تواصل الدبلوماسية المصرية نجاحاتها وبصماتها البارزة فى رفع اسم مصر خفاقا للدفاع عن قضايا الأمة وفتح آفاق أرحب واوسع لتعزيز التعاون على المستوى العربى والإقليمى والدولى وكذلك حماية مصالح المواطن المصرى فى الخارج، فى تأكيد محورية دور الذراع الدبلوماسية للدولة المصرية لتحقيق المصالح الاستراتيجية للوطن كونه خط الدفاع الأول عن المصالح المصرية فى الخارج.
وتأتى هذه النجاحات تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى ساهمت فى أن تتبوأ مصر المكانة التى تستحقها على المستوى الدولى لتظل مصر رمانة ميزان المنطقة وليبقى دورها الفاعل هو الأساس لحل الأزمات والتحديات التى تحيط بالمنطقة من كل جانب وعلى رأسها الوضع فى فلسطين وليبيا والسودان والصومال ومكافحة الإرهاب، ورغم كل هذه التحديات كانت المصالح المصرية هى البوصلة التى توجه أولويات عمل الدبلوماسية المصرية.
ونظرا ًلاهمية البعد الاقتصادى واهمية دعم الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات الاجنبية لمصر، فقد عملت الدبلوماسية المصرية على الدفع بالعلاقات الثناية مع كافة دول العالم لجذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادى جنبا إلى جنب مع تعزيز العمل الدبلوماسى والسياسى.
اعطت الدبلوماسية المصرية الأهمية القصوى للدور الاقتصادى الذى تقوم به البعثات المصرية فى الخارج، اتساقاً مع توجهات وأولويات الحكومة المصرية، انطلاقاً من قناعتها الراسخة أن سفارات مصر عليها مسئولية كبيرة فى دعم الاقتصاد الوطنى عن طريق الترويج للفرص الاستثمارية الواعدة فى مصر، وتعزيز التبادل التجارى ودعم نفاذ المنتجات المصرية إلى أسواق دول الاعتماد، بما ينعكس بصورة إيجابية ومباشرة على المواطن المصرى ويُحقق مصالحه.
كذلك فان حماية مصالح المصريين فى الخارج تُعد بمثابة أولوية قصوى لعمل البعثات المصرية فى دول الاعتماد.. حيث إن تقديم الخدمات القنصلية للمواطنين المصريين وتعزيز ربطهم وأسرهم بالوطن الأم يُمثل إحدى ركائز عمل وزارة الخارجية، فجاءت توجيهات وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى إلى رؤساء البعثات المصرية بالخارج لتذليل كافة العقبات التى تواجه الجاليات المصرية فى دول الاعتماد، والتواصل معهم بصورة دورية ومباشرة للاستماع إلى آرائهم وبحث كيفية تعظيم الاستفادة من الخبرات والقدرات المصرية فى الخارج لدعم الجهود التنموية للدولة المصرية، كذلك فقد حرص عبدالعاطى على لقاء أبناء الجالية المصرية فى كافة زياراته وجولاته الخارجية.
وجاءت ثوابت السياسة الخارجية المصرية التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ 2014 وحتى الآن لتشكل محطة فارقة فى تاريخ مصر، فى تحقيق متطلبات الأمن القومى المصرى وحماية المصالح الوطنية المصرية، السياسية والاقتصادية والتجارية وغيرها، فضلاً عن تعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية و تصاعد كبير في دورها. الأمر الذي تجسد في انتخابها لعضوية مجلس الأمن الدولي "2016-2017 "، ولرئاسة مجلس السلم والأمن الافريقى ثم لرئاسة الاتحاد الافريقى "2019" ثم رئاسة تجمع الكوميسا "2021-2023 "، ثم ترأس النيباد "2023-2025"، وغير ذلك من المهام الدولية رفيعة المستوى.
ويأتى إيمان الدولة المصرية بمحورية آليات العمل الدولى متعدد الأطراف لتحقيق الأهداف والمبادئ التى نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وفى مُقدمتها حفظ السلم والأمن الدوليين، وتحقيق التعاون الدولى بهدف مخاطبة مُختلف التحديات الدولية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، وكذا التسوية السلمية للنزاعات، وحظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.
كذلك مارست الدبلوماسية المصرية العريقة دورًا مؤثرًا فى مُختلف الأُطر الدولية المتعددة الأطراف، وفى مُقدمتها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن حركة عدم الانحياز، ومجموعة الـ77، لتحقيق الأهداف المتقدمة.
ويقع على عاتق وزارة الخارجية العديد من الأولويات والتحديات فى ملف السياسة الخارجية المصرية، و تقود وزارة الخارجية بقيادة الدكتور بدر عبدالعاطى تحركات نشطة وفاعلة ومتوازنة تُعزز من الثقل الإقليمى لمصر وتفاعلها مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وتراعى تنوع المصالح المصرية مع مختلف القوي الفاعلة فى العالم، وتربط سياسة مصر الخارجية بصورة مباشرة بالأولويات التنموية للدولة المصرية.
مكافحة الإرهاب
تتولى وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج من خلال وحدة مكافحة الإرهاب الدولى تنسيق الجهود على المستوى الوطنى لتمكين الدولة المصرية من تنفيذ إستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب وتسهيل التفاعلات مع الأطراف المعنية على المستوى الدولي فى الموضوعات ذات الصلة.
تقوم وزارة الخارجية بإصدار التقارير الوطنية المتضمنة جهود الدولة المصرية فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف سواء كان عقائدياً أو غير ذلك، مع إبراز المقاربة الشاملة التى تتبناها مصر فى هذا الشأن والتي لا تقتصر على المواجهة الأمنية فحسب، وإنما تشمل كذلك المحاور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتنموية، بما يتسق مع الركائز الأربعة لإستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
تشارك وزارة الخارجية فى الفعاليات والمؤتمرات الدولية ذات الصلة، وتتولى إبراز محددات المقاربة المصرية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وأهم المبادئ الحاكمة فى هذا الشأن، والتى يأتى على رأسها معالجة الجذور المُسببة للإرهاب مع مراعاة الحفاظ على مقومات الدولة الوطنية ومؤسساتها واحترام مبدأ "المسئولية الوطنية للدولة" ومركزية دور مؤسساتها الوطنية المعنية بإنفاذ القانون فى سياق جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
تقوم وزارة الخارجية بتمثيل مصر فى "المنتدي العالمى لمكافحة الإرهاب"، والذى تتولى مصر رئاسته منذ عام 2023 مشاركة مع الاتحاد الأوروبى، ويهدف المنتدي إلى تعزيز النهج الإستراتيجى طويل الأمد فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف من خلال تحديد التهديدات الجديدة والناشئة كتغير المناخ فى هذا المجال ومعالجة الفجوات فى مجال بناء القدرات والتدريب ورفع التوعية المجتمعية.
فلسطين
وفى ظل عضوية مصر فى مجلس الأمن الدولى فى الفترة من 2016 - 2017، نجحت الدبلوماسية المصرية - فى ضوء المبادرات التى أطلقتها خلال فترتى رئاستها للمجلس - فى إعادة التركيز على حقوق الفلسطينيين بما أسهم فى اعتماد القرار التاريخى 2334 بشأن الاستيطان.
وبذلت مصر جهوداً مضنية للتوصل إلى قرار وقف إطلاق النار بالتعاون مع الشركاء فى قطر وواشنطن، إنطلاقاً من الثوابت المصرية فى الدقاع عن القضية الفلسطينية ووقف نزيف الدم الفلسطينى.. حيث تؤكد مصر دوما على التزامها التاريخى بدعم الشعب الفلسطينى كما قامت بتوفير المساعدات الإنسانية من خلال معبر رفح البرى للفلسطينيين بقطاع غزة، وقد عملت مصر مع الشركاء الدوليين على محاولة تخفيف المعاناة على الفلسطينيين فى القطاع وإجلاء الرعايا الأجانب والمصابين من الفلسطينيين وتوفير الدعم اللازم للسلطة الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى، كما دعت مصر إلى أهمية التزام إسرائيل بصفتها "قوة الاحتلال" بقواعد القانون الدولى لتوفير الحماية الواجبة للمدنيين الفلسطينيين فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فى ذلك قطاع غزة، والأماكن المقدسة بمدينة القدس والضفة الغربية، ويضاف إلى ذلك التأكيد على الدور المحورى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والتى تعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 194 لضمان حق العودة للفلسطينيين المُهجرين من أرضهم، إضافة إلى دورها السياسى واللوجستى فى دعم الفلسطينيين داخل أرضهم وفى دول الجوار "المُهجرين إليها قسرياً منذ 1947".
وتؤكد مصر ضرورة توقف إسرائيل عن اتخاذ الإجراءات والسياسات أحادية الجانب التى تسهم فى اندلاع أعمال العنف والقصف والدمار، وفى مقدمتها أنشطة الاستيطان غير الشرعية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، خلافاً لاتفاقيات أوسلو والمرجعيات الدولية، وسياسات الطرد والاخلاء القسرى للفلسطينيين بمدينة القدس وتغيير الطابع الزمانى والمكانى والديموغرافى والجغرافى للمدينة المقدسة والحرم الشريف وامتداداتهما، وكذا محاولة فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة سياسيا وجغرافياً، ومحاولة إحداث تغيير ديموغرافى داخل قطاع غزة من خلال فصل شمال القطاع عن جنوبه وتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع قسرياً إلى جنوب القطاع.
وترتكز سياسة مصر الخارجية على عدد من المبادئ الراسخة التى لا تتغير بتغير الأولويات، وعلى رأسها دعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمى والدولى، والاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بمبادئ القانون الدولى واحترام العهود والمواثيق ودعم دور المنظمات الدولية، مع الحرص على الحفاظ على توازن يربط أهداف مصر ومصالحها الاستراتيجية فى إطار استقلالية القرار المصرى.
وتتمحور الرؤية الاستراتيجية لأولويات وزارة الخارجية حول عدد من المحاور، أهمها الحفاظ على ثوابت الأمن القومى المصرى فى ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وتعزيز دور الدبلوماسية الاقتصادية لدعم البعد التنموى للدولة المصرية، التركيز على محورية دور المواطن ورعاية مصالحه فى سياسة مصر الخارجية، التوظيف الأمثل لقوة مصر الناعمة.
للسياسة الخارجية المصرية دوائر اهتمام مرتبطة بصورة أساسية بهوية مصر العربية والإفريقية والإسلامية، والتى تتقاطع جميعها مع أمن مصر القومى بصورة مباشرة، بالإضافة إلى دوائر الاهتمام الدولية والعلاقات الاستراتيجية التى تجمع مصر بالقوى الكبرى، ومع التسليم بأهمية ومحورية هذه الدوائر فى صياغة أولويات السياسة الخارجية المصرية، فإن تطورات المشهدين الإقليمى والدولى، والتطورات فى الأولويات الداخلية، فرضت على السياسة الخارجية المصرية استحداث "دوائر جديدة" للسياسة الخارجية المصرية، بالإضافة إلى انتهاج "سياسة التوازن الإستراتيجى" فى إدارة علاقاتها بمختلف اللاعبين الدوليين لدعم المصالح المصرية.
وتتمثل أهم أولويات السياسة الخارجية المصرية اتصالاً بثوابت أمنها القومى فى حلحلة النزاعات المرتبطة بصورة مباشرة بأمن الحدود المصرية مع دول الجوار، أمن البحر الأحمر، تعزيز العلاقات مع الدول العربية، الانفتاح الإستراتيجى على شركاء مصر الدوليين، الاستمرار فى البناء على التطورات الإيجابية التى شهدتها العلاقات المصرية/الأوروبية، تعزيز التعاون الأفريقى، الدفاع عن الأمن المائى المصرى، تعظيم الاستفادة من الشراكات الإستراتيجية والتجمعات التى انضمت إليها مصر لدعم أهداف التنمية المستدامة، تعزيز المفهوم الشامل للأمن "الأمن الغذائي/ الأمن المائي، الأمن السيبراني/أمن الطاقة"، والاستمرار في الدفاع عن المواقف المصرية في مختلف المحافل الدولية وفي الأطر متعددة الأطراف.
كذلك فان السياسة الخارجية المصرية مرآة للأولويات الوطنية للدولة المصرية، ومما لا شك فيه أن تحديات الاقتصاد العالمي التي تلقي بظلالها علي مصر يجب أن تنعكس علي سياسة مصر الخارجية بصورة مباشرة حتي تكون داعمة ومكملة لدور المؤسسات الوطنية الأخري العاملة في هذا المجال، والتواجد الفعلي لبعثات مصر الدبلوماسية والقنصلية علي الأرض يتيح لوزارة الخارجية الترويج للاقتصاد المصري والفرص الكامنة فيه وقطاعاته الواعدة، والصناعات الواعدة التي تستهدف مصر توطينها والتعرف بشكل مباشر علي الفرص الاستثمارية والتمويلية المُتاحة وربطها بأولويات الجانب المصري.
وتعتبر السفارات والقنصليات المصرية أذرع الدولة المصرية في الخارج وتلعب دوراً محورياً ومهماً في التواصل المباشر والمكثف مع أعضاء الجالية المصرية، ومن ثم تضع وزارة الخارجية علي عاتقها تنفيذ سياسات الدولة التي تضع المواطن المصري علي قائمة أولوياتها.
وتعمل وزارة الخارجية علي الاستفادة من مختلف روافد قوة مصر الناعمة، وإبراز التطورات التي تشهدها مختلف مجالات الحياة والمجتمع المصري، والاستفادة من عناصر القوة الناعمة الثقافية والتاريخية والفنية بهدف دعم أهداف الدولة المصرية وسياستها الخارجية.
اترك تعليق