علقت صحيفة الجارديان البريطانية على حصيلة قتلى الأطفال في الحرب الإسرائيلية على غزة والتي بلغت حوالي 17 ألف طفل، قائلة إن غارة إسرائيلية قتلت ستة أطفال فلسطينيين - وأربعة بالغين - بينما كانوا يصطفون للحصول على الماء في مخيم للاجئين ، وربما يكون موت الأطفال أفظع ما في أي حرب ، فهو لا يقتصر على معاناة الأبرياء الضعفاء والألم الذي لا يمكن وصفه للآباء والأمهات الناجين - بقدر ما كانت مروعة- وإنما يشمل أيضا معرفة أن حياة انتهت وهي بالكاد تبدأ، وأن مستقبلا كان من المفترض أن يمتد طويلا قد انقطع في لحظة.
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي لها إنه على الرغم من فظاعة وفيات يوم الأحد الماضي، إلا أنها شائعة في غزة حيث يتم قتل ما يعادل فصلا دراسيا من الأطفال كل يوم منذ بدء الحرب ولكن الأمر المختلف بينها وبين غيرها من الحوادث هو أن هذا العدد الكبير من الوفيات وقع دفعة واحدة وعلى مرأى الجميع؛ وأن الجيش الإسرائيلي شعر بأنه ملزم بالاعتراف بمسؤوليته - وإن لم يبد أي ندم كبير، فقد زعمت أن "خطأ فنيا في الذخيرة" تسبب في إخفاقها في إصابة هدفها المقصود.
وتساءلت الصحيفة: ما علاقة هذه اللغة البيروقراطية الهزيلة بالموت الدموي لستة أطفال مصابين بصدمة نفسية؟ وأكدت أن هذه الوفيات لم تكن خطأ، بل كانت مأساة - مثل مأساة الأطفال العشرة الذين قتلوا قبل أيام، وهم يصطفون خارج عيادة ، وقال الجيش الإسرائيلي، مجددا، إنه يأسف لأي ضرر لحق بالمدنيين ، ومع ذلك، تتراكم جثث الأطفال، أطفال قتلوا وهم يلجؤون إلى مدارسهم السابقة، أطفال قُتلوا وهم يفرون من الجيش الإسرائيلي، أطفال قتلوا وهم نائمون في منازلهم.
وأضافت الصحيفة أن وزارة الصحة في غزة تقول إن أكثر من 17 ألف من أصل 58 ألف فلسطيني قتلوا هم أطفال، فيما تزعم إسرائيل إنها تسعى إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى أدنى حد، مشيرة إلى أن عدد القتلى يتناقض مع هذا الكلام، واستشهدت الصحيفة بتصريحات مصادر استخباراتية إسرائيلية للصحفيين العام الماضي أنه قد سمح لهم أحيانا بقتل ما يصل إلى 20 مدنيا للقضاء على حتى صغار المقاتلين - مع تفضيل مهاجمة الأهداف وهم في منازلهم، لسهولة ذلك.
ومضت الصحيفة تقول إنه ما كان ينبغي أن يضطر هؤلاء الأطفال الستة العطشى للوقوف في طوابير للحصول على الماء بسبب ما تسميه الأمم المتحدة جفافا من صنع الإنسان.
وترى منظمات حقوقية أن آلاف الفلسطينيين لقوا حتفهم نتيجة لنمط إسرائيل المتعمد من الإجراءات لحرمانهم من الماء، والذي تصفه بأنه يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة، فضلا عن كونه إبادة جماعية.
وأكدت الجارديان أنه ما كان ينبغي أن يحتاج هؤلاء الأطفال العشرة الجائعون إلى مكملات غذائية، غير أن إسرائيل تواصل تشديد الخناق، المساعدات والمدنيون يتضورون جوعا، فيما تقول الأونروا إن عشر الأطفال الذين خضعوا للفحص في عياداتها يعانون من سوء التغذية.
وتطرق التقرير إلى إصابة عشرات الآلاف من الأطفال بجروح خطيرة، وكثير منهم مبتورو الأطراف. وحتى فبراير من العام الماضي، تم تحديد حوالي 17 ألف طفل على أنهم غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن عائلاتهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن صغار السن هم من بين الأقل قدرة على مواجهة الجوع والمرض. وتساءلت كم منهم سينجو من هذا الصراع؟ كم منهم سيتمكن من البقاء في غزة؟ كم منهم سيتمكن من عيش حياة طبيعية يوما ما؟ كم منهم لن يرى سوى الانتقام أو اليأس أمامه؟
وأضافت الصحيفة أنه لا يزال الحلفاء، متواطئين في هذه الحرب، ويتعين عليهم أن يسألوا أنفسهم ماذا سيفعلون لو واجه أطفالهم ولو ليوم واحد ما عاناه أهل غزة شهرا بعد شهر.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها بالتأكيد على أنه لأطفال غزة نفس الحقوق التي يتمتع بها الأطفال في أي مكان - في الماء والطعام والمأوى والتعليم واللعب، وفي الأمل والفرح والحياة، واستعرضت أسماء الأطفال الذين قتلوا قائلة إنهم "كانوا أطفالا. كانوا محبوبين".
اترك تعليق