هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

ليلة زفاف إلى الآخرة

مصرع عروسين قبل ساعات من الفرح في حادث تصادم كفر الشيخ

ام العروسة" لحقت بابنتها بعد إصابتها بنزيف ..ومصرع 2اخرين

والدة العريس: ابني ودعني..وقبل يدي

في مشهد أبكى القلوب وأدمى العيون، تحولت فرحة عروسين في محافظة كفر الشيخ إلى مأساة مفجعة، بعدما لقيت العروس ووالدتها والعريس واثنان من أقاربهما مصرعهم في حادث تصادم مروع أثناء توجههم إلى الكوافير قبل ساعات من الزفاف.


كانت ليلة العمر.. لكنها أصبحت ليلة الوداع

في قرية السحايت التابعة لمركز الحامول، كانت عبير نبيل عبد العال (25 عامًا) تتهيأ لليلة العمر، ترتدي فستانها الأبيض الذي حلمت به منذ الطفولة، بينما كانت والدتها، هناء عبد الواحد عبد العاطي (38 عامًا)، تُعد معها التفاصيل الأخيرة، تمشط شعرها وتبتسم لها، وتهمس لها بدعوات الفرح ورضا الله.
لكن القدر كان أسرع من الأحلام، ففي لحظة، وأثناء استقلالهما «توك توك» في طريقهما للكوافير، فوجئ الجميع بسيارة ملاكي تحاول تجاوز سيارة أخرى بسرعة جنونية، فانحرفت واصطدمت مباشرة بالتوك توك.
 كانت لحظة واحدة، لكنها فصلت بين الحياة والموت.

"العروس.. زهرة لم تكتمل"

عبير لم تصل للكوافير، ولم تلتقط صور الزفاف، بل نُقلت إلى المشرحة بإصابة نزيف في المخ. أمها لفظت أنفاسها الأخيرة بعد دقائق، بعدما أصيبت باشتباه ما بعد الارتجاج. صديقان للعائلة، إبراهيم غانم (23 عامًا) وسعد ماهر (23 عامًا) لحِقا بهما، في ذات اللحظة، إلى القبر.
أما العريس صابر محمد عبد العزيز (30 عامًا)، فقد أصيب بكسور مضاعفة ونزيف بالبطن. حاول الأطباء إنقاذه، ظلّ يصارع الموت لساعات، لكن جسده المُنهك لم يصمد، ولحق بعروسه التي لم تُكمل زينتها، ليُزفّا معًا... إلى مثواهما الأخير.
أم العريس: "ودّعني وقبّل يدي.. كأنه يعلمني أنه لن يعود"
بينما كانت القرية تستعد للزفاف، كانت والدة العريس تحتضن ملابس ابنها، تبكي وهي تقول:
"كان فرحان، أكل معايا الغدا، قبّل إيدي وباس راسي، كأنه بيودعني... حسيت إن قلبي هينفطر من فرحته، وماكنتش أعرف إنها آخر مرة هشوف ضحكته... ابني كان نور عيني، وأنا نظري ضعيف، وكنت شايلة نفسي علشانه، وقدمى مقطوعة، بس كنت ماشية بيه، دلوقتي راح، واحتسبته عند الله شهيد".

"ودّعوا الحياة وهم يبتسمون"

أحد أقارب العريس قال:"كان شاب خلوق، طيب، محبوب من الجميع، لا صوته عالي ولا عمره زعل حد، وكان دايمًا يساعد الكل وربنا يرحمه 
 أما بنت خالته فظلت تبكي وتصرخ:
 "كان نفسه يفرح، كان بيحلم بأول يوم في بيته، جاب كل حاجة بعرق جبينه، وفرش الشقة بيده... لكن رجع بكفن أبيض".
قال زوج شقيقة العريس، وهو يغالب دموعه:"كان صابر أكتر من أخ، كان سند العيلة وضهرها... عُمره ما اتأخر عن حد، وكان دايمًا بيضحّي عشان اللي حواليه. يوم الحادث كنت بكلمه الصبح، فرحان ومبسوط وبيقولي: أخيرًا اليوم اللي استنيته جه يا نسيبي، ادعيلي يعدّي على خير. محدش كان يتخيل إن الليلة دي هتكون آخر ليلة في عمره. وقال لي كمان  إنه طالع يوصّل عبير للكوافير، وكان فرحان وبيقول: ادعولى ربنا يتمم بخير. مكانش حد فينا يعرف إنها آخر مكالمة، وآخر مرة نسمع ضحكته. قلبى موجوع، وبندعى ربنا يربط على قلبنا ويجعله من الشهداء".
 لسه ما شطبش على الحلم... ولسه قلبه ما دقش أول دقة في بيت الزوجية، بس ربنا اختار له زفة من نوع تاني، زفة للآخرة، وسط دعاء الناس ودموعهم... وربنا يصبّرنا، ويجعلهم من أهل الجنة".
قال أحد أقارب العروس بصوت متهدّج، وعيناه تفيض بالدموع:
 "كنا مستنيين اللحظة دي من سنين… نفرح بعبير، ونشوفها عروسة في فستانها الأبيض. كانت بتضحك  قبل الفرح وتقوللي: هتيجي بدري هتسهر معايا؟… قولتلها: ده يومك يا عبير، وهكون أول واحد في الفرح وآخر واحد يمشي. ماكنتش أعرف إن الليلة اللي استنيناها سنين، هتتقلب لحظة وداع موجعة، وإن بدل الزفة هنشيّلها على أكتافنا للقبر."
وأضاف، وهو يمسح دموعه بيدٍ مرتجفة: "عبير كانت نسمة في حياتنا، كانت الحنية كلها، دايمًا تضحك وتقول: نفسي أعيش في بيت صغير مع اللي بحبه، وأشوف أولادي حواليّا. بس القدر كان أسرع من الحلم. إحنا راضيين بقضاء ربنا، لكن الوجع في القلب كبير. ربنا يرحم عبير وأمها، ويجمعهم في جنته، ويصبرنا على فراقهم."
وقال أحد أصدقاء العريس المقربين، وهو لا يكفّ عن البكاء:"صابر كان أخويا قبل ما يكون صاحبي، عشرة عمر… كنا بنحلم باليوم ده سوا من وإحنا صغيرين. هو اللي شجعني أتجوز، وهو اللي كان بيقولي: أنا هاعيش يوم فرحي بكل لحظة، وهتشوفني أسعد إنسان في الدنيا. شوفته قبل الحادث بساعات، كان بيضحك من قلبه، بيجهّز للزفة، وبيقول للناس: فرحتي مش هتكمل غير لما أشوفكم حواليّا. محدش كان يتخيل إن الفرح هيتحول لمأتم... بس أنا متأكد إن ربنا هيعوّضه في الآخرة، لأنه كان إنسان نقي بجد".
 قال أحد أصدقاء العريس المقربين "صابر"  كان مثال للأخلاق والتدين، عمره ما أذى حد، وكان دايمًا مبتسم حتى فى أصعب الظروف. قبل الزفاف بيوم، كنا قاعدين معاه، وكان بيقول: أنا مستني اللحظة دي من سنين، وحاسس إن ربنا هيكرمني بفرحة كبيرة. لكن للأسف، الفرح اتحول لعزاء، والدموع غطّت كل بيت في القرية. بنحتسبه عند ربنا، وندعيله هو وعروسته ووالدتها وسائق التوك توك بالرحمة".

زفاف الي القبر

في اليوم الذي كان من المفترض أن تُضاء فيه الزينة، أُضيئت الشموع على القبور. وفي وقت كان من المقرر أن تنطلق فيه الأغاني، ارتفعت تلاوات القرآن. وفي لحظة كانت ستبدأ فيها "الزفة"، حمل المشيعون النعوش... وقالوا: "اللهم اجعل زفافهما في الجنة".

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق