بقلم/ أحمد سليمان
ما أسهل أن يتم اتخاذ قرار بالدخول فى حرب، خاصة إذا كان لديك من القوة العسكرية والإمكانات ما يغريك بتحقيق فوز عسكرى ساحق لا محالة، وتكبيد الطرف الآخر خسائر لم يخسرها من قبل، وأنك ستقذف فى قلوب بقية خصومك وكارهيك الرعب، ولكن الخطير والمهم هو تبعات هذا القرار، وتأثيره على الوطن والمواطنين ومقدرات الدولة، وانجازات إحدى عشرة سنة عجافاً، وعندما يقول السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال جولته التفقدية بالأكاديمية العسكرية منذ يومين: "إن المنطقة تمر بمنعطف حاسم يتطلب تقديراً سليماً ودراسة متأنية لكل خطوة، إذ أن أى تقدير خاطئ قد يقود إلى المجهول"، فإننا يجب أن نكون على درجة كبيرة من الوعى والفهم وصحة التقدير لكل موقف، وتفسير الأحداث تفسيراً منطقياً، صحيحاً.
إن مصر ـ كما قال السيد الرئيس فى حواره مع طلبة الأكاديمية ـ لا تتآمر على أحد، والشعب المصرى مسالم بطبعه، لكنه عصيٌّ على الإيذاء، مؤكداً أنه لن يتمكن أحد من إلحاق الأذى بمصر.
ومن هذا المنطلق يأتى حرص مصرعلى عدم الإقدام على اتخاذ قرار بالدخول فى حرب إلا إذا فُرضت علينا، دفاعاً عن أرضنا وشعبنا ومقدراتنا وأمننا القومى، وساعتها سوف يرى المعتدى ـ أى معتدى ـ من القوات المسلحة المصرية مالم يره من قبل، من حيث القوة العسكرية وصلابة الإرادة المصرية، ثقة فى نصر الله، وثقة فى عدالة موقفنا وقضيتنا، وأمانة وإخلاصاً فى صحة مسارنا كما قال السيد الرئيس لطلبة الأكاديمية العسكرية، لذلك أكد السيد الرئيس فى نهاية كلمته إنه لن يتمكن أحد من إلحاق الأذى بمصر.
السيد الرئيس أبدى سعادته بمستوى الوعى الذى وصل إليه المصريون عقب أحداث 25 يناير 2011 رغم ما واجهوه من مكائد ومؤامرات كان ثمنها غالياً، لذلك دائما ما يدعو السيد الرئيس المصريين إلى ضرورة اليقظة والانتباه والحذر والوعى المقرون بالفهم لما يدور من حولنا ولما حدث لغيرنا، تماماً كما دعا السيد الرئيس الطلاب إلى الحفاظ على وعيهم وفهمهم ومعنوياتهم وصحتهم، وعلى أملهم في الله، كما دعاهم إلى دراسة تجارب الدول التي واجهت ظروفاً صعبة وتجاوزتها بالإرادة والعمل والصبر، وصولاً إلى التغيير المنشود في حياتهم، وكلنا يعرف ماذا حدث لليابان والصين وسنغافورة وماليزيا وفيتنام وكيف اصبحت هذه الدول الآن.
حرص مصر على عدم المخاطرة بالدخول فى حرب فى ظل المكائد ومحاولات جرنا إلى أى حرب والكماشة المنصوبة من حولنا لا يعنى الاسترخاء والهدوء والاطمئنان للأعداء، بل يستلزم اليقظة والاستعداد القتالى الدائم والجاهزية للمواجهة العسكرية فى أى وقت مع أى طرف إذا تطورت الأمور وأصبح الأمن القومى المصرى مهدداً لدرجة يصعب معها الصمت، ويومياً تقريباً يقوم الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربى والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة بزيارات للقواعد والمطارات والجيوش والمناطق العسكرية للاطمئنان على الجاهزية والاستعداد القتالى لضباطنا وصف ضباطنا و جنودنا، على الجهات الاستراتيجية الأربعة.
