في تجربة فنية تُشبه فتح ضريح في ذاكرة الزمن، أنهى المخرج سامح غالي تصوير فيلمه الجديد "فارس أنطاكيا"، الذي يُعيد إلى الضوء سيرة شهيد قبطي منسي، أقلاديوس العزب، المعروف بين الأوساط الشعبية باسم "أبوحلقة"، في عمل سينمائي هو الأول من نوعه داخل الدراما القبطية.
الفيلم لا يكتفي بسرد حكاية شهيد، بل يُحوّل بطولته إلى مشهد بصري حي، ينقلك من أنطاكيا إلى قلب صعيد مصر، حيث دُفن جسد وقديس، وبقيت قصته تنتظر من يُنقذها من صمت القرون.
جاء هذا العمل كمحاولة فريدة لرد الجميل إلى أرواح الشهداء التي لم تروَ قصصها بعد.
الفيلم يأتي برعاية قداسة البابا تواضروس الثاني، وبإشراف نيافة الأنبا توماس مطران القوصية ومير، ومجموعة من آباء الكنيسة الذين واكبوا مراحل إنتاجه، من بينهم: القمص إسحق يعقوب، والقس جوارجيوس شاكر، والقس فيلوباتير القمص صليب، الذي قاد رحلة البحث المضنية عن المخطوطات والوثائق التاريخية النادرة، لتوثيق أدق تفاصيل حياة الشهيد.
"فارس أنطاكيا" يسرد رحلة أقلاديوس من أنطاكيا إلى قرية مير بمحافظة أسيوط، حيث استشهد ودُفن في الكنيسة التي تحمل اسمه، ويُحتفل بذكراه في 11 بؤونة من كل عام، وسط توافد الآلاف من الزائرين.
الفيلم من تأليف وسيناريو ماهر ذكي، ومراجعة نشأت زقلمة، وتصوير وائل خلف وبولا عصام، ومونتاج رامي فرح، أما الموسيقى التصويرية فهي من توقيع افرايم الفي، والمكياج لـچينو، وتصميم الأزياء لـرحمة عمر.
ويضم الفيلم نخبة من الفنانين، بينهم: استيفان منير، محسن صبري، عاصم سامي، تامر فرج، مجدي شكري، بالإضافة إلى وجوه شابة واعدة في الدراما المسيحية مثل: يوسف الأسدي، أدهم الدسوقي، مينا نبيل، وغيرهم.
وفي تصريح خاص، أكد المخرج سامح غالي أن هذا العمل يمثل تتويجًا لسنوات من الجهد في توثيق التراث القبطي، مشيرًا إلى أن الفيلم ليس مجرد دراما بل "رسالة إيمانية وإنسانية تستحق أن تُروى".
غالي، عضو نقابة المهن السينمائية، له رصيد حافل من الأعمال التسجيلية والدرامية ذات البعد المجتمعي، من أبرزها: فيلم "الراهب المضيء" بأجزائه الثلاثة، وفيلم "بيت العائلة المصرية"، وأفلام وثائقية عن شخصيات عامة مثل: مجدي يعقوب، علا غبور، هاني عازر، وفريد حبيب.
وعلى مدار عشرين عامًا، واصل غالي توثيق الأحداث التي تمس المجتمع المصري والقبطي على السواء، من خلال تعاون مثمر مع مؤسسات إعلامية وخيرية، واستخدام الفن كوسيلة للتغيير وخدمة الفئات المهمشة.
اترك تعليق