هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

المحليات ترفع درجة الاستعدادات.. لعبور الشتاء بلا مفاجآت

إدارة ذكية باستراتيجيات ميدانية.. تطوير كامل للبنية التحتية
رصد الأخطار لتحويل التحديات إلى فرص للتنمية والازدهار
الخـــــــبراء:
التنسيق بين الوزارات والمحافظات لاحتواء الأمطار والنوّات
خطة متكاملة لتطهير الشبكات ومخرات السيول ورصد
لحظى لمسارات تجمع المياه بالمناطق الحيوية
التوسع في إنشاء السدود والحواجز المائية لمواجهة التداعيات المناخية

في ظل التحولات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم، وما تسببه من ظواهر جوية حادة تتراوح بين السيول الغزيرة والعواصف المفاجئة، تكثف الدولة المصرية جهودها للاستعداد المبكر لموسم الشتاء، حفاظًا على الأرواح والمنشآت وضمان سير الحياة اليومية دون تعطّل.


ومع اقتراب موجات الأمطار، تتكامل الأدوار بين الوزارات والمحافظات وخبراء المياه والبيئة، لتشكّل منظومة وطنية متماسكة هدفها مواجهة المخاطر قبل وقوعها، وتحويل التحديات المناخية إلى فرص للتخطيط المستدام والاستفادة المثلى من كل قطرة ماء.

وتعتمد الخطة الإستباقية لاستقبال موسم الشتاء على عدة محاور أبرزها: تطهير جميع مطابق وشبكات الصرف الصحي، والبدء في تطهير جميع الشنايش وبالوعات الأمطار داخل المحافظات، بالإضافة إلى إجراء الاختبارات على جميع الأنفاق والأماكن المنخفضة وتطهير صفايات المطر وخطوط الصرف الصحي ومحطات الرفع على مستوى إقليم القناة، للتأكد من كفاءة عملها على الوجه الأمثل لمواجهة أي تجمعات لمياه الأمطار أو أي سيول محتملة استعدادًا لموسم الشتاء.

د. علاء الناظر:
الأجهزة الحكومية تمتلك خبرات
تؤهلها لمواجهة الأزمات

قال د. علاء الناظر، أستاذ الإدارة العامة والمحلية، إن هناك تغييرات كبيرة في المناخ والطقس الذي تعودنا عليه خلال العقود الماضية، حيث كان يتميز مناخ مصر بأنه دافئ ممطر شتاءً، حار جاف صيفًا، ولم يعد الأمر كذلك، حيث نرى تغيرات مناخية بموجات حرارة شديدة وشتاءً شديد البرودة وأمطار وسيول غزيرة في أماكن متفرقة على مستوى الجمهورية، وتتزايد في المناطق الساحلية والدلتا وشمال وجنوب سيناء، وتتسبب في إغراق بعض الشوارع والأحياء والأسواق.

وأضاف أن سقوط الأمطار بغزارة وفي أوقات غير معتادة أصبح أمرًا متكررًا، وتزداد خطورته عندما يكون مصحوبًا برياح شديدة مما يعرض حياة المواطنين للخطر من تهدم مبانٍ قديمة أو سقوط أشجار وأعمدة وإعلانات في الشوارع، وغرق الشوارع بالمياه وتعطل المرور لساعات طويلة.

وأكد أن الأمر أصبح أكثر تعقيدًا بما يحدث من كوارث طبيعية في دول وأماكن قريبة من مصر مثل ليبيا، وما حدث فيها من فيضانات أدت إلى كارثة حقيقية بانهيار المباني وإزالة أحياء كاملة ووفاة آلاف السكان، سواء من تهدم المنازل أو بالغرق في الفيضانات، وما زال معظمهم مفقودًا تحت الأنقاض أو في مياه البحر.

وأوضح د. الناظر أنه مما لا شك فيه أن الدولة والأجهزة الحكومية والوحدات المحلية والأحياء أصبحت لديها الخبرات الكافية لمواجهة الأزمات المختلفة، ويجب أن يكون لديها سيناريوهات عديدة لمواجهة الأخطار المحتملة، واتخاذ خطوات استباقية للتعامل معها، ووجود خطة محكمة للانتشار السريع للمعدات وفرق الطوارئ والتواجد بالشوارع في حالة حدوث الأزمة.

وأشار إلى أهمية التنسيق الكامل مع الجهات المعنية مثل شركات المياه والصرف الصحي والكهرباء والغاز، في ظل منظومة متكاملة لمواجهة الأزمات المحتملة والتخفيف من أخطار السيول والأمطار الغزيرة، وسرعة تطهير المخرات وبالوعات تصريف المياه وشبكات الصرف بالشوارع والطرق وأسفل وأعلى الكباري والأنفاق، وتجهيز سيارات ومعدات وماكينات شفط المياه، والعمل على الاستفادة من مياه الأمطار بتخزينها وجعلها مصدرًا لري الزراعة وتوفير مياه الشرب وإنشاء مشروعات تنموية.

وأكد أنه قد حان الوقت لاتخاذ الخطوات الاستباقية وعمل الاستعدادات الكاملة قبل حدوث الأزمة، ولا ننتظر وقوع الكوارث والأزمات حتى نتحرك، ووقتها يكون قد فات الأوان، ومن الجدير بالذكر أن النشرات التي تصدرها هيئة الأرصاد الجوية تعد الإنذار المبكر الذي يجب الاهتمام به ومتابعته والعمل على أخذ الاحتياطات اللازمة في حالة عدم استقرار الطقس والتوقع بسقوط أمطار.

د. حمدي عرفة:
إقامة السدود بالأماكن الصحراوية
للاستفادة بكل قطرة مياه

أفاد د. حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشاري البلديات الدولية، أن المحافظين وما يتبعهم من قيادات الإدارة المحلية في 27 محافظة، بالتنسيق مع وزارتي الري والزراعة، عليهم الاهتمام الكامل بملف السيول.

وتابع: طبقًا لقانون الإدارة المحلية رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩، يلتزم مدير الأمن بإخطار المحافظ فورًا بالحوادث ذات الأهمية الخاصة لاتخاذ التدابير اللازمة في هذا الشأن بالاتفاق بينهما، وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات.

وأضاف أن الصرف الصحي المطلوب تسليكه قبل السيول يعد من الخدمات التي نص القانون على أن المحافظ مسؤول عنها من ناحية الإشراف والمتابعة، علاوة على أن المادة رقم ٢٧ من القانون ذاته تنص على أن المحافظ يتولى بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الإدارة المحلية جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيسًا لجميع الأجهزة التنفيذية.

وأوضح د. عرفة أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي تعد من شركات القطاع العام التابعة للشركة القابضة، وتخضع لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، وتخدم 27 محافظة، ويوجد بها 409 محطات وعدد من محطات معالجة الصرف الصحي، ويوجد 45 ألف كيلو متر بإجمالي أطوال شبكات الصرف الصحي، و8.2 مليون عدد الاشتراكات، ولا تشمل محطات المدن الجديدة، مع العلم أن عدد العمالة يبلغ 129 ألف عامل و485 فردًا، منهم 42 ألف عامل و894 إداريًا، بينما يبلغ عدد المهندسين 4702 فرد فقط.

وأشار إلى ضرورة الاستعداد التام هذا العام للاستفادة من مياه الأمطار، لأن العام الماضي تجاوزت كمية الأمطار 670 ألف كيلومتر مكعب من المياه في أقل من ساعتين، في مساحة تمثل 25% فقط من مدينة القاهرة، وهو ما لم يحدث في تاريخ مصر سابقًا.

وأضاف أن المحليات يمكنها أن تستفيد من مياه السيول والأمطار من خلال عمل "هرابات" ومصايد للأمطار خاصة على الساحل الشمالي بدءًا من الإسكندرية وصولًا إلى مطروح والسلوم، وفي المناطق الساحلية الأخرى، ولا بد من إقامة سدود بالأماكن الصحراوية لتخزين المياه مثل سد الروافعة في سيناء، إلى جانب هرابات ومخرات سيول بمحافظات الصعيد.

وأكد أن مياه الأمطار يمكن أن تتحول من نعمة إلى أزمة إذا أُهملت إدارتها، وأنه يمكن إنشاء شبكات أمطار في الأماكن الأكثر تعرضًا للسيول، واستكمال تحسين شبكة الصرف الصحي، وهو ما يتم فعليًا في عدد من المحافظات.

وأشار إلى أن وزارة الري والموارد المائية بالتعاون مع المحافظين مسؤولة عن تجميع مياه الأمطار، بينما تتولى وزارة الزراعة التحكم في تصريفها واستخدامها، وهناك لجنة تنسيقية عليا بين الوزارتين للاستفادة من مياه الأمطار ومعالجة مشكلات السيول أو انسداد المخرات.

وأضاف مستشهدًا بقوله تعالى: "وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا"، وقوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً"، مؤكدًا أن الأمطار نعمة من الله، ولكن إهمال المحليات في إدارتها يحولها إلى نقمة.

وأشار إلى أن كميات الأمطار التي تسقط أحيانًا تتجاوز قدرة الشبكات الحالية التي لا تستوعب أكثر من 5 ملليمترات، في حين أن نسبة الأمطار السنوية على مصر كبيرة جدًا، ومعظمها يسقط في مناطق صحراوية يمكن الاستفادة منها في زراعة ما يقرب من 4 ملايين فدان على الأقل.

وأوضح أنه يجب مراجعة جميع المصبات الخاصة بتصريف المياه، ومناشدة جميع النوادي والفنادق المطلة على الكورنيش بعدم إغلاقها، استنادًا إلى توقعات هيئة الأرصاد الجوية، مؤكدًا مسؤولية مديريات الطرق والري في كل محافظة عن سلامة الطرق والمخرات، وأن كل محافظ يشرف على تنفيذ تلك الإجراءات داخل نطاق محافظته.

كما أكد ضرورة التنسيق الكامل بين الوزراء والمحافظين، مشيرًا إلى أن متوسط حجم الأمطار الساقطة في كل محافظة يصل إلى (4 ملايين و600 ألف متر مكعب)، وهي كافية لزراعة 700 ألف فدان.

وأشار إلى وجود 896 مخر سيل صناعيًا تم إنشاؤها منذ عقود، وكان يجب على وزارة الري الاهتمام بها بصورة أكبر للاستفادة من السيول في الزراعة ومياه الشرب وشحن المياه الجوفية.

وأوضح أن هناك 14 محافظة معرضة للسيول سنويًا، منها شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر وسوهاج وأسيوط وقنا وأسوان والمنيا وبني سويف والفيوم والسويس والإسماعيلية والقاهرة والأقصر.

وأكد أهمية الإعلان عن خطة استراتيجية قومية للتعامل مع ملف السيول وانتشار البرك في الشوارع، مشيرا الي أن هناك 126 محطة أرصاد يمكن الاستفادة منها بالتعاون مع مركز دعم اتخاذ القرار، وأن كل محافظة تحتاج إلى 400 مليون جنيه على الأقل لتطهير وصيانة وإنشاء المخرات السنوية.

وأضاف أن تكلفة سد الإعاقة تبلغ نحو 2 مليون جنيه، بينما تصل تكلفة إنشاء الخزان إلى 250 ألف جنيه، والسد العادي إلى مليون جنيه، مؤكدًا أن أغلب الوحدات المحلية القروية لا تمتلك سوى سيارة واحدة لشفط المياه.

د. الحسين حسان:
الاستعداد المبكر لتجنب الكوارث
والحفاظ على الأرواح والمنشآت

قال د. الحسين حسان، الخبير في التنمية الريفية والمشروعات الصغيرة، إن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله، وقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة سيولًا وأمطارًا غزيرة في مناطق لم تكن معتادة عليها من قبل، وهو ما يستدعي التحرك السريع والاستعداد المبكر لمواجهة أية تقلبات جوية قد تهدد حياة المواطنين أو تتسبب في خسائر مادية فادحة.

وأوضح أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة في هذا الملف، حيث يتم تنفيذ العديد من مشروعات الحماية من أخطار السيول في مختلف المحافظات، من بينها إنشاء سدود وبحيرات صناعية لتجميع مياه الأمطار والاستفادة منها في الري، إلى جانب مشروعات رفع كفاءة شبكات الصرف والمخرات.

وأشار إلى أهمية مشاركة المجتمع المحلي في مواجهة هذه الظواهر، من خلال التوعية المستمرة للمواطنين بضرورة الحفاظ على مخرات السيول وعدم البناء أو إلقاء المخلفات بها، إلى جانب ضرورة وجود غرف عمليات مركزية في كل محافظة تعمل على مدار الساعة خلال فصل الشتاء لمتابعة حالة الطقس واتخاذ الإجراءات الفورية عند الحاجة.

وأكد أن الاستفادة من مياه الأمطار تمثل فرصة كبيرة لتعزيز الأمن المائي، خاصة في ظل محدودية الموارد المائية في مصر، مشيرًا إلى أن ما يُهدر من مياه الأمطار يمكن أن يكون مصدرًا إضافيًا لري الأراضي الجديدة أو دعم الخزان الجوفي، وهو ما يتطلب خططًا مدروسة للاستغلال الأمثل.

وأضاف أن التخطيط المسبق هو كلمة السر لتجنب الكوارث، موضحًا أن التجربة الليبية الأخيرة أكدت أن الإهمال في صيانة السدود ومخرات السيول يؤدي إلى نتائج كارثية، وأن مصر بحكم خبراتها السابقة أصبحت أكثر وعيًا بضرورة الجاهزية الكاملة لموسم الشتاء.

أمجد عامر:
نشر الوعى وتدريب الكوادر
لإنجاح الخطة الوطنية لإدارة الأزمات

أكد الكاتب الصحفي أمجد عامر، أن نجاح خطة الدولة في مواجهة الأمطار والسيول يعتمد بالدرجة الأولى على التنسيق الفعّال بين الجهات المختلفة، وفي مقدمتها وزارات الري والإسكان والتنمية المحلية، إلى جانب المحافظين والأجهزة التنفيذية في كل محافظة.

وأوضح أن السنوات الماضية شهدت تطورًا كبيرًا في أسلوب إدارة الأزمات، حيث أصبح هناك وعي أكبر بضرورة التحرك المبكر قبل سقوط الأمطار، وإجراء محاكاة ميدانية للتعامل مع الحالات الطارئة، وهو ما ساهم في الحد من الخسائر المادية والبشرية في العديد من المحافظات.

أشار إلى أن الإعلام له دور مهم في هذا الإطار، من خلال نشر الوعي بين المواطنين بضرورة التعاون مع الأجهزة التنفيذية، والإبلاغ الفوري عن أي انسداد في البالوعات أو تجمع للمياه، فضلًا عن نشر الإرشادات التي تصدرها هيئة الأرصاد الجوية بشكل دوري.

وأضاف أن الدولة تنفذ سنويًا مئات المشروعات في هذا المجال، سواء لحماية المدن الساحلية من الغرق أو لتأهيل شبكات الصرف القديمة، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت تمتلك خبرات فنية وهندسية قادرة على التعامل مع أي طارئ مناخي.

أكد عامر أن الاستعداد الجيد لا يقتصر على المعدات فقط، بل يشمل العنصر البشري، إذ يجب تدريب فرق الطوارئ والعاملين بالمحليات وشركات المياه على آليات التدخل السريع، والعمل بروح الفريق الواحد، تحت مظلة غرفة عمليات مركزية على مستوى الدولة.

واختتم قائلاً: إن مصر قادرة على مواجهة التحديات المناخية بكفاءة، طالما وُجد التخطيط العلمي المسبق والتعاون الجاد بين جميع مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن الوعي الشعبي يُعدّ شريكًا أساسيًا في إنجاح أي خطة وطنية لمواجهة الأزمات.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق