقابلات شخصية المتقدمين للعمل بها من خلال الاستعانة بمتخصيين في مجال علم النفس للكشف - من خلال تطبيق أدوات ومقاييس نفسية معينة- عن من لديهم ميول للانحراف السلوكي من بينهم . واستبعادهم من التعيين.
* تركيب كاميرات مراقبة في كافة أرجاء المدرسة بما يسمح برصد اي حالات فيها نية الانحراف.
* تعدد مستويات الرقابة والمتابعة علي العاملين بالمدرسة لتشمل أكثر من مستوي.
* التحقيق الفوري في أي بلاغات تأتي من أولياء الأمور بخصوص تجاوز أي عامل بحق الطلاب ولو حتي بالنظرات غير المناسبة.
* فتح قنوات اتصال سهلة لأولياء الأمور مع إدارة المدرسة لتلقي الشكاوي والبت فيها في أسرع وقت.
* الإحالة للتحقيق الفوري والذي قد يصل إلي النيابة في حالة المخالفات الجسيمة من قبل العاملين بالمدرسة.
* جعل فصول الابتدائي ورياض الأطفال والحضانة في أماكن مفتوحة سهلة مراقبتها بالعين المجردة.
* توفير عدد كاف من المشرفين في كافة أرجاء المدرسة للإشراف على الأطفال.
* توفير اخصائي نفسي واحد علي الأقل في كل مدرسة لديه القدرة علي اكتشاف حالات الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم والتعامل معها بشكل سليم.
* توعية الأطفال بشكل يومي في طابور الصباح وداخل الفصول بكيفية التعرف على من يتجاوز معهم سواء لفظيا أو جسميا وكيفية الابلاغ بذلك.
وأوضح أنه يجب أيضا حث الطفل علي الخروج ودفعه للاحتكاك بالآخرين حتي لا يصبح لديه رهبة من التعامل مع الناس، بشرط أن يكون هذا الأمر بوجود الأم أو الأب وتحت ملاحظاتهم، ولكن عند استمرار ظهور الأعراض يجب العرض على المختص.
أزمات نفسية عنيفة
اما د.وفاء سمير نعيم استاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تقول إن التحرش واغتصاب الأطفال وإيقاع أزمات نفسية عنيفة بسبب هذا الجرم البشع فهي مجرد حالات فردية، لكنها تحدث بشكل كبير في السنوات الأخيرة بداية من الطفلة جنا، التي تم اغتصابها في بورسعيد ثم قتلها، وحتي طفلة البامبرز مروراً بجرائم بشعة مثل قضية ايسل التي قتلت على يد.حدث وتم معاقبته بالسجن 15 عشر عاما وحتي قضية أزمة طفل مدرسة سيدز الدولية وهي جرائم غريبة علي مجتمعنا المصري لكنها تسير أن هناك.ثمة امراض اجتماعية أصابت جسد المجتمع المصري فالشخص المعتدي في هذه الحالات يعاني من انحرافات سلوكية وغرائز حيوانية. ويعاني من خلل نفسي وعقلي، مشيرة أن أحد أهم الأسباب في وجود تلك الحالات هو تراجع القيم الدينية فبعد أن كان قيم العمل والإنتاج والقيم الدينية هي التي تسيطر على المجتمع فإن هذه القيم تراجعت وأصبح يحل محلها أساليب البلطجة والعنف في الشارع، بالإضافة إلي انعدام الوازع الديني.
وتضيف إن المغتصب يفتقد القيم الأخلاقية والدينية، لا ينظر إلي الصغير كونه كائنًا ضعيفًا جديرًا بالشفقة محتاجا إلي الرعاية والحماية، بل هو شخص ضعيف لايستطيع المقاومة ويستطيع المعتدي في السيطرة عليه لتفريغ غرائزه الحيوانية المسيطر عليه، ولذلك لا يثير الصغير لديه أي مشاعر حنان، بل رغبات جنسية تبيح له استغلال جسده دون أن يعير الفوارق الجسدية أو المحرمات أو الممنوعات أي اعتبار، بل يشكل إيذاء أولئك الصغار مصدر إشباع غرائزي، فهو شخص فاقد الحس الأخلاقي والديني، اضطربت لديه معاني الحلال والحرام والضوابط والنواهي.
وأشارت إلي أن الشخص المغتصب في حالات الأطفال وخاصة في مثل تلك الحالات من طفلة رضيعة لايتعدي عمرها السنتين هو شخص غير سوي لا يمتلك رغبة في شخص معين، ويريد إفراغ طاقته بأي طريقة، ويلجأ للأطفال لكونهم لا يمتلكون الإرادة، ويستخدم الجاني العنف للسيطرة وإخراج طاقته العدوانية، كما أنه لا يمتلك التواصل مع الآخرين ويخترقهم من خلال الإجرام، وقد يكون تعرض لحادث اغتصاب أو اعتداء من قبل فيحاول الانتقام.
وتستطرد. أن ظهور شخصيات منحرفة من هذا النوع إلي المسلسلات والأفلام التي أصبحت تعرض مشاهد العنف والبلطجة والمشاهد الجنسية والخليعة بدون أية رقابة عليها من الدولة ودون مراعاة لقيم وعادات المجتمع. وقالت: للأسف هناك من يقلد أعمال البلطجة، التي تعرض في الأفلام في الشارع وأصبحت تلك الشخصيات هي قدوة لنوعية من الشباب، ولا بد من تجديد الخطاب الديني، الذي ينادي به الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الرئاسة، فلو تم تجديد الخطاب الديني وعادت القيم والأخلاق والوازع الديني لن تحدث مثل تلك الجرائم.
وأخيراً المغتصب في هذه الجرائم لابد أن تكون محاكمته علنية وفيها شفافية للشعب حتي تكون عبرة لأي شخص يفكر تسول له نفسه في الإقدام علي هذه الجريمة، ولابد أن تكون جلسات المحاكمة معلنة أيضًا حتي يتعظ أي شخص، ولابد من تغليظ العقوبة والإعدام هو أقل عقاب لهذا الشخص، الذي تجرد من المشاعر الإنسانية، وسيطرت عليه غرائزه الحيوانية
الاستماع الي الطفل
قال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، إنه عند تعرض طفل للتحرش أو الاعتداء الجنسي، من الضروري للغاية أن يحافظ الوالد أو الوالدة على هدوئه عند استماع الطفل، دون أن يظهر علي وجهه الخضة أو الفزع، حتي لا يرهب الطفل أو يشعره بالذنب، مؤكدًا أهمية أن تكون ملامح الوجه هادئة عند استماع الطفل، دون رفع صوت أو عقاب أو نظرات لوم، مع احترام فترات صمت الطفل. وعدم مطالبته بالإسراع في الكلام أو الضغط عليه.
وأضاف هندي أنه من الخطأ توجيه الاتهام للطفل أو العتاب. مثل القول: "أنت اللي رحت"، بل يجب الاستماع جيدًا بتأني،. وتشجيعه على الحديث عبر لغة جسد مطمئنة، مثل هز الرأس، وإبلاغه بأن روايته مهمة.
وأشار هندي إلي ضرورة عدم معاقبة الطفل مطلقًا، واتخاذ إجراء فوري تجاه المعتدي، موضحًا أن أهم خطوة في علاج الطفل نفسيًا هي رؤيته لحقه وهو يعود إليه من خلال التقدم بشكاوي رسمية، واللجوء للجهات المختصة، وفحص الكاميرات والتحقيق، مما يمنحه شعورًا بالأمان والإنصاف.
أما فيما يخص النصائح للحفاظ علي صحة الطفل نفسيًا بعد الواقعة، أكد د. عندي أنه بعد الواقعة يجب عدم ترك الطفل ينام بمفرده، وألا ينام في الظلام، بل في غرفة مضاءة وبجواره أحد الوالدين، مع منع زيارة الأقارب أو محاولة تطمينه بشكل جماعي، ناصحًا بجعل الطفل يحكي للمدرس المحبب إليه كي يساعده علي التعبير أكثر.
إيذاء نفسي
تقول د. أمل شمس استاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس أن المدرسة والأسرة يقع عليهم العبء الأكبر بسبب أن المدرسة عليها مراقبة ومتابعة سلوك العاملين بها مع التلاميذ وتحديدا الاطفال الصغار وعن هل يحدث الإعتداء الجنسي إيذاء نفسي وهو بالتأكيد نعم، فإن الطفل الذي يتعرض لجريمة مثل الاغتصاب والتحرش تكون مثل البقعة علي الملابس تبقي ومستمرة حتي يتم إزالتها.
وتضيف خبير علم النفس التربوي، أن المدرسة تقع عليها المسؤلية الأولي في حماية الأطفال من أي اعتداء يقع بداخلها وذلك بمجرد دخول الطفل اليها، ولا تقتصر مسؤوليتها على حماية الأطفال فحسب من أي اعتداء جنسي يغتال طفولتهم، بل يمتد دورها إلي تنمية سمات الشخصية السوية والايجابية لديهم، ويمكن أن تحقق المدرسة تلك الأدوار من خلال عدة وسائل منها التدقيق الشديد في اختيار العاملين بها سواء من أعضاء هيئات التدريس أو الاداريين أو العمال أو غيرهم كذلك عقد مقابلات شخصية المتقدمين للعمل بها من خلال الاستعانة بمتخصيين في مجال علم النفس للكشف - من خلال تطبيق أدوات ومقاييس نفسية معينة- عن من لديهم ميول للانحراف السلوكي من بينهم، واستبعادهم من التعيين ولابد تركيب كاميرات مراقبة في كافة أرجاء المدرسة بما يسمح برصد اي حالات فيها نية الانحراف.
