قدم أئمة مساجد مدينتى الشروق وبدر التابعة لوزارة الاوقاف برئاسة أسامة جبريل، مدير إدارة الاوقاف لمدينتى الشروق وبدر، خطبة الجمعة اليوم 10 من شهر "مايو" الجارى لعام 2024 بعنوان "التنمر وأثره المدمر" وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف فى وقت سابق، مشددة على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة وعدم الخروج عن النص أو المضمون على أقل تقدير .
من جانبه، أكد أسامة جبريل، مدير إدارة الأوقاف لمدينتى الشروق وبدر، أن الوزارة حددت زمن الخطبة 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، ولأن ينهى الخطيب خطبته والناس فى شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا.. منوهاً أن خطبة الجمعة اليوم 10 "مايو" الجارى 2024 م بعنوان "التنمر وأثره المدمر" وجاء موضوع الخطبة كالتالى:
"التنمر والسخرية وأثرهما المدمر على الفرد والمجتمع"
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوا مُبِينًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن التنمر يعني الانتقاص أو النظر بعين الاستصغار أو الإحتقار أو السخرية من الناس وذكر عيوبهم على وجه ينال منهم بالقول أو الفعل أو الإشارة أو الحركة، وهو خلق ذميم يتنافى مع الفطرة السليمة والأخلاق القويمة، لذلك شدد الشرع الحنيف على تحريمه والتحذير منه، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَلَى أنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءً مِنْ نِسَاءٍ عَلَى أَنْ يَكُن خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ، فقد وصف الحق سبحانه من لم يتب من غمز ولمز الناس بأنه ظالم، ويقول سبحانه: (ويل لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)، ويقول نبينا صلوات ربي وسلامه عليه): (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وعاله، وعرضه). ومن أسوا أنواع السخرية السخرية من غير القادرين الذين ينفقون في حدود إمكاناتهم المادية، يقول سبحانه: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَوَعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ والَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جَهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخَّرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). إن المسلم الحق هو الذي يسلم الناس من أذى لسانه ويده، فلا يصدر منه إلا كل خير ونقع للناس، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (العلم مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ ویده).
وللتنمر والسخرية أثرهما المدمر على الفرد والمجتمع، فالشخص المتنمر والساخر من خلق الله يغضب ربه، ويفقد وقاره عند الناس، ويُسقط عن نفسه صفة المروءة، كما انه منتهك لحقوق الإنسان الذي كرمه الله (عز وجل) في القرآن الكريم، حيث يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مُمَّنْ خَلَقْنا تفضيلا، وهو ظالم لمن تعرض له أو سخر منه بما يسبب له من الحرج. كما أن هذا الخلق الدميم يميت القلب، ويورثه الغفلة، حتى إذا كان يوم القيامة ندم المتنمر على ما قدمت يداه ولات ساعة مندم حيث يقول الحق سبحانه: (أن تقول نفس يا خسرني على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)، ويقول سبحانه في أهل النار يوم القيامة كما ذكر القرآن الكريم: إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ - فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِحْريًا حَتَّى انتوكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ " إلى جزيتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ ، ويقول سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذا مَرُوا بِهِمْ يَتَفَاعَزُونَ * وَإِذا القَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ القَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنْ هَؤُلَاءِ لَضَالُونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه اجمعين لا شك أن التنمر والسخرية يدمران العلاقات والروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة والتواد والتراحم، كما أنهما يزرعان بدور العداوة والبغضاء ويورثان الأحقاد والضغائن بين الناس، حيث يقول الحق سبحانه: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوا مُبينا، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): المُسْلِمُ أخو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلْهُ، ولا يَحْقِرُهُ)، ويقول صلوات ربي وسلامه عليه): (لا تقاطعوا، وَلا تُدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا).
على أن السخرية إذا كانت من أمر جدي فإنها تحمل تطاولا على سنن الله (عز وجل) في كونه وحكمته في خلقه، وهو أمر جد خطير على دين المرء ومروءته. اللهم الف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا.
واحفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين
اترك تعليق