ثبت بالنص الصريح تبشير بعض النساء بالجنة. ومنهنَّ: أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية. وهي صحابية متميّزة ضربت مثالاً رائعاً في الإيمان والصبر والعلم.. يقول الحافظ الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة": هي أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس الأنصارية الأسدية ثم الأشهلية.. ونسَبها يلتقي مع نسَب الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه في جدّهما امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

أسلمت أسماء علي يد مصعب الخير أو مصعب بن عمير. كما ذكر ابن سعد صاحب الطبقات عن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال: أول من بايع النبي صلي الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع. وأسماء بنت يزيد بن السكن. وحواء بنت يزيد بن السكن.. وكانت أسماء رضوان الله عليها تعتـز بهذا السبق إلي المبايعة فتقول: "أنا أول من بايع رسول الله صلي الله عليه وسلم".

اشتهرت أسماء بفصاحتها وسميت بـخطيبة النساء. يروي المؤرخ ابن الأثير في كتابه أُسد الغابة: أتت أسماء النبي صلي الله عليه وسلم. وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله. أنا وافدة النساء إليك. إن اللهپبعثك إلي الرجال والنساء كافة فآمنا بك. وإنّا معشر النساء محصوراتى مقصوراتى قواعدُ بيوتكم ومَقضي شهواتكم وحاملات أولادكم. وإنكم معشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجُمَع والجماعات وعيادة المرضي وشهود الجنائز والحج بعد الحج. وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله. وإنّ الرجل إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم. أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟.. پفالتفت النبي صلي الله عليه وسلمپإلي أصحابه بوجهه كلِّه ثم قال: "هل سمعتم مقالة امرأة قَط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟" فقالوا: يا رسول الله. ما ظننا أن امرأة تهتدي إلي مثل هذا. فالتفت النبي صلي الله عليه وسلمپإليها فقال: "افهمي. أيتها المرأة. وأَعْلِمي مَن خلفك من النساء أنّ حُسْنَ تبعُّلِ المرأة لزوجها وطلَبها مرضاته واتباعَها موافقته يَعْدِل ذلك كلّه". فانصرفت المرأة وهي تهلّل.

نشأت أسماء في أسرة عُرف أفرادها بالتضحية والجهاد.. أبوها هو يزيد بن السكن بن رافع الأنصاري الذي استُشهد يوم أُحد. وفي تلك المعركة أثخنت الجراح زياد بن السكن عم أسماء. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: أَدنوه مني.. فوسده قدمه فمات شهيداً وخدّه علي قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم. كما استُشهد في المعركة ذاتها أخوها عامر بن يزيد بن السكن الذي جعل جسده تُرساً يدافع به عن رسول الله صلي الله عليه وسلم» فنال الشهادة في سبيل الله. ومن عجيب إيمانها وصبرها أنه لما بلغها استشهادهم خرجت تنظر إلي سلامة رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو قادم من أُحد... وعندما رأته سالماً قالت: كل مصيبة بعدك جلل "أي هينة".

پكما شهدتْ أسماء غزوة الخندق وغزوة خيبر. وخرجت مع النبي صلي الله عليه وسلم في غزوة الحديبية. وبايعت بيعة الرضوان. وفي السنة الثالثة عشرة للهجرة خرجت رضي الله عنها إلي بلاد الشام حيث شاركت في معركة اليرموك في الشام. وكانت تشارك مع النساء بسِقاية الجرحي وتضميدهم. وفي ضرب مَن يَفِرّ من المعركة من جنود الإسلام. ومن قصص شجاعتها أنها اقتلعت عمود الخيمة وراحت تضرب به رؤوس الروم حتي قتلت يومها تسعة من جنودهم.

روت فيما يذكر 81 حديثًا. وروي عن أسماء ثلة من أَجِلاّء التابعين. وفي أسماء نزلت آية حكم عِدّة المطلقات. فقد أخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد قالت: طُلقت علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولم يكن للمطلقة عدة. فنزل قول الله تعالي: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءي" فكانت أسماء أوّل معتدّة في الإسلام.

پكانت لها دراية بزينة النساء» فلقد زينت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها يوم زفافها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم.

پتوفيت سنة 69هـ في خلافة عبد الملك بن مروان.