مبان سويت بالأرض. وسكان تركوا منازلهم بحثاً عن مكان آمن في منطقة لا تعرف الأمن منذ انطلاق الحرب.. هكذا عبر صحفيون في وسائل إعلام غربية زاروا مدينة رفح الفلسطينية في أقصي جنوب قطاع غزة الأربعاء الماضي. بعد حصولهم علي تصريح من جيش الإحتلال الذي سمح للمراسلين الأجانب بدخولها للمرة الأولي منذ بدء هجومه البري هناك في مايو الماضي.
أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي في السابع من مايو عملية برية في مدينة رفح الفلسطينية. بذريعة التخلص من أربع كتائب متبقية لحماس هناك. وقال إنها ستكون المرحلة الأخيرة من الحرب.. إلا أن المعارك تجددت في الأسابيع الأخيرة في مناطق عدة سبق لجيش الاحتلال أن أعلن سيطرته عليها. لاسيما في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
قبل أن تتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في رفح الفلسطينية في مايو الماضي. كانت المدينة تأوي أغلب سكان غزة الذين يزيد عددهم علي مليوني نسمة.. أما اليوم فهي مدينة أشباح مغطاة بالغبار- وفق تعبير وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية- التي تشير إلي مبان سكنية مهجورة وجدران ونوافذ محطمة وطرق مليئة بالأنقاض.
تقدر الأمم المتحدة أن نحو 50 ألف شخص مازالوا في رفح الفلسطينية. التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 275 ألف نسمة.. وانتقل معظمهم إلي "منطقة إنسانية" قريبة. ويتجمع العديد منهم في مخيمات تفتقر إلي المياه النظيفة والغذاء والحمامات والرعاية الطبية.
تعثرت الجهود الرامية إلي إدخال المساعدات إلي جنوب غزة. بعد التوغل الإسرائيلي في رفح الفلسطينية.. وقالت د.حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: إن المستشفيات تعاني نقص الوقود مرة أخري. ما يعرض الخدمات الأساسية للخطر.. وأضافت: يموت الجرحي لأن خدمات الإسعاف تواجه تأخيرات بسبب نقص الوقود.
تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن منازل مدمرة وألواح خرسانية تتناثر في الشوارع وقطط صغيرة تتجول بين الأنقاض.. وذكرت الصحيفة أن الشوارع التي كانت تعج بالحياة. تحولت إلي متاهة من الأنقاض.. لقد رحل الجميع من المدينة.
فر أكثر من مليون شخص لتجنب الهجوم الإسرائيلي. الذي بدأ قبل شهرين وهم يعيشون الآن في مدن من الخيام تمتد لأميال. ويواجهون مستقبلاً غير مؤكد ويندبون فقدان أحبائهم.
تقول "نيويوك تايمز": لا يعرف الفلسطينيون الذين فروا من المدينة متي سيعودون وماذا سيجدون عندما يعودون.
من بين هؤلاء مروان شعث "57 عاما" الذي ترك هو وأسرته منزلهم المكون من ثلاثة طوابق.. وقال شعث في مقابلة مع الصحيفة الأمريكية: كان من المفترض أن يكون منزل العائلة لأجيال قادمة.. لقد تضرر المنزل بشدة.. لقد سقط نصفه بالفعل.. لا جدران ولا نوافذ وأجزاء كبيرة منه احترقت.
شاهد مراسلوا شبكة "سي إن إن" الأمريكية سحباً كثيفة من التراب والرمال في رفح الفلسطينية. حيث أدي القصف الإسرائيلي إلي تسوية منازل بالأرض.. وذكرت الشبكة أن هذا الجزء من رفح الذي أصبح الملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني. بات من غير الممكن تمييزه.
ومتحدثاً بحرقة لـ "فرانس برس" يشير المزارع الفلسطيني ربيع الكرزون إلي الدمار الذي خلفته الدبابات الإسرائيلية في أرضه الواقعة في مواصي رفح. ويقول: 97 دونما ذهبت هباء منثوراً.
يضيف لوكالة "فرانس برس": كنا جالسين مسالمين. فوجئنا بالطائرات والدبابات الإسرائيلية.. وقال الكرزون بينما تظهر خلفه علي التراب آثار الدبابات: خسرنا قوت يومنا.. إنها مأساة.
اترك تعليق