أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إشعال فتيل التوترات التجارية حول العالم فور عودته إلى البيت الأبيض، بعدما فرض حزمة جديدة من الرسوم الجمركية على عدد من الدول الكبرى، في مقدمتها الصين.
لكنّ المفارقة أن نيران هذه الحرب التجارية لم تصب الدول المستهدفة وحدها، بل ارتدت على الداخل الأمريكي، لتصيب واحدة من أكثر القطاعات حيوية: الزراعة.
ويُعد القطاع الزراعي أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الأمريكي، نظرًا لاعتماده على أعداد كبيرة من العمال، ودوره الحيوي في التصدير. إلا أن الضغوط المتزايدة بفعل الرسوم الجمركية بدأت تُجهز على المزارع، لا سيما الصغيرة منها، والتي تسجل اليوم أعلى معدل إفلاس منذ عام 2020.
بحسب الإحصاءات الأخيرة، سجّلت الولايات المتحدة 173 حالة إفلاس بين المزارع الصغيرة خلال النصف الأول من عام 2025، وهو أعلى رقم منذ أزمة جائحة كورونا.
هذه النسبة تمثل ارتفاعًا بأكثر من 147% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، بزيادة تقدر بـ 103 حالات جديدة.
وتعزى هذه القفزة في الإفلاسات إلى عدة أسباب متراكبة، أبرزها:
- ارتفاع أسعار الفائدة
- انهيار الطلب الصيني على المنتجات الزراعية الأمريكية
- تزايد تكاليف الإنتاج
- تقلّص هوامش الربح لدى صغار المزارعين
الصين، التي تُعد أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الأمريكية، كانت أولى ضحايا رسوم ترامب الجمركية، لكنها سرعان ما أعادت توجيه بوصلتها التجارية نحو أسواق بديلة في البرازيل وأمريكا اللاتينية، ما وجه ضربة مباشرة لمنتجي فول الصويا، الذرة، ولحم الخنزير في الولايات المتحدة.
وفي ظل هذا الانكماش، من المتوقع أن يصل الدين الزراعي الأمريكي إلى مستوى تاريخي يبلغ 561.8 مليار دولار هذا العام، وفقًا لتقديرات وزارة الزراعة الأميركية.
يعيش صغار المزارعين اليوم حالة من الركود والقلق المتصاعد في ظل استمرار الحروب التجارية وسياسات الحماية الجمركية.
ويرى خبراء أن استمرار هذه السياسات قد يُفاقم الأزمة أكثر، ويدفع بمزيد من المزارع نحو الإفلاس، ما ينذر بتداعيات خطيرة على الأمن الغذائي الأمريكي والاقتصاد الريفي بشكل عام.
اترك تعليق