وتضيف يجب تعدد مستويات الرقابة والمتابعة على العاملين بالمدرسة لتشمل أكثر من مستوي ومن الضروري التحقيق الفوري في أي بلاغات تأتي من أولياء الأمور بخصوص تجاوز أي عامل بحق الطلاب ولو حتي بالنظرات غير المناسبة.
وتشير استاذ علم الاجتماع لابد الإحالة للتحقيق الفوري والذي قد يصل إلي النيابة في حالة المخالفات الجسيمة من قبل العاملين بالمدرسة.
كتبت - أماني ابراهيم:
أشادت الدكتورة سحر السنباطي، رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالقرارات الحاسمة التي اتخذها محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بشأن واقعة مدرسة "سيدز الدولية" بمدينة السلام بمحافظة القاهرة، والتي عكست التزامًا جادًا بحماية أبنائنا وضمان بيئة تعليمية آمنة تصون حقوق الطفل وكرامته.
وثمّنت السنباطي سرعة تحرك وزارة التربية والتعليم، وإيفاد لجنة موسّعة للتحقيق في ملابسات الواقعة، وصولًا إلي القرار بوضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري الكامل للوزارة، وإحالة جميع المسؤولين المتورطين في التستر أو الإهمال الجسيم إلي الشؤون القانونية، مؤكدةً أن ما اتُّخذ من إجراءات يبعث برسالة واضحة مفادها أن أمن وسلامة الأطفال خطّى أحمر لا يُسمح بتجاوزه تحت أي ظرف.
وأوضحت رئيسة المجلس أن الإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس تابعت الواقعة منذ اللحظة الأولي لرصد وتلقي الشكوي، حيث تبيّن تعرّض خمسة أطفال لاعتداءات جنسية من قبل أربعة من العاملين بالمدرسة، وذلك عقب ملاحظات والدة أحد الأطفال لحدوث تغيرات في سلوكه وإفصاحه عمّا تعرّض له، وقد توجه أولياء الأمور إلي المدرسة، وتعرّف الأطفال علي المتهمين، فحرّر أولياء أمور ثلاثة أطفال محاضر رسمية، ثم انضم إليهم لاحقًا أولياء أمور طفلين آخرين بعد تلقي بلاغاتهم عبر خط نجدة الطفل "16000".
وأكدت السنباطي أن وحدة الدعم القانوني بالمجلس تتولي متابعة سير التحقيقات وتقديم كافة أوجه المساندة القانونية لضمان حقوق الأطفال وحمايتهم، مشيرةً إلي أن النيابة العامة قامت بسؤال الأطفال وأهاليهم وإجراء المعاينات اللازمة، وقد صدر قرار بحبس المتهمين احتياطيًا علي ذمة التحقيق، مع عرض الأطفال علي مصلحة الطب الشرعي لاستكمال الإجراءات.
كما اكدت "السنباطي"، أن فريقًا من الأخصائيين النفسيين التابعين للمجلس سيزور الأطفال وأسرهم للبدء في تنفيذ خطة متكاملة للدعم والتأهيل النفسي، باستخدام أساليب علاجية حديثة للتعامل مع القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بما يسهم في تعزيز شعور الأطفال بالأمان واستعادة ثقتهم بأنفسهم وتحسين تفاعلهم الاجتماعي.
وأدانت السنباطي الواقعة بأشد العبارات، مؤكدةً أن المتهمين يواجهون تهمة الخطف المقترن بهتك العرض، وهي جريمة تصل عقوبتها إلي الإعدام وفقًا لأحكام المادتين "289" و"290" من قانون العقوبات، وشددت علي أن أي انتهاك لحرمة الطفل أو التعرض لحقوقه وكرامته سيُواجه بأقصي درجات الحزم ضمانًا للملاحقة القانونية وحماية الأطفال من أي أذي، مؤكدةً أن سلامة الأطفال وحرياتهم الجسدية والنفسية أولوية مطلقة لا تقبل التهاون.
وناشدت السنباطي الأهالي والأسر عدم التستر أو السكوت عن أي واقعة قد تمس سلامة الأطفال أو حقوقهم، مشددةً علي أن حماية الأطفال مسئولية مشتركة، وأن سرعة الإبلاغ تسهم في التدخل الفوري ومنع تفاقم الأذي، ودعت جموع المواطنين إلي التواصل مع خط نجدة الطفل "16000" علي مدار 24 ساعة، أو من خلال تطبيق واتس آب علي الرقم "01102121600"، للإبلاغ عن أي انتهاك أو اشتباه في تعرّض أي طفل للخطر.
اترك تعليق