في مشهدٍ يعكس تواصل الأجيال وتلاحم الفكر بالابداع ، احتضنت صحراء مصر الغربية في محافظة الوادي الجديد واحدا من أكثر الفعاليات تجسيدا للفن النابض بالحياة ، فكانت مسابقة "ملكة جمال التمور 2024" ، هذا الحدث السنوي، الذي نجح فى استقطاب آلاف المتابعين من عشاق الثقافة والتراث من مختلف الأصقاع، مُعززاً لروح الهوية التراثية وتقاليد سكان الواحات ، حيث تألقت فتيات موطن أكبر مزرعة تمور مصرية في تجسيد مشهد عبر الأجيال، بفساتين ساحرة مستوحاة من بساتين النخيل الخضراء، تلك الثروة التي تمثل شهادة ميلاد مستقبلٍ واعد ونقلة نوعية تعيد إلى الذاكرة قيمة "ملك التمور" ودور المرأة كحارسة للتراث وراوية لقصص الأجداد.
تأتي المسابقة فى سابقة متفردة كمنارة تُضيء دروب الوعي بالهوية المجتمعية التى تتميز بها البيئة المحيطة بسكان الواحات في زمن التجديد ، والتى تُعزز من مكانة التراث في قلوب الأجيال الحالية ، وتفتح آفاقاً جديدة للتفاعل مع الموروث الثقافي، وبناء جسورٍ من التواصل بين الماضي والحاضر بفكر جديد ورؤية مستقبلية واعدة ، حيث تمتزج الأصالة بالحداثة في لوحة فنية تُجسد الأهمية الاقتصادية للمنطقة وتعكس الجمال الكامن فى تفاصيل مجموعة أزياء يرتدينها اجمل فتيات المحافظة ، اللائى جئن ليعبرن عن أصالة الماضي وروح التمور فى عزفٌ متناغم على أوتار الهوية الثقافية.
بوابة" الجمهورية" تابعت اصداء الحدث السنوي بعد سلسلة نجاحات متتالية جعلته الاقرب إلى قلوب سكان المنطقة بدعم وتوجيهات اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط محافظ الوادى الجديد ومتابعة حنان مجدى نائب المحافظ ، واختيارهم الموفق لتولى الدكتورة نهي سعيد مفتى ، أستاذة الجرافيك المساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة أسيوط مهام التنسيق والإعداد وإخراج المشهد فى تبهي صورة حضارية منذ انطلاق المسابقة للعام السادس على التوالي.
جاء ذلك بلمسة فنية ابتكارية وزي ملكى غير تقليدى ، مما كان له مفعول السحر فى الوصول إلى قلوب الصغار والكبار عبر تشكيل لوحة فنية تحاكى قصة الحى الشعبي والموروث الثقافي فى ثوب النخلة المباركة أيقونة الحياة والاستثمار بالوادى الجديد ، حيث تمكنت على إثرها أستاذة الجرافيك من توظيف العناصر الطبيعية بواسطة جلسات التفكير الإبداعي، لتضع تصورات مبدئية للأفكار والموديلات المختلفة ، وبفضل خبراتها فى هذا المجال منذ عام ٢٠٠٥ تمكنت من تحويل الأفكار إلى أزياء تعكس جماليات النخلة ومفاتنها.
أعرب اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط محافظ الوادى الجديد عن سعادته بنتائج تنظيم مثل هذه الفعاليات منذ قدومه إلى المحافظة مطلع ٢٠١٧ ، مؤكدًا على أهمية مسابقة "ملكة التمور" في تعزيز الهوية الثقافية للمنطقة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز مكانة الوادي الجديد كمركز زراعي متميز ووجهة سياحية ، والتى تمثل فرصة لتسليط الضوء على جماليات أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية المنتجة بإجمالي يتخطى المليونى ونصف المليون نخلة مثمرة ، ويصل إلى أكبر مزرعة تمور عالمية تستوعب ٥ ملايين شجرة نخيل قريبا ، مشيرا إلى حرصه على دعم المواهب الشابة وتعزيز روح الفخر والانتماء من خلال تنفيذ ورعاية مثل هذه المسابقات.
وفي تصريحات خاصة، أكدت الدكتورة نهي سعيد مفتي، أستاذة الجرافيك المساعد بكلية الفنون الجميلة بجامعة أسيوط وصاحبة فكرة تنظيم المسابقة منذ عام 2005 ، أن هذه الفعالية تعكس القيمة الجوهرية للتمور كمحصول رئيسي بمعدل انتاج يصل إلى ا١٨٠ ألف طن سنويا ، لافتة إلى أن هذه المسابقة ليست مجرد حدث ترفيهي فقط، بل تجسيد مشهد جمالى يجمع بين الإبداع والفن التراثي لابتكار مجموعة من الأزياء الملكية التي تم تصميمها بواسطة أوراق النخيل ورموز البلح، مكونة لوحة فنية فريدة تعكس جمال التمور بالمحافظة.
أضافت مفتى ، أن هذا العام شهد إقبالا تاريخيا وحفاوة جماهيرية أفضت إلى أجواء مليئة بالحماس والقبول ، لتستقبل العاصمة الإدارية شمال مطار الخارجة حضورًا كبيرًا من أولياء الأمور الذين أضفوا دفئًا على الحفل وسط تفاعل الجمهور حيث تم تتويج الملكات بالتساوي تقديرًا لجهودهن، وتم توزيع مكافآت لهن ولجميع المشاركين في تنظيم الحدث ، مشيرة إلى تفرد هذه النسخة بتقديمها من خلال أوبريت يتضمن أغنية خاصة من كلمات د.سيد عبد الرازق ، والحان وغناء حسام حسني ، ومونتاج د. رأفت موريس ، إلى جانب هندسة صوتية وميديا محمد الجبالي ، وتصميم الاستعراضات من اخراج محمد عبدالله البيرسي، مما أضاف طابعًا فنيًا خاصًا على الاحتفال.
وفي حديثها عن أسس ومعايير اختيار العناصر المشاركة في مسابقة "ملكة جمال التمور"، أوضحت أستاذة الجرافيك المساعد بكلية الفنون الجميلة بجامعة أسيوط، أن المسابقة تستند إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تعكس التفرد والتميز ، قائلة "تستند مسابقتنا على الجمع بين الموهبة والإبداع لدى المشاركات، حيث يتم تقييمهن وفقًا لمدى تميزهن في تقديم أفكار جديدة تُعبر عن تراث المحافظة الثقافي.
وأضافت ، يتعين على كل مشاركة أن تعكس روح الحدث ، من خلال اختيار الأزياء التي تبرز أهمية التمور كجزء لا يتجزأ من هوية أبناء المحافظة الزراعية ، مشيرة إلى ضرورة مراعاة التميز وجودة التنفيذ لكونهما حجر الزاوية في مجمل الاختيارات ، بما يتلائم واظهار دقة وإبداعًات التصميم ، لافتة إلى أهمية التواصل الفعّال بين المشاركات ، بحيث يجب أن تتمتع الفتيات بقدرة على العمل الجماعي، مما يعزز من روح التعاون ويضمن تقديم عرض متكامل يلبي تطلعات الجمهور.
وتابعت ، أن هذه المعايير ليست مجرد إرشادات، بل تمثل رؤية شاملة تهدف إلى تقديم منصة تعكس التنوع الثقافي والفني للمنطقة، مما يمكّن الفتيات من إبراز مواهبهن وإبداعاتهن في أبهى صورها ، مثمنة جهود فريق العمل والقائمين على التنفيذ برعاية كريمة ودعم غير محدود من محافظ الإقليم اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط لجهوده الحثيثة في دعم أفكار الشباب وحرصه على دفعهم نحو التميز والإبداع ، موجهة شكرها إلى السيدة حنان مجدى نائب المحافظ لحسن تعاملها الراقي والمميز مع الشفافية والتشجيع المتواصل لجميع المشاركات والذي كان له أثر كبير في تعزيز الثقة والإبداع لدى الجميع.
وحول آراء المواطنين والمهتمين ، وعددا من أولياء الأمور عن الجدوى الإقتصادية والعائد على المحافظة من التنظيم ، قالت والدة الطالبة جنى اسماعيل محفوظ بمدرسة الزهور للتعليم الأساسي بالخارجة ، ضمن الفائزات في مسابقة ملكة التمور ، أن اهتمام المحافظة بتنظيم ورعاية مثل هذه الفاعليات من شأنها أن تسهم في تعزيز الثقة بالنفس لدى الفتيات، حيث تعتبر منصة لعرض مواهبهن وإبراز قدراتهن ، كما تفتح آفاق جديدة لهن في مجالات الفن والموضة، مما يساهم في تطوير المجتمع المحلي ويعزز من روح التعاون والانتماء.
