الصيام .. ركن من أركان الإسلام الخمسة، وعبادة عظيمة شرعها الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، كما شرعه لمن سبقها من الأمم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (البقرة:183). فصيام رمضان فرض على كل مسلم عاقل بالغ صحيح مقيم خال من الموانع.
وذكر أهل العلم أن الصيام فُرض في رمضان من السنة الثانية من الهجرة النبوية السنة الثانية للهجرة، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صام تسع رمضانات. وقد مرت فرضية الصيام بأربع مراحل هي:
المرحلة الأولى: صيام يوم عاشوراء وجوباً، وهو اليوم العاشر من المحرم، وكان صلى الله عليه وسلم قد أمر بصيام هذا اليوم قبل أن يفرض صيام شهر رمضان؛ وفي "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء، وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك؛ أي تركه على أنه فرض، وسنَّ صيامه لمن شاء.
أما المرحلة الثانية فجاءت بالتخيير بين صيام شهر رمضان، أو دفع فدية للمساكين، قال تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) (البقرة:184).
والمرحلة الثالثة: كانت إيجاب الصيام على المقيم الصحيح القادر المكلف، فإذا غربت الشمس، كان للصائم أن يأكل ويشرب ما لم ينم، فإن نام، حرم عليه الطعام والشراب وقربان النساء إلى الليلة القابلة، ولما كان الصيام على هذه الشاكلة فيه من الحرج ما لا يخفى، خُفِّف عن المسلمين ذلك؛ ويدل على هذه المرحلة وملابساتها، ما رواه البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلقُ فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك - تتحسر عليه - فلما انتصف النهار غشي عليه، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) (البقرة:187) ففرحوا بها فرحاً شديداً، ونزل قوله تعالى بعدُ: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (البقرة:187).
واستقر الأمر في المرحلة الرابعة: على وجوب صوم هذا الشهر الكريم، على كل مكلف قادر مستطيع على الصيام، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (البقرة:185).
ثم شرع سائر تطوع الصيام شيئا فشيئا، كما هي سنّة التشريع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق