الجنايات:
السجن 3سنوات والأسرة تنازلت عن الحق المدني

في واحدة من أكثر الجرائم قسوة وغرابة التي شهدتها محافظة الشرقية خلال السنوات الأخيرة، تجرد شاب حاصل على بكالوريوس صيدلة من إنسانيته، وارتكب جريمة مروعة داخل منزل أسرته بمركز أولاد صقر، حين خنق والدته حتى فارقت الحياة، زاعمًا أنه “كان يعالجها من السحر والجن”.. بينما كانت كاميرا هاتفه تبث المشهد مباشرة على “فيس بوك” وسط ذهول المتابعين.

مأساة بدأت بوهم وانتهت بموت الأم
داخل بيت بسيط في إحدى قرى مركز أولاد صقر، كانت السيدة “رضا. ع”، 49 عامًا، تعيش مع نجلها الوحيد “أحمد ع.”، صيدلي شاب معروف بين الجيران بهدوئه واجتهاده، لكن الأيام الأخيرة قبل الواقعة شهدت تحوّلًا غريبًا فى سلوكه، إذ بدأ يتحدث عن “سحرٍ أصاب والدته” ويدّعي أن “جنًا” يسكن جسدها ويعذبها.

 تفاقم الوهم حتى تحول إلى قناعةٍ راسخة في ذهنه، فقرر أن يعالجها بنفسه، كما قال لاحقًا في اعترافاته أمام النيابة.

لحظات الرعب “على الهواء”
يوم الجريمة  أمسك الشاب بيديه عنق والدته، وهو يردد كلمات غير مفهومة، محاولًا “إخراج الجن”، كما ظن. لم يشعر بنفسه إلا بعد أن سكنت حركتها تمامًا، لكن الصدمة الكبرى أنه كان يُصور ما يجري في بث مباشر عبر صفحته على فيسبوك.

 ظهر في الفيديو وهو يلهث ويقول: “كنت بحاول أخرج الجن منها.. كنت بعالجها”، بينما كانت والدته المسكينة تودّع الحياة.

بلاغ وصدمة في القرية
دقائق قليلة فصلت بين الجريمة وانتشار الفيديو على مواقع التواصل، لتتحرك الأجهزة الأمنية في الشرقية بسرعة.

 تلقى مركز شرطة أولاد صقر بلاغًا من الأهالي، أفادوا بأن الشاب بث مقطع فيديو “لايف” لوالدته أثناء احتضارها.

 وعلى الفور، انتقلت قوة أمنية بقيادة الرائد لطفي عاطف، رئيس المباحث، إلى موقع الحادث، لتجد الجثة مسجاة داخل المنزل، وقد تبين من الكشف الطبي أن سبب الوفاة هو الخنق.

اعترافات “مشوشة”
اعترف المتهم أمام النيابة قائلاً:“كنت بحاول أطلع الجن منها.. مكنتش قاصد أقتلها، كنت بعالجها من السحر، الجن أمرني أعمل كده.”

فيما أكد أفراد أسرته أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية منذ فترة، ويتردد على الأطباء لتلقي العلاج.

حكم المحكمة
بعد أشهر من التحقيقات، أُحيل المتهم إلى محكمة جنايات الزقازيق في القضية رقم 4440 لسنة 2025، والمقيدة برقم 595 كلي شمال الزقازيق، بتهمة القتل العمد بدون سبق إصرار.. وبعد نظر القضية وسماع المرافعات، قضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الغفار أبو المجد، وعضوية المستشارين رزق السيد عبد الباقي، وأحمد سويلم، ومحمد عبد الله عباس، بالسجن 3 سنوات للصيدلي، بعدما تنازلت أسرة المجني عليها عن الحق المدني.

جريمة تهز الضمائر
لم تكن الجريمة مجرد حادث عائلي مأساوي، بل ناقوس خطر يدق في وجه المجتمع كله، إذ تكشف عن خطر الجهل والخرافة حين تمتزج بالاضطراب النفسي.

 تحولت الأم التي وهبت حياتها لابنها إلى ضحية لخلل في الوعي، وسقوط في هوّة “الوهم” الذي جعل ابنها يرى في الموت علاجًا، وفي الجريمة خلاصًا من “السحر”.