يمثل الوقت بين الأذان والإقامة إحدى اللحظات الروحانية المهمة في حياة المسلم، فهو وقتٌ يستحب فيه الدعاء باعتباره من الأوقات التي يُرجى فيها القبول. كما أن الفصل بين الأذان والإقامة يعد سنة نبوية تمنح المصلين فرصةً للتأهب للصلاة بالطهارة وإدراك الجماعة الأولى، فضلاً عن تعزيز الحضور القلبي واستشعار عظمة الصلاة. فهل هناك وقت شرعي محدد بين الأذان والإقامة؟
وراً على هذا التساؤل أجابت إدارة الفتاوى الإلكترونية بدار الإفتاء المصرية: صرح الفقهاء باستحباب الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة أو جلوس أو وقت يسع حضور المصلين فيما سوى المغرب، مع ملاحظة الوقت المستحب للصلاة، ويكره عند الفقهاء الإقامة للصلاة بعد الأذان مباشرة بدون هذا الفصل؛ وذلك لما ورد عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ، اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهَلٍ، وَيَقْضِي الْمُتَوَضِّئُ حَاجَتَهُ فِي مَهَلٍ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
ولأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتهيئوا للصلاة بالطهارة فيحضروا المسجد، وبالوصل ينتفي هذا المقصود، وتفوت صلاة الجماعة على كثير من المسلمين.
وقد ورد عن بعض الفقهاء تحديد مقدار الفصل بين الأذان والإقامة؛ فروى الحسنُ عن أبي حنيفة أن مقدار الفصل في الفجر قدر ما يقرأ عشرين آية، وفي الظهر قدر ما يصلي أربع ركعات؛ يقرأ في كل ركعة نحوًا من عشر آيات، وفي العصر مقدار ما يصلي ركعتين؛ يقرأ في كل ركعة نحوًا من عشر آيات.
ورَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ سُنَّةٌ فِي الْمَغْرِبِ»، وَلأَنَّ الأَذَانَ شُرِعَ لِلإِعْلامِ فَسُنَّ تَأخِيرُ الإِقَامَةِ لِلإِدْرَاكِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ تَأخِيرُهَا فِي غَيْرِهَا] اهـ.
وبناءً عليه: فينبغي على القائمين بأمر الأذان والإقامة أن يقدروا وقتًا يفصل فيه بين الأذان والإقامة بحيث يجتمع المصلون ويتمكنون من أداء الصلاة مع الجماعة الأولى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق