برأت محكمة يابانية رجلا يبلغ من العمر 88 عاما، وهو صاحب أطول فترة عقوبة للإعدام في العالم، بعد أن وجدت أن الأدلة المستخدمة ضده كانت ملفقة.
 

أُدين إيواو هاكامادا، الذي ظل ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه لمدة نصف قرن تقريبًا، في عام 1968 بقتل رئيسه وزوجة الرجل وطفليهما المراهقين.

تم منحه مؤخرًا إعادة المحاكمة وسط شكوك في أن المحققين ربما قاموا بزرع أدلة أدت إلى إدانته بتهمة قتل أربعة أشخاص.
لكن السنوات الـ46 التي قضاها هاكامادا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام كانت لها آثار سلبية كبيرة على صحته العقلية، مما يعني أنه لم يكن لائقًا لحضور جلسة الاستماع التي تم فيها النطق بالحكم ببراءته أخيراً.

يذكر أن هاكامادا، الملاكم المحترف السابق، يعمل في مصنع لمعالجة الميسو في عام 1966 عندما تم انتشال جثث صاحب عمله وزوجته وطفليه من حريق في منزلهم في شيزوكا، غرب طوكيو.

وقد تعرض الأربعة للطعن حتى الموت.

واتهمت السلطات اليابانية هاكامادا بقتل الأسرة وإشعال النار في منزلها وسرقة 200 ألف ين نقدًا.

في البداية، أنكر هاكامادا قيامه بسرقة الضحايا وقتلهم، لكنه قدم في وقت لاحق ما وصفه بأنه اعتراف بالإكراه بعد الضرب والاستجواب الذي استمر لمدة تصل إلى 12 ساعة في اليوم.

وفي عام 1968 أُدين بتهمة القتل والحرق العمد، وحُكم عليه بالإعدام

وبعد بضعة سنوات، عثرت الملحمة القانونية التي استمرت لعقود من الزمن على بعض الملابس   في خزان ميسو بعد عام من اعتقال هاكامادا.

وقد استُخدمت تلك الملابس، التي يُزعم أنها ملطخة بالدماء، لتجريمه.

ولكن لسنوات عديدة ظل محامو هاكامادا يزعمون أن الحمض النووي " طبقاً لتقرير الطب الشرعي DNA الذي تم" تبين أن  الملابس لا تتطابق مع الحمض النووي الذي تم العثور عليه في ملابسه، مما أثار احتمال أن تكون الملابس مملوكة لشخص آخر.
 كما اقترح المحامون أن الشرطة ربما تكون قد فبركت الأدلة.

وكانت حجتهم كافية لإقناع القاضي هيرواكي موراياما، الذي أشار في عام 2014 إلى أن "الملابس لم تكن ملابس المتهم".
 موراياما في ذلك الوقت: "من الظلم احتجاز المتهم لفترة أطول، لأن احتمال براءته أصبح واضحا إلى حد كبير".

وبعد ذلك تم إطلاق سراح هاكامادا من السجن ومنحه إعادة المحاكمة.

ولقد أدت الإجراءات القانونية المطولة إلى أن الأمر استغرق حتى العام الماضي لبدء إعادة المحاكمة ــ وحتى صباح يوم الخميس حتى أعلنت المحكمة الحكم.

كانت التفاصيل التي استندت إليها إعادة محاكمته وتبرئته النهائية تتلخص في طبيعة البقع الحمراء على الملابس التي قال المدعون إنها كانت من ملابسه. 

وتساءل الدفاع عن كيفية تقدم عمر البقع وأكد  حقيقة بقاء البقع حمراء وعدم تحولها إلى اللون الداكن بعد غمرها لفترة طويلة في معجون فول الصويا تعني أن الأدلة ملفقة.

وبناء على ذلك تم إنهاء الحكم الصادر الخميس إلى أن "المحققين تلاعبوا بالملابس من خلال تلطيخها بالدماء" ثم أخفوها في خزان الميسو، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس ببرس الدولية " وموقع وشبكة   بي بي سي البريطانية  

ووفقًا لمحاميه وعائلته، أثرت معاناة العقود من الاحتجاز، معظمها في الحبس الانفرادي مع التهديد الدائم بالإعدام، بشكل كبير على الصحة العقلية لهاكامادا.

و طالبت شقيقته منذ فترة طويلة بإطلاق سراحه. وفي العام الماضي، عندما بدأت إعادة المحاكمة، أعربت هيديكو عن ارتياحها وقالت: "أخيرًا، تم رفع ثقل عن كتفي".

تعتبر إعادة محاكمة المحكوم عليهم بالإعدام أمرا نادرا في اليابان ، فمحاكمة هاكامادا هي الخامسة فقط في تاريخ اليابان بعد الحرب.

إلى جانب الولايات المتحدة، تعد اليابان الدولة الوحيدة في مجموعة الدول السبع الكبرى التي لا تزال تفرض عقوبة الإعدام، حيث يتم إخطار السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بتنفيذ حكم الإعدام قبل ساعات قليلة فقط من تنفيذه.

 تعتبر قضية هاكامادا واحدة من أطول وأشهر الملاحم القانونية في اليابان، وقد جذبت اهتماما عاما واسع النطاق، حيث اصطف نحو 500 شخص للحصول على مقاعد في قاعة المحكمة في شيزوكا يوم الخميس.

وعندما صدر الحكم، هتف أنصار هاكامادا خارج المحكمة "بانزاي" – وهي عبارة يابانية تعني "يا هلا".

وكان هاكامادا، الذي تم إعفاؤه من جميع الجلسات بسبب تدهور حالته العقلية، يعيش تحت رعاية شقيقته هيديكو البالغة من العمر 91 عامًا منذ عام 2014، عندما تم إطلاق سراحه من السجن وحصل على إعادة المحاكمة.

لقد حاربت  شقيقته أيضاً لعقود من الزمن لتبرئة اسمه وقالت إنه من الجميل أن تسمع عبارة "غير مذنب" في المحكمة.

وقالت للصحفيين "عندما سمعت ذلك، تأثرت وسعدت للغاية، ولم أتمكن من التوقف عن البكاء".

وكان شقيقها قد قال في وقت سابق إن معركته من أجل العدالة كانت أشبه بـ"خوض معركة كل يوم".

Previous Next