في تحول استراتيجي غير مسبوق يفتح آفاقًا واعدة للتنمية المتكاملة في غرب مصر، يشهد إقليم مطروح طفرة عمرانية واستثمارية غير تقليدية، تقودها مشروعات قومية عملاقة تتصدرها شبكة القطار الكهربائي السريع التي تنفذها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. ويأتي مشروع القطار الكهربائي السريع بوصفه شريانًا حضاريًا جديدًا، يعيد رسم خريطة التنمية الاقتصادية والعمرانية والسياحية ويضع محافظة مطروح في قلب المشهد التنموي، بعد أن كانت لعقود بعيدة عن بوصلة الاستثمار والبنية التحتية المتطورة.
ينظر المواطنون والمستثمرون بمحافظة مطروح، وعلى امتداد الساحل الشمالي الغربي، إلى مشروع القطار الكهربائي السريع على أنه بوابة حقيقية لتحقيق التنمية الشاملة في غرب البلاد، خاصة في ظل ما تشهده مصر من طفرة في البنية التحتية ووسائل النقل الذكية التي تربط بين المحافظات والمدن الجديدة والمناطق الصناعية واللوجستية والسياحية.
ويعد مشروع القطار الكهربائي السريع الذي تنفذه وزارة النقل، من أضخم المشروعات في تاريخ النقل المصري، حيث يمتد عبر 4 خطوط رئيسية بإجمالي أطوال تصل إلى 2250 كيلومترًا، ليغطي مختلف أقاليم الدولة ويربط موانئها ومناطقها الصناعية والزراعية والسياحية، ويختصر زمن الرحلات بين المحافظات بنسبة تتجاوز 50% مقارنة بالوسائل التقليدية الحالية، سواء عبر الطرق أو عبر السكك الحديدية القديمة.
ويؤكد اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، أن المشروع يمثل نقلة نوعية ليس فقط لمطروح، بل لمصر كلها، كونه يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، ليكون بذلك بمثابة قناة سويس برية جديدة تسهم في تعزيز دور مصر كمحور عالمي للتجارة والنقل.
وأوضح المحافظ أن الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع، والذي يمتد من العين السخنة على البحر الأحمر حتى مرسى مطروح على البحر المتوسط، مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر ومدينة السادات والإسكندرية والعلمين، سيسهم في تسهيل حركة الركاب والبضائع، ويربط المناطق الصناعية الكبرى ببعضها البعض، ويفتح المجال أمام جذب استثمارات ضخمة في قطاعات السياحة والصناعة والخدمات اللوجستية.
ويمثل الخط الأول من القطار الكهربائي السريع – الذي يُعرف بخط (السخنة – مطروح) – ممرًا لوجستيًا تنمويًا بالغ الأهمية، حيث يبلغ طوله نحو 675 كيلومترًا، ويضم 21 محطة منها 10 مخصصة للقطار السريع و12 محطة للقطارات الإقليمية، بالإضافة إلى محطة تحكم مركزية لإدارة وتشغيل الشبكة.
ويشمل الخط تشغيل 15 قطارًا سريعًا، و34 قطارًا إقليميًا، و14 جرارًا لنقل البضائع، بما يحقق التكامل بين نقل الركاب والبضائع، ويعزز من كفاءة منظومة النقل في مصر.
وتتنوع المحطات على طول الخط لتشمل مناطق حيوية ذات طابع تنموي واستثماري، مثل محطات القطار السريع: العين السخنة، العاصمة الإدارية، القاهرة، حدائق أكتوبر، مدينة السادات، الإسكندرية، العلمين، الضبعة، رأس الحكمة، مرسى مطروح والمحطات الإقليمية: محمد نجيب، الجيزة، العياط، الفيوم، بني سويف، 6 أكتوبر، سفنكس، وادي النطرون، النوبارية، برج العرب، العامرية، الحمام، سيدي عبدالرحمن، ألماظة باي، سوان ليك.
ويمثل هذا التنوع الجغرافي في المحطات عاملًا رئيسيًا في تحقيق التكامل التنموي بين المدن القائمة والمدن الجديدة، كما يساهم في فتح مجالات متعددة للاستثمار في قطاعات النقل والسياحة والعقارات والخدمات اللوجستية.
ويرى خبراء النقل والتنمية أن دخول مطروح ضمن نطاق شبكة القطار الكهربائي السريع سيحدث نقلة غير مسبوقة في واقع المحافظة الاقتصادي والاجتماعي، حيث يُتوقع أن تشهد المدن الغربية مثل العلمين الجديدة والضبعة ومرسى مطروح طفرة استثمارية كبيرة، خاصة في ظل المخطط القومي لتحويل مطروح إلى مركز تنمية شامل يربط بين مصر وليبيا، ويكون بوابة الغرب إلى عمق القارة الإفريقية.
ويعد القطار الكهربائي السريع جزءًا من رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى إقامة شبكة متطورة ومستدامة من وسائل النقل الحديثة الصديقة للبيئة، تدعم خطط التنمية الإقليمية المتكاملة وتوفر الوقت والتكلفة وتحسن جودة الحياة للمواطنين، وهو ما بدأت ملامحه تتجلى بوضوح على أرض مطروح.
بفضل هذا المشروع العملاق، تدخل مطروح عهدًا جديدًا من التنمية الحقيقية، التي تعتمد على التخطيط الاستراتيجي والتكامل بين البنية التحتية والموقع الجغرافي المتميز. ولعل السنوات القليلة القادمة ستشهد تحول مطروح من محافظة حدودية نائية إلى قطب تنموي بارز على خريطة الجمهورية الجديدة.
عبّر عدد من أهالي مطروح عن سعادتهم الغامرة بانطلاق مشروع القطار الكهربائي السريع، مؤكدين أنه يمثل نقلة حضارية وتاريخية ستنعكس على حياتهم اليومية ومستقبل أبنائهم.
يقول الحاج مصطفى عبدالقادر، من مدينة مرسى مطروح: "إحنا طول عمرنا بنشوف المشروعات بتروح لمحافظات تانية، لكن النهاردة مطروح بقت على الخريطة. القطار السريع هيوصلنا للقاهرة والإسكندرية في وقت قصير، وده بيفتح باب الشغل والاستثمار والسياحة كمان."
أما سحر الحناوي معلمة من سيدي عبدالرحمن، فتؤكد: "زمان كنا بنقضي ساعات طويلة في السفر، وكان ده بيأثر علينا نفسياً وصحياً، خصوصًا في الشتا. دلوقتي القطار السريع هيسهّل علينا التنقل ويخلينا نحس إننا جزء من الجمهورية الجديدة بجد."
ويضيف محمد نشأت عبد السلام شاب من الضبعة: "أنا بشتغل في السياحة، والمشروع ده هيغيّر كل حاجة. بدل ما السائح يتعب في المواصلات، هييجي مطروح في ساعة ولا ساعتين، وده هيخلّي السياحة تكبر وفرص الشغل تزيد."
ويتفق معهم رجب عدلي فازع من رأس الحكمة، قائلًا: "القطار السريع مش مجرد وسيلة مواصلات، ده مشروع أمل. بنشوف بلدنا بتتغير قدام عنينا، والمستقبل إن شاء الله هيكون أفضل لأولادنا."
أبدى عدد من المستثمرين وأبناء مطروح من الشباب تفاؤلهم الكبير بمشروع القطار الكهربائي السريع، الذي وصفوه بأنه "أكبر هدية تنموية" لمحافظتهم منذ عقود، لِما يحمله من فرص واعدة في مجالات السياحة والصناعة والتجارة.
يقول المهندس نصر محمد صلاح أحد المستثمرين في القطاع السياحي بمنطقة الساحل الشمالي الغربي:
"الربط المباشر بين القاهرة والعلمين ومطروح هيحول المنطقة إلى وجهة استثمارية من الطراز الأول. احنا بنحلم من سنين إن البنية التحتية تواكب إمكانيات مطروح، وده أخيرًا بيحصل."
ويضيف عبد الرحمن يحي من مدينة الحمام: "مشروع زي ده بيفتح فرص غير محدودة لينا كشباب. من أول تشغيل المحطات، لخدمات النقل، للسياحة، وحتى التجارة الإلكترونية. القطر السريع هو بداية لعصر جديد في مطروح."
أما صفاء محمد حسن خريجة كلية السياحة والفنادق، فتؤكد: "أنا كنت بفكر أشتغل في الغردقة أو القاهرة، لكن دلوقتي عندي أمل أشتغل في مطروح. المشروع ده هيرجع السياحة بقوة وهيفتح أبواب رزق للبنات والشباب في مجالات كتير."
ويتابع رجل الأعمال نصر محمد نصر مستثمر في مجال الخدمات اللوجستية: "الميناء الجاف اللي هيشتغل جنب الخط الحديدي، مع قربنا من ليبيا، ده معناه إن مطروح هتكون نقطة ارتكاز مهمة في التجارة الإقليمية، والقطار السريع هو اللي هيخلّي ده ممكن."
عبّر العديد من الزوّار والمصطافين عن ترحيبهم الكبير بمشروع القطار الكهربائي السريع، مؤكدين أن وجود وسيلة نقل سريعة وآمنة إلى مطروح سيجعلها وجهتهم الأولى طوال العام، وليس فقط في موسم الصيف.
يقول منصور الضو موظف من محافظة الجيزة جاء لقضاء إجازته في سيدي عبدالرحمن: "أنا بحب مطروح من زمان، بس طول الوقت كنت بتردد بسبب بعد المسافة وزحمة الطرق. لما القطر السريع يبدأ يشتغل، هاجي مطروح مرتين تلاتة في السنة من غير تعب."
أما امل فؤاد ابو هيبة سيدة من الإسكندرية فتقول وهي تلتقط الصور على شاطئ الغرام: "المشروع ده مش بس للناس اللي ساكنة هنا، ده كمان لينا إحنا كزوار. الطريق السريع والقطر هيساعدوا ناس أكتر تكتشف جمال مطروح، من غير مشقة السفر الطويل."
ويضيف خالد بن مريغان سائح سعودي يزور مصر للمرة الثانية: "زرت مرسى علم والغردقة لكن مطروح عندها سحر مختلف. لو في قطار سريع بيربطها بالقاهرة أو العلمين، أكيد هتبقى نقطة جذب كبيرة للسياح الأجانب."
وتؤكد انعام يوسف من القاهرة الجديدة، أنها تخطط لقضاء عطلات نهاية الأسبوع مستقبلاً في مطروح بعد تشغيل القطار: دلوقتي المشوار بياخد أكتر من 6 ساعات بالعربية. لكن مع القطر السريع، ممكن نركب ونوصل في ساعتين أو تلاتة.. يعني نرتاح ونتفسح ونرجع من غير هم الطريق.
اترك تعليق