هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بعد التراجع التاريخي للدين الخارجي وزيادة الاحتياطي النقدي

الاقتصاد المصري.. علي الطريق الصحيح 

د. غنيم: الاهتمام بالسياحة علي وجه الخصوص.. يزيد من العائدات الدولارية

د. الجبلي: القيادة السياسية تسعي للنزول بالدين الخارجي.. إلي أقل من 100 مليار دولار

د. البرماوي: يجب الحفاظ علي الزخم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الأعمال

د. الباز: السياسات الرشيدة.. لها دور جوهري في هذا الانجاز 

نجاح كبير حققه الاقتصاد المصري أعلن عنه البنك المركزي الاسبوع الماضي بتراجع الدين الخارجي لمصر لـ 153.86 مليار دولار بنهاية مايو 2024 مقابل 168.03 مليار دولار أمريكي بنهاية ديسمبر 2023 بانخفاض قدره 14.17 مليار دولار بنسبة 8.43%. يعد هو الأكبر حجما في تاريخ المديونية الخارجية لمصر. وبالرغم من تراجع الدين الخارجي وسداد مصر لالتزاماتها الدولية فقد ارتفع في نفس الوقت صافي الاحتياطات الأجنبية إلي 46.38 مليار دولار في يونيو 2024.


وأرجع الخبر والمتخصصون أسباب تراجع الدين الخارجي الي الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة خاصة بعد صفقة مشروع تطوير رأس الحكمة ودخول مصر حصيلة كبيرة من النقد الأجنبي. تبعها قرارات من البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في مارس الماضي ثم استقرار سعر الصرف والذي أدي للقضاء علي السوق السوداء للعملة ووجود سعر واحد للعملة الأجنبية. ما ساهم في زيادة تنازل الحائزين عن الدولار للبنوك الرسمية. إضافة لعودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلي طبيعتها فزادت بنسبة كبيرة.

إضافة لزيادة دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة لمصر. هذا كله ساهم في زيادة الاحتياطي النقدي لمصر من العملة الأجنبية وسداد الديون الخارجية علي مصر ما أدي لتراجعها بنسبة كبيرة .

وقال الخبراء أن تراجع الدين الخارجي علي مصر يعطي رسالة للمؤسسات الدولية أن الاقتصاد المصري قوي وقادر علي التصدي لأزمات ومصر قادرة علي سداد التزاماتها الخارجية. مؤكدين أن تراجع الدين الخارجي يسهم في رفع قيمة العملة المحلية ما يسهم في تقليل معدل التضخم. إضافة إلي تحسين تصنيف مصر الائتماني أمام المؤسسات الدولية. ما يسهم في زيادة حصيلة مصر الدولارية عن طريق السندات الدولارية .

أشاد الدكتور أيمن غنيم. الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية. بالانخفاض الذي شهده الدين الخارجي لمصر من 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023 إلي 154 مليار دولار في نهاية مايو 2024. وعزا غنيم هذا التحسن إلي 3 عوامل تتعاضد فيما بينها وهي: الانضباط المالي للدولة المصرية. وتحرير سعر الصرف. وزيادة التدفقات الداخلة بالعملة الصعبة. مما أدي إلي تنامي مؤشرات الثقة داخلياً وخارجياً في الاقتصاد المصري.

وأشار د. غنيم إلي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد أعطي تعليمات واضحة التزمت بها الحكومة في الحفاظ علي الانضباط المالي للدولة. حيث استطاعت مصر خفض عجز الموازنة العامة للدولة من 13.9% من الناتج المحلي في 2013 إلي 6% في موازنة العام المقبل. المنتهي في 30 يونيو 2025. مع تحقيق فائض أولي. وصل مستواه المستهدف إلي 3.5% في العام المقبل. وكذلك التزمت الحكومة بوضع الدين العام في مسار نزولي علي المدي الطويل. ليبلغ 80% من الناتج المحلي بنهاية 2027.

أضاف غنيم أن السياسة النقدية التي أدارها البنك المركزي المصري. بقيادة المحافظ حسن عبدالله. قد أضافت المزيد من الثقة للاقتصاد المصري. حيث كان لتأثير تحرير سعر الصرف في فبراير 2024. وما تلاه من ضخ 35 مليار دولار نتيجة لصفقة رأس الحكمة. تأثير إيجابي علي عودة التدفقات النقدية بالعملة الصعبة إلي القنوات الرسمية. مما أدي لارتفاع الاحتياطي الأجنبي الرسمي من 33 مليار دولار في أغسطس 2022 إلي أعلي مستوً تاريخيي له في يونيو 2024. مسجلاً 46.38 مليار دولار. ما يغطي ما يقرب من 8 أشهر من استيراد السلع الأساسية.

 وأردف غنيم أن سياسة استهداف التضخم التي ينتهجها المركزي قد تباطأت بالتضخم العام من مستوً تاريخيي بلغ 38% في سبتمبر 2023. إلي مساري نزوليي بلغ 27.5% في يونيو 2024. ويتوقع العديد من المحللين أن يصل إلي حوالي 20% في العام المقبل.

