هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بركة الحبشية.. سجلت أروع الأمثال في حضانة رسول الله

بركة بنت ثعلبة الحبشية رضي الله عنها، حاضنة النبي ومربيته، وهي زوجة الصحابي زيد بن حارثة.. فهي امرأة تتميز بالعاطفة الحية، والحنان الصادق الذي بلغ الذروة، فبلغت أعلي مراتب الإيمان وحظيت بالتكريم من رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال عنها "هذه بقية أهل بيتي" وقال ايضا: "أم أيمن أمي بعد أمي ومن سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن".


ولدت بركة أم أيمن في الحبشة، وغنمتها قريش مع من جاؤوا يريدون هدم الكعبة، فأصبحت  مولاة لعبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلي الله عليه وسلم، وعاشت في مكة، وورثها النبي "صلي الله عليه وسلم" عن أبيه، فبقيت ملازمة له طيلة حياته.

ومن أوائل المواقف المضيئة لبركة أم أيمن، موقفها الرائع يوم أن توفيت آمنة بنت وهب أم النبي صلي الله عليه وسلم بقرية الأبواء، الواقعة بين مكة والمدينة وهي عائدة من زيارة أخواله بني النجار بالمدينة المنورة، وكانت أم أيمن بصحبتهما في هذه الزيارة، وفي تلك اللحظات الحرجة الأليمة، ظهرت أم أيمن بعطفها وبرها برسول الله الذي كان طفلاً في السادسة من عمره، وعادت به إلي مكة وحيدا يتيما حزينا علي فراق أمة آمنة.

وفي سجل المودة والرحمة والإنسانية برزت مواقف أم ايمن لتسجل أروع الأعمال في حضانة النبي عليه الصلاة والسلام..  وعنايتها الفائقة به، حتي كان جده عبد المطلب يوصيها به ويرشدها إلي الاهتمام به ما استطاعت إلي ذلك سبيلا، فكانت لا تغفل عنه طرفة عين.

قد نشأ رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وهو يري بركة أم أيمن تحفه بجناحيها وتكرمه وتبر به، ولهذا كان يقول لها: يا أمي.. وكان قد منحها منزلة كمنزلة أهل بيته.. وكانت لها مكانه عظيمة وقدر كبير عنده عليه الصلاة والسلام، وكان كلما رأها يتحدث إليها ويصغي إليها ويعطف عليها ويأنس بها ويمازحها رضي الله عنها.

* ولما تزوج النبي صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، أعتقها، وزوجها لعبيد بن زيد الخزرجي بمكة، فولدت له أيمن بن عبيد، ومنذ ولادته، أصبحت كنيتها التي اشتهرت بها هي أم أيمن.

* وبعد ما استشهد زوجها عبيد الخزرجي قال النبي صلي الله عليه وسلم  "من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن" فتزوجها زيد بن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد حبيب رسول الله صلي الله عليه وسلم.. وفي هذه الأثناء كان رسول الله "صلي الله عليه وسلم" يزورها في بيتها، ويذكر فضلها ويقول: "أم أيمن أمي بعد أمي".

فلما بعث رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وأصبح يدعوا إلي الله عز وجل إلي الإسلام، كانت أم أيمن سابقة في الإسلام علي من سواها من نساء الصحابة حيث أسلمت بعد السيدة خديجة وعلي وزيد.

وأصبحت بركة أم أيمن من أوائل المؤمنين والمؤمنات، وقد لاقت الكثير من العذاب والأذي من قريش بسبب إسلامها فهاجرت الهجرتين، الهجرة الأولي إلي الحبشة والثانية الي المدينة، وبايعت رسول الله صلي الله عليه وسلم وأخذت أعمالها تزداد في التألق في مختلف المجالات الخيرة وخصوصا في مجال الجهاد والصبر والجود.

* يذكر أنها شهدت عددا من الغزوات. منها أحد وخيبر وحنين، وكان لها رضي الله عنها دورا في الجهاد فقد حضرت غزوة أحد، وقامت بسقاية المجاهدين، ومداواة جراحهم. ولما انهزم بعض المسلمين يوم أحد، ورأت فرار الرجال في المعركة، كانت تحثو التراب في وجوه الذين فروا، وتقول لبعضهم : "هاك المغزل فاغزل به وهات سيفك" ودافعت عن النبي عليه الصلاة والسلام بالسيف لما رأت الناس تفر من حوله، ثم اتجهت نحو رسول الله تستطلع أخباره حتي اطمأنت علي سلامته فأطمأن قلبها، وبينما هي كذلك إذ بسهم الكافر حبان بن العرقة يصيبها.

كانت أم أيمن ممن ضربن أروع الأمثلة في مجال الصبر والتسليم لقضاء الله عز وجل، حيث أنه في سرية مؤتة كان زوجها زيد بن حارثة أميرا علي الجيش الغازي في سبيل الله، وكان أول الشهداء، وعندما تلقت نباء استشهاده تلقته بنفس راضية صابرة واحتسبته عند الله.

أما في غزوة خيبر كانت أم أيمن مع نساء الصحابة، وقد أعطاهن النبي صلي الله عليه وسلم عطاء يسيرا من الغنائم.

وفي السنة الثامنة من الهجرة في شهر شوال وقعت غزوة حنين بين المسلمين وقبيلتي هوازن وثقيف في واد يسمي حنين بين مدينة مكة والطائف، والتي تلت صلح الحديبية وغزوة خيبر وغزوة مؤتة وفتح مكة، والتي قد جرت في فترة ازدهار وانتشار الإسلام داخل الجزيرة العربية.. فقد كانت أم أيمن في ركب المجاهدين مع والديها أيمن وأسامة رضي الله عنهما. في غزوة حنين، وكانت ووالداها من المائة الصابرة التي ثبتت حول النبي "صلي الله عليه وسلم" يومئذ، وهنالك كادت الهزيمة تلحق بالمسلمين ففر بعض الصحابة لهول الموقف، وقد صور الله شدة الموقف قال تعالي: "لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين" سورة التوبة.. إلا أن أم أيمن بقيت ثابتة هي وابنها في جوار رسول الله عليه الصلاة والسلام، وظل أيمن يقاتل حتي استشهد في تلك الواقعة، ولم يزدها استشهاده إلا إيمانا وتسليما.

ولما توفي النبي الله صلي الله عليه وسلم، وقفت أم أيمن والحزن يملأ قلبها والدموع تفيض من عينيها، فجاشت عاطفتها البريئة، ورثته بقصيدة جميلة قالت: "عين جودي فإن بذلك للدمع شفاء فأكثري من البكاء، حين قالوا الرسول أمسي فقيدا ميتا كان ذاك كل البلاء.. وابكيا خير من رزئناه في الدنيا ومن خصه بوحي السماء".

وظلت أم أيمن تحظي بالمكانة الكبيرة في حياتها وكان يزورها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

* وتوفيت أم أيمن مولاة رسول الله وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وصلي عليها ودفنت بالبقيع رضي الله عنها وأرضاها.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق