إن الدنيا ليست شراً في ذاتها، وإنما هي مرحلة مؤقتة يُستعان بها على تحقيق رضا الله، والفوز بنعيم الآخرة. ولهذا ينبغي على المسلم أن يسعى فيها بالعمل الصالح، وألا يغترّ بما فيها من مالٍ أو بنين أو متاع زائل، فيغفل عن الغاية الحقيقية.
وقد قال الإمام القرطبي رحمه الله:
"قالت الحكماء: إنما شَبَّهَ الله تعالى الدنيا بالماء؛ لأن الماء لا يستقرّ في موضع، كذلك الدنيا لا تبقى على حالٍ واحد. ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة، كذلك الدنيا. ولأن الماء لا يبقى ويذهب، كذلك الدنيا تفنى. ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفاتها. ولأن الماء إذا كان بقدرٍ كان نافعًا منبتًا، وإذا جاوز المقدار كان ضارًا مهلكًا. وكذلك الدنيا: الكفاف منها ينفع، وفضولها يضر."
فالعاقل من جعل الدنيا وسيلة لا غاية، وسعى فيها لمرضاة الله لا لزخرفها، وعمل فيها لما بعدها لا لها.
فاللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا، وجنّبنا فيها الإثم والغرر.
اللهم سخّر لنا جنود الأرض وملائكة السماء، وكل من وليته أمرنا، وجنبنا أذى الدنيا، وحيرة النفس، وحزن الليل، وبكاء القلب، وموت الضمير، وسوء الخاتمة.
اللهم اشرح صدورنا، ويسر أمورنا، وفرّج همومنا.
اللهم إنّا نسألك خير الدنيا كلّه، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشرّ كله، عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من الفِتَنِ، ما ظهَرَ منها، وما بطَنَ.
اترك تعليق