أكد الإعلامي د. عمرو الليثي في تصريحات صحفية خاصة .. " خمسة عشر قرنًا مرّت منذ أن أشرقت الدنيا بميلاد خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، ورحمة الله المهداة للعالمين. لم يكن ميلاده حدثًا عابرًا فى تقويم الزمان، بل كان فجرًا جديدًا بزغت معه شمس الهداية، وتبدّدت ظلمات الجهل، وانبثق نور أضاء للإنسانية دربها إلى الحق والخير والجمال.
وُلد المصطفى فى مكة المكرمة، ليكون بداية صفحة جديدة من تاريخ الروح البشرية، صفحة خُطّت بمداد الرحمة والعدل، وزُينت بالحكمة واليقين. حمل فى قلبه الطاهر رسالة تجمع ولا تُفرّق، ترحم ولا تُعنّف، تبنى ولا تهدم. فكان بحق الرحمة المهداة، كما وصفه المولى عز وجل: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».
لقد كان مولده إيذانًا بختم الرسالات وجمع شتات القيم الإلهية فى كتاب واحد، دستور خالد لا يزول، هو القرآن العظيم. حمل النبى الرسالة بخلق رفيع، وجعل من سيرته مدرسة للأخلاق، ومحرابًا للإنسانية، حتى شهد له المولى عز وجل بقوله: «وإنك لعلى خلق عظيم». فكان فى لطفه أبًا، وفى شجاعته قائدًا، وفى عدله ميزانًا، وفى رحمته ظلًا وارفًا يحنو على الجميع.
وإذا كان التاريخ قد عرف قادة وحكماء، فإنه لم يعرف قلبًا جمع بين القوة والحنان كما جمع قلب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. كان رفيقًا بالضعفاء، عطوفًا على الأطفال، رؤوفًا بالحيوان والجماد، رحم خصومه، وعفا عن أعدائه، وغرس فى أتباعه معنى الصفح واللين، حتى صارت سيرته أنشودة رحمة تتناقلها الأجيال، ونبعًا لا ينضب من القيم التى تهدى كل من ضل السبيل.
خمسة عشر قرنًا انقضت، وما زال اسمه الشريف يملأ الدنيا حياة وبهاءً، ملايين القلوب تلهج بالصلاة عليه صباح مساء، ومآذن الأرض كلها تعلن شهادتها برسالته، فلا يخلو زمان ولا مكان من ذكره العطر. لقد تجاوز أثره حدود الزمان والمكان، ليصبح نبراسًا لكل باحث عن الطمأنينة، ولكل نفس عطشى إلى العدل والرحمة.
اليوم، والعالم يضج بالصراعات، ويئن من قسوة المظالم، نحن أحوج ما نكون لاستلهام الدروس من نبى الرحمة: أن نزرع السلام بدل الخصام، وأن نكون عونًا للضعفاء، وأن نجعل من الرحمة لغة نتخاطب بها فى بيوتنا ومجتمعاتنا وأممنا. فميلاده ليس ذكرى تُروى فحسب، بل عهد يتجدّد، ونور يظل متوهجًا فى كل قلب صادق.
سلام على الحبيب يوم وُلد، ويوم بُعث بالحق بشيرًا ونذيرًا، ويوم يُبعث شفيعًا لأمته. وسلام على ذكراه التى لا تنطفئ، وعلى رسالته التى ستبقى إلى آخر الزمان. لقد كان ميلاده ميلاد النور، ميلاد الرحمة، ميلاد الإنسان فى أسمى معانيه.
اترك تعليق