وكشفت أسرة الطالبة ، رودينا محمد زكريا سعد ، إحدى المتوجات بلقب ملكة جمال التمور ممثلة عن مركز الداخلة من مدرسة موط الابتدائية الجديدة ، أن سلسلة نجاحات مسابقة ملكة جمال التمور يعكس مدى حرص القيادة التنفيذية بالمحافظة على مشاركة النشء الصغير كل جديد ومميز ويحمل طابع الهوية التراثية والثقافية كتعبير يجسد أهمية ومقومات الوادي الجديد التاريخية والاقتصادية فى نفوس الأبناء ، مؤكدين بان النخلة ليس مجرد شجرة، بل هى رمز للرزق والعطاء في مجتمعنا ، لافتين إلى أن من أكثر مكتسبات تنظيم مسابقة ملكة جمال التمور، أنها نُعزز لدى أطفالنا الوعي بأهمية هذه الشجرة المباركة، وتغرس فيهم قيم العمل الجاد والاعتزاز بالموارد الطبيعية التي تحيط بهم.
يري الدكتور محمد عبدالسلام ، وكيل كلية الآداب بجامعة الوادى الجديد ، أن النخلة هى بمثابة رمزًا للخصوبة والازدهار، ويجب أن نعلم الأجيال الجديدة كيفية استثمار هذه الثروة الطبيعية من خلال الفعاليات الثقافية مثل مسابقة ملكة جمال التمور، حيث نتمكن من غرس مفهوم الاستدامة وحماية البيئة، مما يسهم في بناء مجتمع واعٍ ومتعلم ، مشيرا إلى إن إدماج خيرات النخيل في المناهج التعليمية والفعاليات المجتمعية يُعد خطوة هامة لتوعية الأطفال بأهمية الزراعة والموارد الطبيعية ، وأن هذه المعرفة تُعزز من حبهم للأرض وتقديرهم لما تقدمه لهم، مما ينعكس بالايجاب والإنتاج على سلوكهم في المستقبل.
ولفت الدكتور ماهر زنقور عميد كلية التربية بالوادى الجديد إلى أهمية التوعية بالقيمة الاقتصادية لمحصول التمور ، لكونه أحد أهم المنتجات الزراعية بالمحافظة ، مؤكدا بأن تطوير وسائل التسويق واستحداث طرق الإعلان عن طريق إشراك المجتمع بمفهومه واطيافه يساهم في نشر ثقافة الهوية التراثية وما تتميز به المنطقة من مقومات انتاجية تمثل مستقبل مصر الواعد ، مشيدا بدور شركاء التنمية والداعمين لكل الأفكار الرائدة نحو تعليم الأبناء قيم الولاء والانتماء وبما يفتح أمامهم آفاق الابتكار والإبداع في كيفية استغلال هذه الموارد فى إطار التوعية المبكرة ودعم جهود الدولة المصرية لمزيد من النجاحات والإستقرار العام.
تجدر الإشارة إلى تلبية جامعة أسيوط دعوة محافظة الوادي الجديد، وتشكيل لجنة من عضو هيئة تدريس ، وعدد ٤ من أعضاء المعاونة بقسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة في تحكيم مسابقة ملكة جمال التمور ضمن فعاليات معرض الوادي الجديد الزراعي، والذي عقد منذ ايام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، للعام السادس علي التوالي، حيث شاركت الدكتورة/ نهي المفتي مدرس الجرافيك بالكلية، يعاونها كلا من عبد الرحمن حسن ، أماني مدحت ، اسراء ابراهيم علي، هبه عرفات عبدالله من الهيئة المعاونة بالكلية.
هذا وقد شهد الاحتفال الختامي كل من اللواء دكتور محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، والسيدة حنان مجدي نائب المحافظ، بحضور اللواء محمد حامد، مدير أمن المحافظة، والمهندس عبد الحميد الدمرداش، رئيس مجلس إدارة المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، وممثلي الهيئة القومية لسلامة الغذاء، ومشروع دعم نظم الرقابة والتفتيش، بالإضافة إلى أهالي المحافظة والقيادات التنفيذية والشعبية.
اترك تعليق