شرفت بعض الأماكن والبلدان بالذكر في كتاب الله الحكيم إما لحدث وقع فيها أو لحكمة اقتضاها الذكر ومنها "المدينة المنورة" أول عاصمة في تاريخ الإسلام. وثاني أقدس الأماكن لدي المسلمين بعد مكة.. إليها هاجر الرسول محمد صلي الله عليه وسلم قادما من مكة بعد الأذي الذي لاقاه مع المسلمين من زعماء قريش. وفيها بني أول مسجد ويضم قبره الشريف. وهي عاصمة منطقة المدينة المنورة الواقعة علي أرض الحجاز التاريخية غرب المملكة العربية السعودية.

المدينة المنورة هي مدينة الرَّسول -صلي الله عليه وسلم- طَيْبةَ الطيِّبةَ مكان نزول الوحي. ومهبط جبريل -عليه السلام- علي أفضل المرسلين. وهي نبع الإيمان. وموطن أصحاب الإيمان. ومكان التقاء المهاجرين والأنصار. وفيها فُرِض الجهاد. ومنها شعَّ نور الهداية. وإليها هاجر رسول الرحمة. وفيها عاش آخر حياته - صلي الله عليه وسلم - وبها مات. وفيها دُفن. ومنها يُبعث. وفيها قبره صلوات الله عليه.. وفيها أيضاً قبور أول ثلاثة من الخلفاء الراشدين.. وقد انطلقت من المدينة جميع غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم. وتعرضت للحصار في غزوة الخندق. ومنها كان الرسول يبعث رسله وكتبه إلي الممالك والأمصار ويستقبل فيها الوفود. وكان لها الدور نفسه في عهد أبي بكر ومن بعده. لذلك اعتبرت المدينة عاصمة لدولة الخلافة الراشدة. حتي أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية واتخذ دمشق عاصمة لها.

وقد ورد ذكر المدينة المنورة في القرآن الكريم أربع مرات حيث ورد اسمها في سورة التوبة في قوله تعالي "وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلي عذاب عظيم". وأيضاً في سورة التوبة في قوله تعالي "ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله". كذلك ورد ذكرها في سورة الأحزاب في قوله تعالي "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلي قليلا". وفي سورة المنافقون في قوله تعالي "يقولون لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقــين لا يعلمون". وجاء ذكر المدينة المنورة باسم "يثرب" مرة واحدة حيث كان يطلق اسم يثرب علي المدينة المنورة قبل أن تسمي المدينة وذلك في سورة الأحزاب في قوله تعالي "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلاّ فرارا".

والمدينة المنورة تأسست قبل الهجرة النبوية بأكثر من 1500 عام وتضم أقدم ثلاثة مساجد في العالم. وهي من أهمها عند المسلمين. وهي: المسجد النبوي. ومسجد قباء ومسجد القبلتين.پوكانت قبل هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم إليها تسمي "يثرب". علي اسم زعيم قبيلة "يثرب بن قانية بن مهلال".. وورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم غير اسمها من يثرب إلي المدينة. ونهي عن استخدام اسمها القديم. فقال "من سمي المدينة يثرب فليستغفر الله عز وجل هي طابة وهي طيبة".. فقد سماها رسول الله صلي الله عليه وسلم أسماء أخري في عدد من الأحاديث النبوية أهمها طابة وطيبة ولقد نالت المدينة المنورة حباً كبيراً من النبي صلي الله عليه وسلم. وكانت لها المكانة العالية الجلية في قلبه مما جعل المسلمين يكنون لها كل الحب محبة لله ولرسوله واتباعاً للسنة المطهرة لأن الله تعالي قد فرض علينا محبة ما يحبه رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم.

من فضائل المدينة المنورة أن فيها المسجد النبوي. الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة. وفيها الروضة الشريفة التي هي روضة من رياض الجنة. وفيها وادي العقيق. وهو وادي مبارك. ولا يريد أحد أهلها بسوء إلا أهلكه الله. والمدينة جعلها الله مُحَرَّمَة. وفضَّلها علي كثيري من بقاع الأرض. كما أنها پمدينة مباركة حيث  دعا النّبي -صلي اللهُ عليه وسلم- للمدينة المنورة بالبركة وهي مدينة تطرد الأشرار ورُفع عنها الوباء والحمي ومعصومة من المسيح الدجال ومدينة يفضل ساكنوها.