هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

دراسة تكشف العلاقة بين شيب الشعر والسرطان

قد يبدو الشعر الرمادي أو شيب الشعر مجرد علامة على التقدم في العمر، لكنه في الحقيقة قد يكون انعكاسًا لآلية خفية أعمق بكثير داخل خلايانا. دراسة علمية حديثة كشفت كيف يمكن لتلف الحمض النووي أن يحدد ما إذا كانت خلايا الجسم تختار طريق “الشيخوخة الوقائية” أم الانزلاق نحو السرطان.


وفق "ساينس ديلي" فقد توصل فريق بحثي من جامعة طوكيو إلى اكتشاف علمي جديد يفسر الرابط المعقد بين شيب الشعر وتطور السرطان، مؤكدين أن الحالتين قد تكونان وجهين لعملة واحدة. الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Cell Biology في أكتوبر 2025، قادتها البروفيسورة إيمي نيشيمورا والأستاذ المساعد ياسواكي موهري، واستهدفت فهم كيفية استجابة الخلايا الجذعية لتلف الحمض النووي على المدى الطويل.

تركز البحث على الخلايا الجذعية الصباغية (McSCs)، وهي المسؤولة عن إنتاج الخلايا المكوّنة للصبغة التي تمنح الشعر والبشرة لونهما الطبيعي. توجد هذه الخلايا في منطقة معينة من بصيلات الشعر تُعرف بـ “منطقة الانتفاخ تحت الانتفاخ”، حيث تبقى في حالة غير ناضجة حتى يتم تحفيزها أثناء دورات نمو الشعر وتجديد الجلد.

من خلال استخدام تقنيات تتبع السلالات الجينية وتحليل أنماط التعبير الجيني في الفئران، وجد العلماء أن تلف الحمض النووي المزدوج يؤدي إلى عملية تُعرف باسم التمايز المقترن بالشيخوخة (Seno-differentiation)، وهي آلية تجعل الخلايا الجذعية تنضج بشكل مبكر وتفقد قدرتها على التجدد. النتيجة الظاهرة هي تحوّل الشعر إلى اللون الرمادي.

ويُدار هذا المسار الوقائي عبر إشارات p53-p21، وهي إشارات تُفعّل استجابة الشيخوخة كنوع من الدفاع الذاتي. فعندما تشعر الخلايا الجذعية بالخطر الجيني، تُفضّل التضحية بنفسها على المخاطرة بالتحول إلى خلايا ضارة.

لكن المدهش أن هذا المسار لا يعمل دائمًا. عندما تتعرض الخلايا الجذعية لبعض العوامل المسرطنة مثل الأشعة فوق البنفسجية (UVB) أو مواد كيميائية مثل 7,12-ثنائي ميثيل بنز(أ)أنثراسين، فإنها تتجاهل آلية الشيخوخة الوقائية وتستمر في الانقسام الذاتي، مدعومةً بإشارات تُرسلها الأنسجة المجاورة عبر بروتين يُسمى KIT ligand. هذا التفاعل يمنع الخلايا من الدخول في التمايز الوقائي، مما يجعلها عرضة للتحوّل السرطاني.

تقول نيشيمورا: "تُظهر نتائجنا أن نفس الخلايا الجذعية يمكن أن تسلك طريقين متناقضين: إما الإرهاق الوقائي المؤدي إلى الشيب، أو التوسع الذاتي الذي قد يؤدي إلى السرطان، اعتمادًا على نوع الضرر وإشارات البيئة المحيطة."

ويؤكد الباحثون أن النتائج لا تعني أن الشيب يحمي من السرطان، بل أن ما يحدث داخل الخلايا هو خيار بيولوجي بين الفناء أو الخطر. فإذا نجحت الخلايا في تشغيل آلية التمايز الوقائي، تتوقف عن التجدد وتُزال بشكل آمن. أما إذا فشلت، فقد تظل حية رغم تلفها، لتصبح نواة محتملة لنشوء الأورام.

تُبرز هذه الدراسة الدور المزدوج للحمض النووي في تحديد مصير الخلايا، وتربط بين آليات الشيخوخة، والسرطان، وعمليات التحلل السِنولوجي، وهي الطريقة التي يتخلص بها الجسم من الخلايا التالفة لحماية نفسه من التحوّل الخبيث. وبهذا، يقترب العلم خطوة إضافية من فكّ لغز التوازن الدقيق بين البقاء والدفاع الذاتي في نسيج الإنسان.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق