بعد نجاح الحزمة الأولي من التسهيلات الضريبية وتحقيقها نتائج إيجابية في تعزيز الثقة بين الدولة والممولين. تستعد وزارة المالية متمثلة في مصلحة الضرائب بطرح الحزمة الثانية من التسهيلات والتيسيرات لجذب المزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية ولدعم الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال.
حيث أكد أحمد كجوك وزير المالية أنه سيتم إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية آخر الشهر. وطرحها للحوار المجتمعي في نوفمبر المقبل. وسنركز علي شركائنا الممولين الحاليين بمجموعة من الإجراءات المحفزة في إطار مسار الثقة واليقين الضريبي. مؤكدًا أننا نعمل علي إصلاحات مهمة لخفض الأعباء والالتزامات الضريبية. وتحسين جودة الخدمات بهدف مساندة الممولين. وتعميق الثقة
ومن جانبهم أشاد خبراء الاقتصاد بنتائج الحزمة الأولي علي أرض الواقع. وأن نتائجها الإيجابية كانت دافعاً كبيراًً لمصلحة الضرائب لطرح الحزمة الثانية التي ستتضمن عدداً كبيراً من الحوافز والمزايا والتيسيرات لتهيئة أفضل لبيئة الاعمال. مؤكدين علي أن الحزمة الجديدة ستعمل علي استكمال مسار الثقة الذي بدأته الدولة في الحزمة الأولي. وستتضمن أيضا آليات أكثر فاعلية لتشجيع الاستثمار وتخفيف الأعباء علي الممولين.
وشدد الخبراء علي أن إطلاق هذه الحزمة الجديدة يعكس جدية الحكومة في دعم مناخ الأعمال. مؤكدين أن وضوح الرؤية الضريبية واستقرار السياسات المالية يبعث برسالة طمأنة قوية للمستثمرين المحليين والأجانب. ويدعم ثقتهم في مستقبل الاقتصاد المصري.
وأضافوا أن هذه الخطوة ستسهم في تحسين بيئة الاستثمار. وتحفيز القطاع الصناعي والإنتاجي علي التوسع وزيادة معدلات التشغيل. بما ينعكس إيجابًا علي معدلات النمو وفرص العمل خلال المرحلة المقبلة.
تنمية اقتصادية
أكد الدكتور أشرف منصور. الأستاذ بكلية التجارة وإدارة الأعمال بجامعة حلوان. أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التي تعتزم وزارة المالية إطلاقها نهاية شهر أكتوبر الجاري. وطرحها للحوار المجتمعي في نوفمبر المقبل. تُعد خطوة هامة ومتقدمة في مسار الإصلاح الضريبي الذي تتبناه الدولة المصرية. في إطار رؤيتها الشاملة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتعزيز بيئة الأعمال.
وأوضح "منصور" أن الحزمة الجديدة تأتي استكمالًا لنجاح المرحلة الأولي التي ساهمت في تعزيز الثقة بين الإدارة الضريبية والممولين. وخفّضت الأعباء المالية. وقلّلت النزاعات الضريبية. مؤكدًا أن الإصلاح الضريبي لا يقتصر علي زيادة الحصيلة. بل يسعي إلي بناء منظومة ضريبية عادلة وشفافة تقوم علي الثقة والتعاون بين الدولة والممولين.
وأضاف أن من المتوقع أن تتضمن الحزمة الثانية إجراءات أكثر مرونة في التعامل مع الممولين. من بينها جدولة المستحقات الضريبية علي فترات زمنية أطول. وتوسيع الإعفاءات وتخفيض الغرامات. إلي جانب تطوير نظام الفحص الذاتي باستخدام أدوات رقمية متقدمة تسهم في تسريع الفحص وتحسين جودة البيانات. بما يواكب التحول الرقمي الذي تنفذه وزارة المالية.
وأشار د. أشرف منصور إلي أن الحزمة ستشمل أيضًا آليات أوضح لتسوية النزاعات الضريبية. بما يرسخ العدالة الضريبية ويُسهم في توسيع القاعدة الضريبية دون فرض أعباء إضافية علي الممولين. موضحًا أن هذه الإجراءات تمثل تحولًا نوعيًا في فلسفة الإدارة الضريبية المصرية نحو التعاون والشراكة مع القطاع الخاص بدلاً من النهج التقليدي القائم علي التحصيل فقط.
