بات "البقاء الدائم" كابوسًا يطارد سكان القري السورية التي توغلت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي. في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي. وفق ما نقلت عنهم صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقالت الصحيفة. في تقريري لها. إن جنود الاحتلال اجتاحوا القري السورية الحدودية. واستولوا علي أعلي قمة في سوريا "جبل الشيخ". وأقاموا حواجز علي الطرق بين البلدات السورية. والآن يطلون علي القري المحلية من مواقع عسكرية سورية سابقة.
وذكرت الصحيفة. أن سقوط الأسد كان بمثابة بداية لتوغل قوات الاحتلال في القري الحدودية. حيث يساور القلق آلاف السوريين هناك. بشأن المدة التي تستغرقها العمليات العسكرية الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة إلي اعتقال قوات الاحتلال بعض السكان. وإطلاقها النار خلال احتجاجين علي الأقل ضد الاحتلال.ونقلت الصحيفة عن سكان القري الحدودية. أنهم يخشون تحول الوجود الإسرائيلي إلي احتلال عسكري طويل الأمد.
وقال شاهر النعيمي. الذي يعيش في قرية "خان أرنبة" الحدودية التي داهمها جيش الاحتلال: "نحن الجزء الوحيد من البلاد الذي لم يتمكن حقًا من الاحتفال بسقوط نظام الأسد. بسبب توغل جيش الاحتلال".
وفي أعقاب سقوط الأسد. أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جيش الاحتلال بالسيطرة علي المنطقة العازلة التي تضم عددًا من القري السورية. وزعم رئيس حكومة الاحتلال. أن هذه الخطوة مؤقتة لضمان عدم تمركز أي قوة معادية بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وسط الاضطرابات الداخلية في سوريا.
واستولت قوات الاحتلال بسرعة علي قمة جبل الشيخ. أعلي جبل في سوريا. وتقدمت علي طول المنطقة العازلة وخارجها. وفي الوقت نفسه تقريبًا. نفذ الاحتلال مئات الغارات الجوية في جميع أنحاء سوريا مستهدفًا طائرات مقاتلة ودبابات وصواريخ وأسلحة أخري تابعة لنظام الأسد.
وقال ضرار البشير. وهو زعيم محلي في منطقة القنيطرة الحدودية. إنَّ تحول العملية الإسرائيلية إلي احتلال طويل الأمد من شأنه أن يشعل المزيد من العنف في سوريا.
وتحتل إسرائيل بالفعل مرتفعات الجولان منذ 1967. وضمتها في خطوة لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي.
وقال عرسان عرسان. وهو أحد سكان قرية سورية خارج المنطقة العازلة. والذي ساعد في التنسيق بين مسئولي الأمم المتحدة والسكان المحليين: "نحن نريد السلام. ولكن صناع القرار في إسرائيل يبدو أنهم يعتقدون أنهم سيحققون كل شيء بالقوة.. إذا دفعوا الناس إلي الزاوية فإن الأمور سوف تنفجر. كما حدث في غزة".
ودخل ضباط الاحتلال أيضًا إلي القري للقاء الزعماء المحليين والمطالبة بجمع كل الأسلحة الموجودة في بلداتهم وتسليمها لجيش الاحتلال. بحسب سبعة من السكان. الذين قالوا إن البلدات امتثلت في الغالب للأمر. ما دفع جنود الاحتلال إلي إخراج البنادق بالشاحنات.
وقال سكان سوريون وزعماء محليون في القري الحدودية. إن المركبات العسكرية الإسرائيلية ألحقت أضرارًا بأنابيب المياه وكابلات الكهرباء في بعض القري. ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي والمياه.
وقال تركي المصطفي "62 عامًا" إنه لم تكن هناك مياه جارية في بلدته الحميدية. منذ دخول قوات الاحتلال إلي المنطقة العازلة. وأضاف أن قوات الاحتلال سمحت بنقل بعض المياه بالشاحنات. لكنها أقامت حواجز علي الطرق حول البلدة. وأمرت السكان بالدخول والخروج في ساعات محددة فقط.
وقال أحمد خريوش "37 عامًا" وهو من سكان بلدة رافيد. إن استقبال شبكات الهاتف المحمول أصبح متقطعًا أيضًا في المنطقة العازلة منذ التوغل الإسرائيلي. مما يجعل الاتصالات صعبة.
واحتج بعض السوريين علي الوجود العسكري الإسرائيلي. ونظموا مظاهرات في 4 قري علي الأقل. وقال اثنان من سكان بلدة "سويسا" إن جنود الاحتلال أطلقوا النار. وأصابوا عدة أشخاص خلال احتجاج هناك في 25 ديسمبر.
وفي كودانا. وهي قرية سورية صغيرة تقع خارج المنطقة العازلة مباشرة. وصلت مركبات مدرعة إسرائيلية بعد أيام قليلة من سقوط الأسد. ووفقًا لرئيس بلدية القرية ماهر الطحان. قال إن قوات الاحتلال طلبت من زعماء القرية بثَّ رسالة عبر مكبرات الصوت في المساجد تأمر سكان كودانا البالغ عددهم نحو 800 نسمة بتسليم أي أسلحة.
وأضاف الطحان: "منذ ذلك الحين. جلب جيش الاحتلال مولدات كهربائية وأقام ثكنات مؤقتة في التلال المطلة علي كودانا".
ولكن بما إن معظم آبار كودانا تقع علي قمم تلك التلال. لجأ الطحان وسكان آخرون إلي شراء المياه باهظة الثمن من خلال الشاحنات.
وكشف مسئولون إسرائيليون. أن قوات الاحتلال ستبقي في محيط عملياتي مداه 15 كيلومترًا داخل أراضي سوريا. إلي جانب العمل علي وجود مجال نفوذ يمتد 60 كيلومترًا داخل الأراضي السورية تحت سيطرة الاستخبارات. وفق ما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية. التي نقلت عن مسؤولين وصفتهم بالكبار في إسرائيل. إن جيش الاحتلال يحتاج إلي الحفاظ علي محيط عملياتي يبلغ 15 كيلومترًا "9.3 ميل" داخل الأراضي السورية.
وقال الطحان. إنه "يتعين علي جيش الاحتلال الإسرائيلي أن يغادر في أقرب وقت ممكن.. وطالما ظلوا هنا فإن التوترات علي الجانبين سوف تستمر في التفاقم".
اترك تعليق