د.ريمون ميشيل استشاري الصحة النفسية
المزاج المتقلب أحد اضطرابات المزاج الشائعة التي لم تصل إلي حد الاكتئاب الشديد. ولكنها طويلة الأمد ومزمنة حيث تؤثر علي أفكار الشخص وجسده ومزاجه العام لفترات طويلة تمتد لعدة سنوات. يصاب فيها الشخص بنوبات متفرقة من مشاعر الحزن قد تستمر لبضعة أيام فقط ثم تعاود الظهور مرة أخري في فترات قريبة. هذا علي عكس اضطراب الاكتئاب الذي يلزم لتشخيصه أن تكون فيه المشاعر السلبية وحالة فقدان الطاقة مستمرة يوميًا وبنفس الشدة لمدة أسبوعين علي الأقل.
ويختلف اضطراب عسر المزاج عن الاكتئاب في أن الأول لا يعيق الإنسان عن آداء عمله وحياته ومهامه ولكن مزاجه غير سعيد ولا يشعر ببهجة الإنجاز لسبب سوء حالته المزاجية. بينما يتعارض الاكتئاب مع قدرة الشخص علي العمل والإنتاجية وآداء متطلباته بحيث يعيقها ويحول دون تحقيقها.
لم يتم تحديد سبب مباشر للإصابة باضطراب عسر المزاج ولكنه قد يحدث في الأغلب نتيجة حدوث خلل كيميائي في الدماغ يحدث نتيجة تداخل عدة عوامل أبرزها حالة الإجهاد المزمن الناتجة عن ضغوط الحياة والعمل التي لا يعقبها فترات من الراحة. العزلة الاجتماعية الناتجة عن الصدمات النفسية أو عدم القدرة علي الاندماج الاجتماعي بشكل متزن مع الآخرين. الخبرات السلبية من مراحل الطفولة المبكرة. خلل هرموني تصاب به السيدات بشكل يفوق الرجال بمعدل الضعف.
بعد استبعاد الحالات الطبية الأخري فإن أعراض عسر المزاج الرئيسية تتمثل في الشعور باليأس وانخفاض الطاقة. قلة التركيز وعدم القدرة علي اتخاذ القرارات السليمة. سيطرة الحزن والمشاعر السلبية علي الشخص. تدني احترام الذات. ولتشخيص الإصابة بعسر المزاج يجب استمرار تلك الأعراض لمدة عامين بالنسبة للأشخاص البالغين وعام واحد فقط بالنسبة للأطفال والمراهقين.
العلاج الرئيسي الفعال لاضطراب عسر المزاج يتمثل في العلاج النفسي السلوكي والمعرفي. قد يحدث أحيانًا الدمج ما بين العلاج النفسي والدوائي لبعض الحالات بحسب استجابة المريض بعد استشارة الطبيب النفسي لتحقيق الاستفادة الكاملة من الوسائل العلاجية المختلفة.
بالنسبة للعلاج السلوكي والمعرفي يشمل تدريب الشخص علي تغيير أفكاره حتي تتغير مشاعره ومن ثم يتغير سلوكه. يحدث ذلك عن طريق تدريبات التفكير الإيجابي التي يمكن للشخص التدريب عليها بمفرده عن طريق التأكيد بأن الأفكار السلبية والحزن لن ياتي بالنفع أبدًا. تأكيد تلك الأفكار الإيجابية بشكل يومي تعد أحد الوسائل المستخدمة في تقنيات العلاج النفسي. ممارسة رياضة المشي ثلاث مرات أسبوعيًا علي الأقل لمدة عشرين دقيقة. تدوين مشاعرك السلبية بالكتابة فور حدوثها ثم التخلص منها. التحدث مع شخص مقرب وتكوين روابط اجتماعية جديدة من خلال الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية المختلفة. كلها أمور إيجابية تساعد الشخص في التحسن. علينا أن ندرك أن التحسن يكون ببطء في حالات اضطراب عسر المزاج ولكن الأهم أن يصبح التحسن بشكل مستمر. بخلاف ذلك وإن اشدت الأعراض ولم تجد بعض الوسائل العلاجية أو معظمها نفعًا فيتم الاستعانة ببعض الأدوية النفسية المسؤولة عن تثبيط استرداد السيروتونين في الدماغ والتي تؤدي بدورها لتحسين المزاج العام للإنسان.
اترك تعليق