وأشار غنيم إلي أن تعاضد تلك العوامل قد زادت من مؤشرات الثقة في الاقتصاد المصري. حيث تبنت مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاثة: مووديز وستاندر آند َورز وفيتش نظرة إيجابية مستقبلية بالنسبة لمصر. كما زادت قدرة مصر علي جذب التمويل الأجنبي. حيث تقلَّص العائد علي سندات مصر الدولارية طويلة الأجل   يناير 2027   من 22.86% في أكتوبر 2023 إلي9.2% في يونيو 2024. كذلك تحسنت عقود مبادلة الائتمان "لأجل سنة واحدة" من 26.793% في مايو 2023 إلي 3.463% في يونيو 2024. 

"3 تحديات أساسية"

وأوصي غنيم بضرورة التركيز علي تعظيم عائدات مصر الدولارية. لاسيما التصدير والاستثمار الأجنبي والسياحة. لافتاً أن السياحة بالذات قد تضاعفت خلال عهد الرئيس السيسي من 6.7 مليار دولار سنة 2014 إلي أعلي مستوً تاريخيي لها في العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2023. مسجلة 13.6 مليار دولار. إلا أنها ما تزال أقل بكثير مما نطمح إليه. حيث تجاوزت دول في المنطقة حاجز الــ 50 مليار دولار في العام. مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا. 

اكد د. ماجد الباز الاستاذ المساعد بكلية التجارة جامعة قناة السويس ان الدولة المصرية شهدت خلال النصف الاول من عام 2024 تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات الاقتصاد الكلي. وعلي رأسها تراجع الدين العام الخارجي. وذلك بفضل مجهودات الحكومة وتدخل السياسة الخارجية جنباً لجنب مع المجموعة الوزارية الاقتصادية خلال الفترة الماضية في 2024.

اشار د. الباز الي انه وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري والمصادر الرسمية فقد انخفض الدين العام الخارجي للبلاد ويرجع هذا التراجع إلي عدة عوامل. أهمها. زيادة حجم الصادرات المصرية. فقد ارتفعت خلال الفترة الماضية. مدفوعة بانتعاش الطلب العالمي علي السلع المصرية. وخاصة المنتجات الزراعية.

 بإلاضافة الي انخفاض قيمة الدولار الأمريكي بشكل فعلي من خلال القضاء علي السوق الموازية والتي رفعت قيمة الدولار بشكل مبالغ فيه مما احدث ارتباك كبير في الاقتصاد المصري بهذا التوقيت. وساهم هذا الانخفاض في تقليل عبء الدين الخارجي علي الموازنة العامة للدولة. كما ان السياسات المالية الرشيدة للحكومة المصرية كان لها دور جوهري. حيث اتخذت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية العديد من الإجراءات الهادفة إلي تقليل الدين الخارجي مثل تسريع سداد الديون لتجنب الفوائد وخدمة الدين كما اتجهت الدولة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الاستثمار لجذب المزيد من العملة الأجنبية. بجانب إعادة هيكلة الدين الخارجي من خلال المفاوضات الجادة والممنهجة مع الدائنين الخارجيين وتخفيف عبئه علي الموازنة العامة للدولة.

وأوضح د. الباز ان هذه النتائج الإيجابية تعد مؤشرًا علي نجاح سياسات الحكومة المصرية الهادفة إلي تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين أوضاع المالية العامة. 

"انخفاض جديد قريباً"

توقع د. الباز أن يستمر تراجع الدين العام الخارجي لمصر خلال الفترة القادمة. وتستهدف الدولة انخفاض بمعدلات اكبر تصل إلي 20% بصورة اجمالية بنهاية عام 2024 مما سيخفف علي الدولة من الأعباء ويعيد توجيه الاموال نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل اكثر تركيزاً ليصب في النهاية في مصلحة المواطن المصري وحياته اليومية.

يقول د. وليد الجبلي الاستاذ المساعد بكلية البنات القبطية بالعباسية أن ملف الدين الخارجي واحد من الملفات المعقدة جدا الذي يسعي الرئيس والحكومة للتعامل معها بشكل فوري للتخلص من صداع الديون الخارجية وخدمتها واقساطها والسعي جاهدا لتصفيتها والنزول بها إلي أقل من 100 مليار دولار خلال الفترة القادمة "الرقم المستهدف 90 مليار" وقد بدأت هذه المساعي تؤتي ثمارها حيث تراجع الدين الخارجي في الايام الاخيرة الي 153.86 مليار    سداد مبلغ 14.17 مليار   بمعدل 8.43% والذي يعد الأكبر حجما في تاريخ سداد المديونية الخارجية علي الإطلاق فمصر اكبر من ان تفشل في ادارة ديونها الخارجية .

أضاف أنه وبالنظر إلي تلك الديون الخارجية نجد ان 25.1% منها يمثل ودائع سيادية قصيرة وطويلة الأجل للدول العربية من الممكن التفاهم علي تجديدها أو التفاوض الجاد علي تحويلها إلي استثمارات مباشرة. والعمل علي تحويل 40% منها    12 مليار   إلي صفقات تجارية مثلما حدث في صفقة رأس الحكمة مع الامارات واعادة جدولة المتبقي منها 

في حين يبلغ اجمالي الديون المستحقة لصالح المؤسسات الدولية 51.3 مليار تمثل قروض صندوق النقد الدولي منها 43.1%   تعد مصر أكبر عميل للبنك الدولي بعد الارجنتين    من قروض هذه المؤسسات . يستلزم علي الحكومة البحث عن سبب وجية لقبول هذه المؤسسات الهيكلة الاستباقية لهذه الديون بحيث تشتمل علي تخفيض حقيقي للقيمة المدفوعة بنسبة لا تقل عن 20% وليس مجرد تمديد اجال السداد أو تخفيض الفائدة المستحقة لتلافي سيناريو التعثر والوصول إلي عملية هيكلية مناسبة .

اوصي د. الجبلي الحكومة للخروج من تلك الأزمة. ابطاء معدلات الاقتراض من الخارج أو ان يكون بمعدلات يمكن للدولة سدادها وخاصة إذا كان الهدف منها تمويل المشروعات التي تحتوي علي مكون أجنبي. مع ضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي من خلال إعادة النظر في أولويات الإنفاق العام بكفاءة في تحسين ومراقبة الديون الخارجية والداخلية وإعادة هيكلتها بشروط اكثر ملائمة مع تنوع مصادر التمويل لتخفيف الإعتماد علي الاقتراض الخارجي . مع ضرورة تنفيذ برنامج شامل لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبي يستهدف جذب 300 مليار دولار بنهاية 3030 يكون للمصريين في الخارج دورا فاعلا فيه.

يقول د. أدهم البرماوي مدرس الاقتصاد بمعهد الإدارة بكفر الشيخ ان هذا الانخفاض هو الأكبر في تاريخ الدين الخارجي المصري. مما يعكس نجاح السياسات المالية والنقدية المتبعة. في تطور إيجابي موازي. سجل صافي الاحتياطيات الأجنبية لدي البنك المركزي المصري أعلي مستوي له علي الإطلاق. حيث بلغ 46.38 مليار دولار أمريكي في يونيو 2024. ويشير هذا الرقم إلي زيادة قدرها 13.26 مليار دولار منذ أغسطس 2022. وهو ما يعزز وضع البلاد المالي بشكل كبير. 

أضاف ان هذا الاحتياطي يمكنه تغطية نحو 7.9 أشهر من الواردات السلعية. متجاوزًا بكثير المعايير الاقتصادية المقبولة. وتتعدد الأسباب التي ساهمت في هذا التراجع الكبير في الدين الخارجي. من أبرزها: 

أولا: الاستثمار الأجنبي المباشر. وبالأخص صفقة رأس الحكمة. التي كانت سببا أساسيا في تجاوز مصر أزمتها. ثانيا: إصلاحات اقتصادية هيكلية. تبنت الحكومة المصرية سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي شملت تحسين إدارة الديون. وتخفيض الاعتماد علي القروض الخارجية. وتعزيز الاستقرار المالي.

 ثالثا: إعادة جدولة الديون. تمكنت الحكومة من إعادة جدولة بعض القروض علي شروط أفضل. مما ساعد في تقليل عبء الديون وأثر بشكل إيجابي علي مستويات الدين.

 رابعا: زيادة الإيرادات. تحسن الإيرادات من القطاعات غير النفطية. مثل السياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج. ساهم في تقليل الحاجة إلي القروض الخارجية. خامسا: إدارة فعالة للاحتياطيات. قامت الحكومة بإدارة الاحتياطيات الأجنبية بفعالية. مما ساعد في تعزيز الوضع المالي للبلاد. وللحفاظ علي هذا التحسن وتعزيزه

طالب د. البرماوي القائمين علي السياسة الاقتصادية المصرية بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية. يجب الحفاظ علي الزخم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الأعمال لجذب الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي.

 وايضا يجب تنويع مصادر الإيرادات. ينبغي التركيز علي توسيع مصادر الإيرادات من القطاعات غير النفطية وتقليل الاعتماد علي القروض الخارجية. 

وطالب د. البرماوي بتعزيز الشفافية المالية. وذلك بتحسين الشفافية والإفصاح المالي لبناء ثقة المستثمرين وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. بالإضافة لاستمرار إدارة الديون بفعالية. عن طريق متابعة استراتيجيات فعالة لإدارة الديون. بما في ذلك التفاوض علي شروط أفضل وإعادة جدولة الديون عند الضرورة.

كما أوصي بالاستثمار في الابتكار. وذلك بتشجيع الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا لزيادة القدرة التنافسية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

تُعتبر هذه التطورات بمثابة مؤشر إيجابي علي قدرة مصر علي تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي. مما يعزز الآمال في تحقيق المزيد من التقدم الاقتصادي في المستقبل.
 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق