الخبراء والمستثمرون :   

تجاوب خبراء ومستثمرو السياحة مع دعوة شريف فتحي وزير السياحة والآثار إلي التفكير والتخطيط بصورة أعمق وأشمل لمرحلة ما بعد تحقيق مستهدف الوصول إلي 30 مليون سائح. مؤكدًا أن هذا الهدف يجب أن يتبعه جهد دائم ومتواصل للحفاظ علي هذا المعدل وتحقيق أعلي مستوي من الأعداد السياحية التي تستحقها مصر في ضوء إمكاناتها ومقوماتها السياحية المتميزة.

كان الوزير قد استعرض  خلال لقاء موسع مع عدد من مستثمري قطاع السياحة بالأقصر وأسوان وعدد من المدن السياحية الساحلية  مؤشرات حركة السياحة الوافدة إلي مصر خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. والتي شهدت زيادة تقرب من 22% مؤكدًا أن هذا النمو يعكس الثقة المتزايدة في المقصد السياحي المصري رغم الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة ..مشيراً إلي أن موسم الصيف الجاري شهد ارتفاعًا ملحوظًا في حركة الطيران العارض إلي عدد من المقاصد السياحية المصرية. خاصة مدن العلمين ومطروح والأقصر وأسوان.

وخلال اللقاء. تم استعراض الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين المحليين والدوليين لقطاع السياحة في مصر. إلي جانب مناقشة سبل تعزيز الاستثمار السياحي واستعراض الفرص الواعدة المتاحة في مختلف المقاصد السياحية المصرية. بما في ذلك مدن الأقصر وأسوان وشرم الشيخ والغردقة والعلمين ومرسي علم وغيرها.

كما تناول الوزير في حديثه استعرض الملامح العامة للمخطط الاستراتيجي (Master Plan) الجاري العمل علي تنفيذه لتطوير المنطقة الواقعة بين مطار سفنكس ودهشور. موضحًا أن هذه المنطقة تزخر بفرص استثمارية واعدة من شأنها تعزيز التنمية العمرانية والسياحية بها. وتوسيع نطاق الاستثمار في نطاق القاهرة الكبري.

وشدد الوزير علي ضرورة التوسع في استخدام الطاقة النظيفة داخل القطاع السياحي. مؤكدًا أهمية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في هذا المجال. لاسيما في المناطق الواعدة مثل مرسي علم. بما يسهم في تحويلها إلي وجهات رائدة للسياحة الخضراء المستدامة.

قالت غادة شلبي نائب وزير السياحة والآثار سابقا والمدير التنفيذي لغرفة المنشت الفندقية  إن دعوة  الوزير للتفكير في مرحلة ما بعد الوصول إلي 30 مليون سائح هي طرح في غاية الأهمية. لأنه ينقل الحوار من الحديث عن أرقام السائحين إلي التفكير في نوعية هذا النمو ومدي استدامته.

وخلال عملي في الوزارة. ومع خبرتي الممتدة أيضًا مع القطاع الخاص. كنت دائمًا أؤمن بأن تحقيق هذا الرقم ليس الهدف النهائي. وإنما وسيلة لقياس جودة التجربة السياحية ومدي استفادة المجتمع المحلي منها.
وبالمناسبه فقد عززت دراستي الأكاديمية الأخيرة مع جامعة كورنيل في مجال إدارة المقاصد السياحية المستدامة هذه القناعة والوصول الي هذا الهدف. حيث أكدت أهمية الانتقال من مجرد زيادة الأعداد إلي بناء منظومة سياحية متكاملة تحقق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ علي الموارد الطبيعية والثقافية.

فالمرحلة القادمة يجب أن تُبني علي تنويع المنتج السياحي وتوزيع العوائد بشكل يحقق التنمية المتوازنة في مختلف المقاصد. مع التركيز علي استدامة الموارد ورفع كفاءة الخدمات. حتي نحافظ علي ثقة الزائر ونضمن تكرار الزيارة.

مصر تمتلك من المقومات المختلفه الفريده ما يجعلها قادرة ليس فقط علي الوصول إلي 30 مليون سائح. بل علي أن تقدم نموذجًا عالميًا في إدارة النمو السياحي القائم علي الابتكار والشراكة والمسئولية.
أشادت د. ريم فوزي عضو لجنة الطيران والنقل السياحي باتحاد الغرف السياحية بدعوة  الوزير شريف فتحي إلي التفكير في مرحلة ما بعد الثلاثين مليون سائح. فهي تعكس رؤية استراتيجية متقدمة تتجاوز منطق الأرقام إلي جوهر التنمية المستدامة.  

أكدت د. ريم أن الوصول إلي هذا الرقم ليس نهاية الطريق. بل هو بداية لمرحلة جديدة تتطلب بنية تحتية أكثر تطوراً. واستثمارات نوعية في النقل السياحي. والتدريب. والرقمنة. والطاقة النظيفة.  
 أضافت علينا أن نُركّز في المرحلة القادمة علي جودة التجربة السياحية وليس فقط علي الكمّ. وأن نعمل علي توزيع الحركة السياحية جغرافيًا لتشمل مدن الصعيد وسيناء والمقاصد الجديدة مثل العلمين ومطروح. مع تعزيز التكامل بين النقل الجوي والبري والنهري.  

كذلك. فإن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستظل حجر الزاوية لتحقيق هذا الطموح. من خلال حوافز استثمارية وتشريعات مرنة تدعم الاستدامة وتواكب التحول العالمي نحو السياحة الخضراء.  

أشارت إلي أن مصر تمتلك المقومات لتكون بين أفضل 10 مقاصد سياحية في العالم. بشرط أن نُحافظ علي وتيرة التطوير ونستثمر في العنصر البشري بنفس قدر استثمارنا في المشروعات.

قال  د.عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة إن دعوة  وزير السياحة والآثار جاءت للتفكير في مرحلة ما بعد الوصول إلي ثلاثين مليون سائح سنويًا لتفتح بابًا واسعًا للتأمل في مستقبل السياحة المصرية. فالوصول إلي هذا الرقم لا يمثل نهاية الطريق بقدر ما هو بداية جديدة تستدعي تخطيطًا أوسع ورؤية أكثر شمولًا لضمان استدامة النجاح والحفاظ علي معدل النمو الذي تحقق رغم التحديات الإقليمية والدولية. فالمرحلة المقبلة تحتاج إلي إعادة صياغة الخريطة السياحية المصرية لتشمل المقاصد الجديدة والواعدة مثل مرسي علم وسيوة وسانت كاترين والعلمين ومطروح إلي جانب المقاصد الكلاسيكية كالغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان. وبذلك يتحقق توزيع أكثر عدالة للحركة السياحية ويُفتح المجال أمام تنمية مجتمعية واقتصادية متوازنة في مختلف المحافظات. كما أن تطوير المنتج السياحي المصري لم يعد رفاهية بل ضرورة. فالسائح اليوم يبحث عن تجربة إنسانية وثقافية وبيئية متكاملة. وهو ما يفرض علينا تحسين جودة الخدمات. وتأهيل الكوادر العاملة. ورفع كفاءة البنية التحتية للمطارات والفنادق والمزارات. مع دعم منظومة النقل والاتصال بين المدن السياحية وتسهيل انتقال الزوار داخل مصر بصورة عصرية وآمنة.

وفي ضوء التوجه العالمي نحو الحفاظ علي البيئة والتحول الأخضر. فإن السياحة المصرية أمامها فرصة كبيرة لتصبح نموذجًا إقليميًا في السياحة المستدامة. عبر التوسع في استخدام الطاقة النظيفة داخل المنشآت السياحية. وتشجيع الاستثمارات في المشروعات البيئية التي تحافظ علي الطبيعة وتمنح السائح تجربة فريدة تجمع بين المتعة والوعي البيئي. خاصة في مناطق مثل مرسي علم وسيناء التي تمتلك ثروة طبيعية غير متكررة. كما يجب أن يتواكب ذلك مع إطلاق منظومة رقمية موحدة للسياحة المصرية تدمج الحجز والإقامة والنقل والمزارات في منصة واحدة. بما يعزز سهولة الوصول ويجعل التجربة أكثر سلاسة وتطورًا.