هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

توجهات ترامب الجديدة تضع نتنياهو تحت ضغوط شديدة

قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أمام مفترق طرق تاريخي، تتقاطع فيه حسابات الحرب الممتدة في غزة مع ضغوط السياسة الداخلية والخارجية.

 

 


ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابه أمام الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة مستخدماً وسائل العرض المعتادة لديه، من لوحات دعائية إلى رموز رقمية (QR Code) تربط بخطاب إسرائيل الرسمي حول هجمات 7 أكتوبر 2023. لكن المشهد الأبرز لم يكن مضمون الخطاب بل ردّة فعل القاعة: مئات الدبلوماسيين من عشرات الوفود غادروا القاعة في إشارة جماعية إلى الرفض، تاركين نتنياهو أمام جمهور شبه فارغ باستثناء أصوات تأييد محدودة.
 

بحسب ما ذكرته صحيفة" واشنطن بوست " مثل هذا المشهد رمزاً لعزلة متزايدة لإسرائيل ولقادتها، بعد حربٍ في غزة تجاوز عدد ضحاياها، وفق وزارة الصحة في القطاع، 65 ألف قتيل، وأدت إلى اتهامات واسعة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

هجوم على الغرب وتحدٍ للانتقادات

في خطابه، اتهم نتنياهو دولاً غربية بـ"الرضوخ" تحت ضغط الإعلام والمنظمات الحقوقية، بعدما اعترفت أغلبية أعضاء الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية الأسبوع الماضي. واعتبر هذه الخطوة نتيجة لـ"خضوع" أمام "التحيز الإعلامي" و"الجماعات المتطرفة".

لكن أصواتاً يهودية ليبرالية في الولايات المتحدة، مثل منظمة J Street، اعتبرت أن "القاعة الفارغة" جسدت العزلة التي جرّها نتنياهو على إسرائيل بسبب تمسكه بخطاب الحرب الدائم ورفضه إبداء أي تعاطف مع معاناة غزة.

هذا التحول، بحسب محللين، يعكس انعتاق نتنياهو من هيمنة المؤسسة الأمنية التي طالما حذّرته من الخسائر البشرية في الحروب البرية. لكن آخرين يرونه انعكاساً لمخاوف داخلية أعمق، من بينها خطر سقوط حكومته، وضغوط محاكمته بتهم فساد، ورغبته في ترك إرث يضعه في مصاف قادة تاريخيين مثل تشرشل.


مع ذلك، يظل نتنياهو مقيداً بتحالفاته مع أحزاب اليمين المتطرف، التي ترفض أي تسوية مع الفلسطينيين وتضغط من أجل احتلال دائم لغزة. هذه التوازنات جعلت قراراته العسكرية رهناً باعتبارات بقاء سياسي أكثر من كونها استراتيجية بعيدة المدى.


في المقابل، يطرح ترامب، الذي يتبنى خطاباً متفائلاً حول قرب التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، رؤية قد تفرض على نتنياهو قبول واقع سياسي جديد، يتضمن الحديث عن دولة فلسطينية، وهو ما يتعارض مع مواقف شركائه في الائتلاف. ومع أن الإدارة الأميركية دعمت العمليات الإسرائيلية في مراحل عدة، إلا أن تقلبات ترامب ومفاجآته قد تضع نتنياهو أمام ضغوط غير متوقعة.

ترامب بين الدعم والضغوط
نتنياهو يتوجه إلى البيت الأبيض في لحظة حرجة. صحيح أن ترامب وفر له مظلة سياسية طوال عامين، باستخدام الفيتو الأمريكي ست مرات في مجلس الأمن لمنع قرارات وقف إطلاق النار، لكن مؤشرات الضيق بدأت تظهر في واشنطن.


ترامب أعلن قبل أيام أنه "لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية"، وهو موقف يتعارض مع أجندة اليمين الإسرائيلي المتشدد، ويعكس رغبة أمريكية في الحفاظ على مسار التطبيع مع دول الخليج.


كما ذكرت "رويترز "،أيضا أن ترامب يسعى لدفع نتنياهو نحو قبول خطة أميركية لوقف الحرب في غزة تشمل إعادة الإعمار وترتيبات أمنية جديدة، وهو ما يرفضه حلفاء نتنياهو المتشددون الذين يطالبون بضم غزة أو ترحيل سكانها.

عزلة متزايدة في أوروبا والعالم
إلى جانب الضغوط الأميركية، تواجه إسرائيل خطوات عقابية أوروبية متصاعدة: الاتحاد الأوروبي يبحث فرض رسوم جمركية إضافية على بضائع إسرائيلية، فيما تدرس هيئات رياضية وثقافية، مثل UEFA واليوروفيجن، تعليق مشاركة إسرائيل. وفي البحر المتوسط، تشارك قطع بحرية إسبانية وإيطالية في تأمين قوافل مساعدات متجهة إلى غزة، رغم الاعتراضات الإسرائيلية.

وفي سياق متصل ،أكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا  للـواشنطن بوست أن "المجتمع الدولي يتجه نحو مقاربة أكثر حزماً"، ملوّحاً ببعثة أممية شبيهة بما فُرض على جنوب أفريقيا في حقبة الأبارتايد. أما وزير خارجية جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، فذكّر بأن "القانون الدولي يجب أن يطبق على الجميع"، مجدداً تمسك بلاده بحل الدولتين.

جدل داخلي واتهامات دولية
خطاب نتنياهو اتسم برفض قاطع لاتهامات الإبادة، واعتبرها "افتراءً دموياً"، متهماً الدول التي تدفع باتجاه الدولة الفلسطينية بأنها تقف في صف "إرهاب حماس".

لكن على الأرض، ومع تسارع الاستيطان في الضفة، واتهامات من منظمات حقوقية بتهجير قسري للفلسطينيين، تتصاعد القناعة لدى مراقبين دوليين بأن إسرائيل تقترب من "نقطة اللاعودة".

اليوم، يقف نتنياهو بين مطرقة حرب استنزاف طويلة تهدد شرعيته داخلياً وتضعف صورة إسرائيل دولياً، وسندان تسوية سياسية قد تكلفه ائتلافه وسلطته. وبين الحذر القديم والمغامرة الحالية، يبقى الغموض سيد الموقف: هل يكتب نتنياهو فصلاً جديداً في تاريخه السياسي، أم يسجل ختام مسيرة ملتبسة اتسمت بالتردد حيناً وبالمخاطرة المحسوبة حيناً آخر؟





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق