أثار تفشي فيروس إنفلونزا الطيور مؤخرًا بين الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة قلقًا متزايدًا بشأن إمكانية انتقال العدوى إلى البشر. هذا الفيروس، المعروف علميًا باسم إنفلونزا H5N1، يعد من الأمراض الفيروسية المعدية التي تصيب الطيور بشكل رئيسي، لكنه قادر أيضًا على إصابة حيوانات أخرى.
وبحسب "verywellhealth" فإن تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، أكدت أن إنفلونزا الطيور أصابت منذ عام 2022 أكثر من 90 مليون دجاجة، ونحو 9000 طائر بري، بالإضافة إلى 36 قطيعًا من الأبقار الحلوب. هذا الانتشار الواسع دفع الخبراء إلى التساؤل: هل يمكن أن يشكل الفيروس خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان؟
انتقال إنفلونزا الطيور إلى البشر
رغم خطورة الفيروس، إلا أن انتقاله للبشر يبقى نادرًا جدًا. فقد أكدت الدكتورة ليندا يانسي، أخصائية الأمراض المعدية في نظام "ميموريال هيرمان الصحي" بمدينة هيوستن، أن "فيروس إنفلونزا الطيور يمكن أن ينتقل إلى البشر، ولكن ذلك يحدث في حالات نادرة للغاية".
حتى الآن، لم تُسجل في الولايات المتحدة سوى حالتين مؤكدتين منذ عام 2022: الحالة الأولى لعامل دواجن في ولاية كولورادو، والثانية لعامل يتعامل مع الأبقار الحلوب في عام 2024. ورغم ذلك، لم تُثبت أي حالات انتقال للفيروس من إنسان إلى آخر، وهو ما يطمئن إلى أن الفيروس لا ينتشر بسهولة بين البشر.
كيف تحدث العدوى؟
عادة ما تحدث الإصابة البشرية بإنفلونزا الطيور بعد اتصال وثيق مع الطيور المصابة أو بيئاتها. ويمكن أن تنتقل العدوى عبر ملامسة اللعاب، المخاط، أو براز الطيور المريضة، أو من خلال لمس أسطح ملوثة. كما يمكن أن تحدث العدوى بالاستنشاق، إذا دخل الفيروس عبر العينين أو الأنف أو الفم.
يشير الدكتور لويس أوستروسكي، رئيس قسم الأمراض المعدية في "مركز تكساس للصحة"، إلى أن العدوى قد تنتقل أيضًا من خلال التعامل مع الحيوانات الوسيطة، مثل الأبقار أو القطط المصابة، لكن هذه الحالات تظل نادرة للغاية.
مخاطر انتقال الفيروس عبر الطعام
يؤكد الخبراء أن انتقال الفيروس عبر تناول الطعام غير محتمل بشكل كبير، خاصة إذا كان مطهوًا جيدًا. ومع ذلك، يوصون بضرورة طهي الدواجن والبيض واللحوم بشكل كامل لتفادي أي احتمالات. كما تشير وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) إلى أن منتجات الدواجن والبيض المطهوة جيدًا لا تشكل خطرًا على الصحة العامة.
الحيوانات المعرضة للإصابة
إلى جانب الطيور المنزلية والبرية، يمكن أن تُصاب حيوانات أخرى بإنفلونزا الطيور، مثل الخنازير، الكلاب، الخيول، وحتى الخفافيش. ويؤكد الخبراء أن جميع أنواع الطيور تقريبًا معرضة للفيروس، مع ارتفاع معدل الوفيات بين الدواجن المصابة.
الفئات الأكثر عرضة للخطر
الفئات الأكثر عرضة للإصابة تشمل المزارعين، عمال مزارع الدواجن، الأطباء البيطريين، خبراء حماية الحياة البرية، والمستجيبين لحالات تفشي المرض. هؤلاء يحتاجون إلى اتخاذ إجراءات وقائية صارمة لحماية أنفسهم من العدوى.
الوقاية والمراقبة الصحية
حتى الآن، لا يُتوقع انتشار إنفلونزا الطيور على نطاق واسع بين البشر، لكن الخبراء يحذرون من أن أي تحور جيني للفيروس قد يزيد من قابليته للانتقال بين البشر، مما قد يشكل خطرًا وبائيًا جديدًا.
وتلعب أنظمة المراقبة الصحية دورًا محوريًا في متابعة تطور الفيروس ورصد الحالات مبكرًا، حيث تراقب منظمة الصحة العالمية (WHO) ومراكز السيطرة على الأمراض (CDC) الوضع بشكل دقيق لاتخاذ التدابير اللازمة إذا ظهرت مؤشرات مقلقة.
أما على صعيد الوقاية الفردية، فيُنصح الأشخاص من الفئات الأكثر عرضة بغسل اليدين جيدًا بعد التعامل مع الطيور، استخدام القفازات والأقنعة الواقية، تغيير الملابس بعد التعامل مع الحيوانات، وتجنب لمس الوجه أثناء التعامل مع الطيور أو بيئاتها.
ماذا يعني هذا لعامة الناس؟
رغم أن احتمال انتقال إنفلونزا الطيور للبشر يظل محدودًا، إلا أن الوعي والالتزام بالإجراءات الوقائية يظل ضروريًا، خصوصًا للعاملين في مجال الزراعة وتربية الطيور. ويؤكد الخبراء أن عامة الناس ليسوا في خطر مباشر، لكن متابعة التطورات الصحية العالمية ضرورة للحفاظ على السلامة العامة.
اترك تعليق