إننا نحمد الله أن وهبنا قائداً ورئيساً استطاع بحكمته ودراسته المتأنية لكل خطوة يخطوها، وتقديراته السليمة للمواقف بكل أبعادها الحفاظ على الوطن ومقدراته وأمنه واستقراره، ليس ذلك فقط ولكنه استطاع خلال إحدى عشرة سنة تحقيق طفرة اقتصادية كانت ومازالت حديث العالم والمؤسسات الاقتصادية العالمية، على الرغم من خسارة مصر مبلغ غير قليل من عائدات قناة السويس وصل إلى 9 مليارات دولار خلال العامين الماضيين بسبب الاضطرابات فى البحر الاحمر.
نحمد الله على نعمة الأمن والأمان والاستقرار التى تعيشها مصر وسط محيط إقليمى ملتهب ومنطقة غير مستقرة ومهددة بالانفجار فى أية لحظة، ليس ذلك فقط ولكن مصر تمكنت من استقبال استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة حتى أصبحت للعام الثالث على التوالى أكثر دولة إفريقية جاذبة للاستثمارات الأجنبية فى القارة السمراء.
أيضاً صادراتنا غير البترولية وصلت إلى خمسين مليار دولار وهو رقم قياسى يحدث للمرة الأولى بسبب السياسة الاقتصادية المصرية التى اعتمدت بشكل كبير فى السنوات الأخيرة على التصنيع والتصدير وزيادة المساحات المنزرعة بالمحاصيل المختلفة للتصدير وتحقيق الاكتفاء الذاتى من كثير من السلع الاستراتيجية المصرية وتوفير الاحتياجات اليومية للمصريين من السلع الأساسية.
لم يعد خافيا على أحد ما شهدته كل المجالات المصرية وكل شبر على أرض مصر من إنجازات مهمة فى أوقات قياسية غيرت وجه الحياة فى مصر، ويصبح الحفاظ عليها من الحكمة بمكان وهو ما فعله ويفعله السيد الرئيس، وفى الوقت الذى تحاول الدولة المصرية الحفاظ على مقدراتها وحمايتها بأحدث الأسلحة فى العالم فإنها أيضا تحافظ على استعدادها القتالى دفاعا عن مصر والمصريين إذا لزم الأمر.
إنه التحدى الأكبر الذى نجحت فيه مصر .. أن تحافظ على قوتها العسكرية لمواجهة كل من يحاول تهديد أمنها القومى ، وفى الوقت نفسه تحافظ على أمنها وأمانها واستقرارها ومواطنيها، وبجانب ذلك إعادة بناء كل ركن من أركان الوطن، وتنفذ سياسة ناجحة تحقق لها التميز الاقتصادى والتقدم يوما بعد يوم، ومع كل هذا تستعيد مكانتها بين الأمم حتى استطاعت تغيير رؤى وسياسات وتوجهات الكثير من دول العالم فيما يتعلق بالقضايا الدولية وفى المقدمة منها القضية الفلسطينية، وبمرور الايام يزداد وعى المصريين وترابطهم ووقوفهم صفاً واحداً خلف القيادة السياسية على الرغم من كل محاولات شق الصف التى يتعرضون لها ليل نهار.
ودائما ما يوجه السيد الرئيس رسائل مهمة من داخل الأكاديمية العسكرية سواء إلى الطلبة الذين يكون السيد الرئيس حريصا على إجراء حوار معهم حول أبرز المستجدات الإقليمية والتطورات الداخلية، أو رسالة طمأنة للشعب المصرى بأن مصنع الأبطال المصريين لا يتوقف عن إخراج شباب قادرين على الحفاظ على أمن الوطن واستقرار وأمان المواطنين، أو رسالة للخارج بان لمصر رجالا قادرين على الدفاع عنها ضد كل التهديدات الخارجية أيا كانت وأينما كانت وممن كانت.
إن حرص السيد الرئيس على بداية اليوم مع طلبة الأكاديمية العسكرية منذ صلاة الفجر وحضوره التدريبات البدنية للطلبة وإدارة حوار أبوى معهم أثناء تناول الإفطار يمثل دفعة معنوية وتأكيداً للطلبة بأنهم فى عقل وقلب السيد الرئيس وأنه يهتم بهم وبمخرجات هذه الأكاديمية التى تمثل أمل المصريين فى إخراج أجيال من المقاتلين القادرين على حمل أمانة الدفاع عن الوطن ومقدراته وأمنه القومى مهما كانت التحديات.
اترك تعليق