لم يعد مرض الانسداد الرئوي المزمن قاصرًا على كبار السن أو المدخنين فحسب، بل تكشف الأبحاث الحديثة عن ملامح جديدة له، أبرزها إمكانية ظهوره في سن مبكرة، وما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة في تلك السن.
ويُصنَّف هذا المرض كأحد أبرز التحديات الصحية على مستوى العالم، إذ تحتل الانسدادات الرئوية المزمنة المرتبة الرابعة بين أسباب الوفاة عالميًا، بعد أن أودت بحياة نحو 3.5 مليون شخص خلال عام 2021، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية. وفي الولايات المتحدة وحدها، يعاني منه ما يقارب 6% من البالغين، ليكون ضمن الأسباب العشرة الأولى للوفيات بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC).
ومع التقدّم في العمر، تتضاعف خطورة المرض، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن ما بين 20 و25% من الأشخاص الذين تجاوزوا السبعين قد يكونون عرضة للإصابة به. غير أن المفاجأة تأتي من دراسة جديدة نشرت في NEJM Evidence، كشفت أن نحو 4.5% من البالغين دون الخمسين مصابون بما يُعرف بـ "الانسداد الرئوي المبكر" (Young COPD)، وهو ما يرفع احتمالات دخول المستشفى جراء أمراض تنفسية خطيرة، فضلًا عن زيادة خطر الوفاة قبل سن الخامسة والسبعين بمعدل يفوق 1.4 مرة مقارنة بغير المصابين.
ما هو الانسداد الرئوي المزمن؟
بحسب الخبيرة الطبية الدكتورة ليانا وين، فإن المرض يُعرّف على أنه مجموعة من الاضطرابات التي تؤدي إلى تقييد تدفق الهواء داخل الرئتين، ما يجعل التنفس عملية شاقة. ويشمل نوعين رئيسيين:
النفاخ الرئوي (Emphysema): تلف يصيب الحويصلات الهوائية فيفقدها قدرتها على التمدد وتبادل الأكسجين.
التهاب الشعب الهوائية المزمن (Chronic Bronchitis): التهاب طويل الأمد في المسالك الهوائية، غالبًا مع إفراز زائد للمخاط وسعال مزمن.
المرض بطبيعته مزمن وتدريجي، ولا يختفي مع مرور الوقت، بل تتفاقم أعراضه تدريجيًا، وهو ما يستدعي المتابعة الطبية والعلاج المستمر لتخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة.
عوامل الخطر
يبقى التدخين العامل الأكثر ارتباطًا بالإصابة، إلا أن الخطر لا يقتصر على المدخنين فقط. فهناك أسباب أخرى، منها:
التعرض للتدخين السلبي.
تلوث الهواء والغبار.
المواد الكيميائية في بيئة العمل.
وجود تاريخ مرضي للربو.
العوامل الوراثية.
المثير للانتباه أن واحدًا من كل أربعة مصابين لم يسبق له التدخين، ما يعزز أهمية الفحص المبكر وعدم تجاهل الأعراض.
علامات تستدعي الانتباه
يشير الأطباء إلى أن من أبرز العلامات التي قد تدل على الإصابة بالمرض:
التهابات متكررة في الرئة مثل الالتهاب الرئوي.
سعال مزمن مصحوب بالبلغم.
صعوبة متزايدة في التنفس.
صفير أثناء التنفس أو شعور بضغط في الصدر.
إرهاق مستمر وتراجع القدرة على بذل الجهد.
مضاعفات قد تكون مميتة
تشير الأبحاث إلى أن حتى الحالات الخفيفة من الانسداد الرئوي المزمن قد ترفع معدلات الوفاة. ويرتبط ذلك غالبًا بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، إضافة إلى سهولة التعرض لالتهابات تنفسية حادة مثل الإنفلونزا و"كوفيد-19".
كيف يمكن التعايش مع المرض؟
رغم عدم وجود علاج نهائي، فإن السيطرة على الأعراض ممكنة عبر عدة خطوات:
الإقلاع الفوري عن التدخين.
المحافظة على النشاط البدني والانضمام لبرامج إعادة التأهيل الرئوي.
التطعيم المنتظم ضد الأمراض التنفسية (الإنفلونزا، كوفيد-19، السعال الديكي، RSV، والمكورات الرئوية).
الأدوية مثل موسعات الشعب الهوائية ومضادات الالتهاب.
تقليل التعرض للتلوث والدخان السلبي.
اترك تعليق