عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إني قد أُمِرْتُ أن أقرأ علي إخوانكم من الجن. فليقم معي رجلى منكم. ولا يقم رجلى في قلبه مثقال حبةِ خردلي مِن كِبْر". فقمت معه. وأخذت إداوةً فيها نبيذى -أي نقيع تمري غير متخمر-. فانطلقت معه. فلما برز خط لي خطًّا وقال لي: "لا تخرج منه. فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلي يوم القيامة" قال: ثم انطلق. فتواري عني حتي لم أره. فلما سطع الفجر أقبل. فقال لي: "أراك قائمًا". فقلت: ما قعدت. فقال: "ما عليك لو فعلت". قلت: خشيت أن أخرج منه. فقال: "أما إنك لو خرجت منه لم ترني ولم أرك إلي يوم القيامة. هل معك وضوء؟" قلت: لا. فقال: "ما هذه الإداوة؟" قلت: فيها نبيذ. قال: "تمرة طيبة وماء طهور". فتوضأ وأقام الصلاة. فلما قضي الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع. فقال: "ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكما؟" قالا: بلي. ولكن أحببنا أن يشهد بعضنا معك الصلاة. فقال: "ممن أنتما؟" قالا: من أهل نصيبين. فقال: "أفلح هذان. وأفلح قومهما". وأمر لهما بالروث والعظم طعامًا ولحمًا. ونهي النبيُّ صلي الله عليه وآله وسلم أن يُستنجي بعظمي أو روثة.
وعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ مَسْعُود - رضي الله عنه -: هَلْ صَحِبَ النَّبِيَّ -صلي الله عليه وسلم- مِنْكُمْ أحَدى لَيْلَةَ الجِنِّ؟ قَالَ: مَا صَحِبَهُ أَحَد مِنَّا. وَلَكِنْ كُنَّا مَعَهُ ذَاتَ لَيْلَة ففقَدْنَاهُ فالتمسناه في الأوْدِيَة والشِّعابِ. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ؟ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَة بَاتَ بِهَا قَوْمى. حَتَّي إِذَا أَصْبَحْنَا فَإِذَا هُوَ جَاء مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ فَقُلْنَا: يا رسول الله! فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَة باتَ بِها قَوْمى. فَقَالَ: *أَتَانِي *دَاعِي *الْجِنِّ. فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقرْآنَ قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ. وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمي ذُكَرُ اسْمُ الله تَعَالَي عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا. وَكُلُّ بَعْرَة أَوْ رَوْثَة عَلَفى لِدَوَابِّكُمْ. فَقَالَ -صلي الله عليه وسلم : فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا. فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ.
اترك تعليق