أبدي المسلمون في غزوة أحد الكثير من البطولات والتضحية بالنفس والفداء ومن هؤلاء أبو دجانة رضي الله عنه الذي معلمًا بعصابته الحمراء. آخذًا بسيف رسول الله صلي الله عليه وسلم. مقبلا علي الجهاد والنصر. فقاتل حتي أمعن في المشركين. وكان لا يلتقي بمشرك إلا وقتله. وأخذ يهد صفوف المشركين هدًا ويفرقهم بددًا.

يقول الزبير بن العوام رضي الله عنه:پوجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم السيف فمنعنيه. وأعطاه أبا دجانة.پوقلت في نفسي:پأنا ابن صفية عمته. ومن قريش. وقد قمت إليه. فسألته إياه قبله. فآتاه إياه. وتركني. والله لأنظرن ما يصنع؟.. فاتبعته فرأيته قد أخرج من جيبه عصابة له حمراء. فعصب بها رأسه.. فقالت الأنصار:پأخرج أبو دجانة عصابة الموت.پفلبسها فجعل لا يلقي أحدًا إلا قتله. ولا يدع جريحًا إلا أجهز عليه.. ثم أمعن أبو دجانة في هد الصفوف. حتي خلص إلي قائدة نسوة قريش وهو لا يدري بها.

قال أبو دجانة:پرأيت إنسانًا يخمش الناس خمشًا شديدًا فصمدت له. فلما حملت عليه السيف ولول فإذا هو امرأة. فأكرمت سيف رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة. وكانت تلك المرأة هي هند بنت عتبة.

وكذلك حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فقد قاتل قتال الليوث الأبطال. فقد اندفع إلي قلب جيش المشركين في شجاعة منقطعة النظير. ففر من أمامه أبطال قريش. وتطايروا كما تتطاير الأوراق أمام الرياح العاتية. واستمر في اندفاعه رضي الله عنه حتي صرعه وحشي. وهو مختبئ في مكنه. أملا في الحرية التي وعده بها سيده جبير بن مطعم. ولينال رضي هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان.. فيقول: كمنت لحمزة تحت صخرة. فلما دنا مني رميته بحربتي. فوضعتها في ثنيته. حتي خرجت من بين وركيه. فكان ذاك العهد به.. فلما رجع الناس رجعت معهم. فأقمت بمكة. حتي فشا فيها الإسلام. ثم خرجت إلي الطائف. فأرسلوا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم رسولا.پفقيل لي:پإنه لا يهيج الرسل. فخرجت معهم حتي قدمت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم.. فلما رآني قال صلي الله عليه وسلم: أنت وحشي؟.. قلت:پنعم.. قال صلي الله عليه وسلم: أنت قتلت حمزة؟.. قلت:پقد كان من الأمر ما بلغك.. قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني؟.. قال:پفخرجت.

وبهذه الطريقة استشهد حمزة رضي الله عنه يومپأحد. وجاءت هند إلي جسده فمثلت به. وأخرجت كبده. ولاكته في فمها لغلها الدفين. وحقدها الكامن. ولكنها لم تتمكن من أكله. فلفظته. وقد حزن النبي صلي الله عليه وسلم كثيرًا لموت حمزة رضي الله عنه وقد غسلت الملائكة حمزة.. ومن العجيب أن وحشيًا لم يشترك في القتال ولم يقتل غير حمزة يوم أحد لأنه لم يأت مع الجيش إلا لهذه الغاية. ولما أسلم اشترك في حرب الردة بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم وقتل مسيلمة الكذاب وجاهد في الله حق الجهاد.

وكان من أبطال الجهاد يومئذ حنظلة الغسيل, وهو حنظلة بن أبي عامر. وأبو عامر هذا هو الذي سمي بالفاسق. كان حنظلة حديث عهد بالعرس. فلما سمع هواتف الحرب. وهو علي امرأته. انخلع من أحضانها. وقام من فوره إلي الجهاد. فلما التقي بجيش المشركين في ساحة القتال. أخذ يشق الصفوف. حتي خلص إلي قائد المشركين أبي سفيان بن حرب. وكاد يقضي عليه لولا أن أتاح الله له الشهادة. فقد شد علي أبي سفيان. فلما استعلاه. وتمكن منه رآه شداد بن الأسود فضربه بالسيف حتي قتله. فغسلته الملائكة ولذلك سمي بحنظلة الغسيل.

كما تعقب حاطب رضي الله عنه عتبة بن أبي وقاص الذي كسر الرباعية الشريفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم فضربه بالسيف حتي طرح رأسه. ثم أخذ فرسه وسيفه. وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه شديد الحرص علي قتل أخيه عتبة هذا إلا أنه لم يظفر به. بل ظفر به حاطب

قاتل مصعب بن عمير بضراوة بالغة وكان اللواء بيده. فضربوا علي يده اليمني حتي قطعت. فأخذ اللواء بيده اليسري. وصمد في وجوه الكفار حتي قطعت يده اليسري. ثم برك عليه بصدره وعنقه حتي قتل. وكان الذي قتله هو ابن قمئة. وهو يظنه رسول الله صلي الله عليه وسلم -لشبهه به-پفانصرف ابن قمئة إلي المشركين وصاح إن محمدًا قد قتل.