ولفت إلي أن نجاح الحزمة الجديدة يعتمد علي مجموعة من المقومات الأساسية. أبرزها تبسيط أهدافها وشرح عوائدها للممولين. والاستثمار في تطوير البنية التكنولوجية للمنظومة الضريبية. مع ضمان تحقيق التوازن بين التسهيلات المقدمة واستدامة الإيرادات العامة. بجانب توفير خدمات استشارية وتوعوية مستمرة لرفع درجة الوعي الضريبي وتشجيع الالتزام الطوعي.
وأكد "منصور" أن الحزمة الثانية تمثل ركيزة أساسية للتحول نحو نظام ضريبي حديث يقوم علي الشفافية والعدالة. موضحًا أن نجاحها سيعزز تنافسية الاقتصاد المصري ويرفع من جاذبية الاستثمار المحلي والأجنبي. ويدعم شراكة مستدامة بين الدولة والممولين ضمن مستهدفات رؤية مصر 2030.
العلاقة بين الدولة والممول
يري د. ياسر شحاتة. أستاذ إدارة الموارد البشرية والتنمية المستدامة ورئيس قسم إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة 6 أكتوبر. أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية خطوة محورية نحو إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والممول علي أساس المشاركة والمسئولية المشتركة.
وأشار إلي أن أهمية هذه الحزمة لا تقتصر علي تخفيف الأعباء المالية. بل تمتد لتأسيس ثقافة ضريبية جديدة تقوم علي التعاون والتفاهم. ما يسهم في دمج الاقتصاد غير الرسمي من خلال تقديم حوافز واضحة تُعزز الإيرادات بشكل مستدام دون الضغط علي الاقتصاد القائم.
وأوضح شحاتة أن نجاح الحزمة يتطلب الدمج بين التشريع والتنفيذ والمتابعة الميدانية لضمان قياس الأثر الحقيقي للتسهيلات والتأكد من استفادة الممولين منها فعليًا. مشددًا علي ضرورة تحقيق العدالة بين مختلف الفئات لتفادي تركّز المزايا في نطاق ضيق يهدد مصداقية الإصلاح الضريبي علي المدي الطويل.
وأضاف أن إطلاق الحزمة الثانية يمثل تطورًا نوعيًا في إدارة الملف الضريبي المصري. باعتباره وسيلة لبناء استقرار اقتصادي بعيد المدي. موضحًا أن جوهر هذه الخطوة يتمثل في تحويل العلاقة بين الدولة والممول إلي شراكة تنموية حقيقية تقلص الفجوة بين السياسات المعلنة والتطبيق الواقعي.
دعم بيئة الاستثمار
أكد د.وليد الجبلي. أستاذ المحاسبة المساعد بكلية البنات القبطية بالعباسية. أن إعلان الحكومة المصرية عن إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية بنهاية الشهر الجاري. يأتي في إطار استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي الطموحة التي تنفذها الدولة بهدف تعزيز النمو وتحسين بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص.
وأوضح "الجبلي" أن هذه الحزمة الجديدة تمثل امتدادًا ناجحًا للحزمة الأولي التي أطلقت عام 2022 وحققت نتائج إيجابية واضحة. حيث ساهمت في تحقيق نمو اقتصادي بلغ 4.2% خلال العام الماضي وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري. كما أدت إلي ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 18% لتصل إلي 1.4 تريليون جنيه في العام المالي 2022/2023. إلي جانب زيادة أعداد الممولين المسجلين في النظام الضريبي بنسبة 22% ليصلوا إلي 8.5 مليون ممول. وتحسن ترتيب مصر في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال بنحو 15 مركزًا حسب تقرير البنك الدولي.
وأضاف "الجبلي" أن الحزمة الثانية تستهدف خفض العبء الضريبي تدريجيًا. بحيث تنخفض نسبة الضرائب إلي الناتج المحلي من 14.5% حاليًا إلي 12% خلال عامين. مع تخصيص حزمة تحفيزية بقيمة 10 مليارات جنيه لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تتضمن الخطة زيادة حجم الصادرات غير البترولية من 32 مليار دولار عام 2022 إلي 45 مليار دولار بحلول عام 2025. وهو ما يعكس توجه الدولة نحو تعظيم الصادرات وتحسين الميزان التجاري.
وأشار إلي أن نجاح الحزمة الجديدة يتطلب التركيز علي الشمول الرقمي وتوسيع منظومة التحول الإلكتروني. خاصة بعد أن ارتفع التحصيل الضريبي الإلكتروني بنسبة 65% خلال العام الماضي. مؤكدًا أن دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة يعد محورًا أساسيًا لنجاح المنظومة الضريبية الجديدة. باعتبارها تمثل 75% من إجمالي المنشآت العاملة في مصر وتشغل أكثر من 5 ملايين عامل.
ولفت أستاذ المحاسبة إلي أهمية تبسيط الإجراءات الضريبية من خلال تقليص زمن التسجيل من سبعة أيام إلي 24 ساعة كما هو مستهدف ضمن رؤية مصر 2030. مع ضرورة ضمان استدامة مالية حقيقية تحقق التوازن بين دعم الممولين والحفاظ علي الإيرادات الضريبية التي تمول الخدمات العامة.
وأوضح "الجبلي" أن الرقابة والمتابعة تمثل ركيزة رئيسية لنجاح الحزمة الثانية. مشيرًا إلي أهمية إنشاء نظام متابعة دقيق لقياس أثر التسهيلات الجديدة وتقييمها بشكل دوري لمعالجة أي ثغرات قد تظهر أثناء التطبيق.
كما أشار إلي أن الحزمة تواجه بعض التحديات الاقتصادية. من أبرزها ارتفاع معدل التضخم إلي 36.5% في يوليو الماضي. إلي جانب ضرورة تحقيق التوازن بين الدعم الضريبي والإيرادات الحكومية ومواكبة التطورات الضريبية العالمية المتسارعة.
ولفت إلي أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تمثل فرصة حقيقية لتعزيز مكتسبات الاقتصاد المصري. مشيرًا إلي توقعات صندوق النقد الدولي بوصول معدل النمو إلي 5.5% بحلول عام 2026. واستهداف الحكومة جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 12 مليار دولار خلال العام القادم. بما يتيح خلق نحو 750 ألف فرصة عمل جديدة سنويًا. ويعزز مسار التنمية المستدامة والإصلاح المالي في مصر.
طمأنة للقطاع الخاص
يقول الخبير الضريبي محمد سمير اسماعيل ان ما أعلنته وزارة المالية عن طرح حزمة ثانية للتيسيرات الضريبية. يعد خطوة جادة لتحفيز الإستثمار وطمأنة للقطاع الخاص. منوها الي نتائج من الحزمة الأولي ودورها في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الثقة في المنظومة الضريبية
طالب "اسماعيل" بطرح وثيقة السياسات الضريبية للحوار المجتمعي. لأن هذه الوثيقة تمثل خريطة طريق لمستقبل الإقتصاد القومي. فهي تقدم للمستثمر والممول رؤية الضرائب علي مدي السنوات الخمس القادمة. ووضوح الرؤية حول الإستقرار الضريبي. وإيجاد آلية دائمة لإنهاء المنازعات الضريبية
وعن المقترحات قال "اسماعيل" لدينا عدة مقترحات. أولها تجديد العمل بقانون (5) لسنة 2025. مع إجراء بعض التعديلات التي تسهل أكثر في حل الملفات الضريبية القديمة المتنازع عليها. والتي كانت تقف كعائق أمام إنهاء النزاع.
كما نطالب برفع حد التسجيل في ضريبة القيمة المضافة من 500 ألف إلي 3 ملايين جنيه. وأيضاً ضرورة إحتساب قيمة المساهمة التكافلية علي صافي الأرباح وليس علي مجمل الإيرادات. وكذلك نطالب مجدداً بقانون للتجاوز عن جميع الغرامات الضريبية. لدعم الثقة ما بين الدولة والممولين.
اترك تعليق