تجيب الدكتورة حنان مختار أصول الفقه المساعد فتقول: جعلت الفدية عن عذر أقره الشارع الحكيم جبرًا لما لم يستطع العبد القيام به من عبادات كعدم الاستطاعة للصيام لمرض لا يُرجى بُرؤه (مرض مزمن ) ففدية طعام مسكين عن كل يوم من رمضان، قال تعالى :
"أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" سورة البقرة( آية 184) .
وطعام المسكين لابد وأن يكون بالمثل لمن يفدي وهو صاحب العذر ، بمعنى وكأنني حال الصوم أفطر
و أتسحر فالمسكين كذلك ولا يوجد مقدار محدد سواء أكان ماليًا أو عينيًا فهو حسب حال المفتدي قياسا على الآية :" من أوسط ما تطعمون أهليكم" لأنه يتعلق بحال الفرد .
أما الكفارة فقد جعلت تكفيرًا عن ذنب أو تقصير العبد في عبادة أو الإخلال بها أو بشروطها ككفارة إطعام ستين مسكينًا حال الجماع عمدًا في نهار رمضان أو في حالة الحلف الباطل ، قال تعالى :
لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ المائدة آية: 89.
ومقدار الإطعام ما يتكلفه العبد وجبتا الإفطار والسحور بحسب المعتاد في بيته وتخرج كما قال جمع الفقهاء إطعامًا في الأصل كما نصت الآيات ،كما في مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، أما عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وأحمد يَجُوزُ في حالة الحاجة إلى ذلك ،فإن عجز المرء على أن يخرجها إطعامًا جاز له أن يخرجها مالًا بقيمة ما ينفقه لإطعام نفسه وجبتين إفطارًا وسحورًا .
وذلك أيضًا من الأفعال التي تَقبل النيابة أي ينوب أحد عن صاحب الفدية أو الكفارة في إخراجها بإذنه .
وذهب الشافعية إلى أن الإطعام قد يكون من الحبوب والثمار ؛ لأن الأبدان تقوم به ولابد من أن نفرق بين إفطار الصائم والكفارة أو الفدية وذلك من ثلاثة أوجه :
الأول : أن كلًا من الكفارة أو الفدية تكون من وجبتين تعدل صيام العبد لليوم كاملًا، أما إفطار الصائم فهي وجبة واحدة وهي الإفطار فقط ولفظها يدل على كيفيتها ، (ومن زاد فله زيادة الأجر) ؛ وذلك لما جاء في الحديث الشريف :" من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء " رواه الترمذي وقال حسن صحيح .
الثاني : التعبير في كل من الفدية والكفارة بلفظ إطعام أما في إفطار الصائم ورد بلفظ الإفطار فقط.
الثالث :اختلاف السبب فلإفطار الصائم سبب مخصوص من قبيل إطعام الطعام وهي سنة، أما الفدية أو الكفارة فهما واجبتان.
إلا أن من يقوم بالفدية والكفارة يحصل له الثوابان معًا وهو كونه أدى ما عليه من فدية أو كفارة عن صيام يومه ومنه أنه قد فطر صائمًا فنال ثواب ذلك .
والله أعلم
اترك تعليق