أن تختار أن تعيش في عزلة عن العالم وعن الناس بعد أن رحلت من كانت بالنسبة لك كل الناس. أن تحبس نفسك داخل منزلك الأنيق. تراجع ذكريات الماضي بكل تفاصيله. الماضي الجميل الذي يحمل صورة الحبيب ورفيق العمر في كل دقيقة مرت وتمر. وتتملكك وتسيطر عليك رغبة في الانتحار عن قناعة منك أن بالموت سيكون في إمكانك لقاء حبيبتك التي سبقتك قبل شهور إلي العالم الآخر!
هكذا كان "أوتو". الذي لعب دوره النجم القدير توم هانكس. ذلك النجم المخضرم الأسطوري الذي كلما زاد عمره زاد لمعان بريقه. ويبهرني اختيار أدواره التي تناسب كل مرحلة سنية يمر بها. فعلي مدار رحلة من العمل الفني امتدت لأكثر من 40 عاما. أبهرنا هانكس بأداء أدوار غير تقليدية. نرفع لها القبعة. ليثبت دائما أن لو للشياكة في التمثيل عنوان سيكون بالتأكيد عنوانه هانكس.
"رجل يدعي أوتو". فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية. ذكرتني بعض أحداثه بمسلسل مصري بعنوان "هند والدكتور نعمان". دكتور نعمان أو الفنان القدير كمال الشناوي. كان قد اختار أيضا العزلة عن الناس. من الجامعة للبيت ومن البيت الجامعة. لا يختلط بالجيران. ولا يضع نفسه في أي مشاكل من أي نوع. لكنه لم يفكر في الانتحار مثلما فكر وحاول أوتو أن يفعل أكثر من مرة.
ومثلما دخلت "هند" أو الفنانة الصغيرة وقتها ليزا حياة جدها دكتور نعمان وقلبتها رأسا علي عقب. اقتحم زوجان وبنتاهما حياة "أوتو". وهم جيرانه الجدد من أوصول ميكسيكية ويتحدثون الإيطالية بجانب الإنجليزية.
بالفعل اقتحموا عليه حياته. ولكن أضافوا لها طعما جميلا. طعما بروعة ولذاذة وجبة الدجاج بالصوص المكسيكي التي قدمتها له جارته الجديدة. كعربون تعارف ومحبة. ارتباط أوتو بالأسرة والجيران الجدد أعاده مرة أخري للحياة. عاد ليكتشف أن هناك في الدنيا من يستحقون أن نعيش من أجلهم. يحبوننا ونحبهم. لا من أجل مصلحة. بل بدافع الإنسانية. والإنسانية فقط.
اترك تعليق