البنات نعمة من نعم الله عز وجل علينا. متي ما قمنا بما افترضه الله علينا من الإحسان إليهن. ومن المعلوم أن العرب في الجاهلية كانوا لا يحبون البنات. ويترقبون الأولاد. للوقوف إلي جانبهم ومساندتهم في حياتهم وحروبهم. أما البنت فكانوا لا يحبونها. وكان عدم حبهم لها والخوف من عارها يحمل بعضهم علي كراهتها بل وعلي قتلها ووأْدِها. كما قال الله تعالي عن ذلك پوَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَي ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمى * يَتَوَارَي مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَي هُوني أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ . وقال وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبي قُتِلَتْ .
حتي بعث الله نبينا محمداً صلي الله عليه وسلم. فجرَّم وحرم هذه الفِعلة الشنعاء وهي وأد البنات. فعنپالمغيرة بن شعبةپرضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات. وَمَنْعاً وهات. ووَأد البنات. وكَرِهَ لكم قيل وقال. وكثرة السؤال. وإضاعة المال .
وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم: مَنْ وُلِدَتْ له ابنةى فلم يئِدْها ولم يُهنْها. ولم يُؤثرْ ولَده عليها -يعني الذكَرَ- أدخلَه اللهُ بها الجنة .
لم يكتفِ النبيُّ صلي الله عليه وسلم بالنهي الشديد عن وأد البنات. بل جاء معتنياً بهن. بغية تصحيح مسار البشرية وإعادتها إلي طريق الإنسانية والرحمة. وتكريماً للبنات وحماية لهن. وحفظاً لحقوقهن. بل وأمر صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بالإحسان إليهن. ووعد من يرعاهن ويحسن إليهن بالأجر الجزيل والمنزلة العالية. ومن ذلك: عن أنس بن مالكپرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مَنْ عال جارتينپ"بنتين"پحتي تبلغا. جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه .. وعنپعائشةپرضي الله عنها قالت: دخلتْ امرأةى معها ابنتانِ لها تسأَل "فقيرة". فلم تجدْ عندي شيئًا غيرَ تمرةي. فأَعطيتُهَا إيَّاها. فَقَسَمَتْهَا بينَ ابنتيْها ولم تأكُلْ منها. ثم قامتْ فخرجتْ. فدخلَ النبيُّ صلي الله عليه وسلم علينا فأخبرته. فقال: من ابْتُلِي من هذهِ البناتِ بشييء كُنَّ لهُ سِترًا من النار.. وعنپأنسپرضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: مَن عال ابنتينِ أو ثلاثًا. أو أختينِ أو ثلاثًا. حتَّي يَبِنَّپ"ينفصلن عنه بتزويج أو موت". أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتينِ - وأشار بأُصبُعِه الوسطي والَّتي تليها" .
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: مَن كان له ثلاثُ بناتي يُؤدِّبُهنَّ ويرحَمُهنَّ ويكفُلُهنَّ وجَبَت له الجنَّةُ ألبتةَ. قيل يا رسولَ اللهِ: فإن كانتا اثنتينِ؟. قال: وإن كانتا اثنتين. قال: فرأي بعضُ القوم أن لو قال: واحدةً. لقال: واحدة .
وفي هذه الأحاديث تأكيد النبي صلي الله عليه وسلم علي حق البنات علي آبائهم أو من يقوم علي تربيتهن. وذلك لما فيهن من الضعف غالباً عن القيام بمصالح أنفسهن. وليست القضية طعاماً ولباساً وتزويجاً فقط. بل أدباً ورحمة. وحسن تربية واتقاءً للهِ فيهنَّ. فالعَوْل في الغالب يكون بالقيام بمئونة البدن. من الكسوة والطعام والشراب والسكن والفراش ونحو ذلك. وكذلك يكون في غذاء الروح. بالتعليم والتهذيب والتوجيه. والأمر بالخير والنهي عن الشر. وحسن التربية. وهذه فائدة جمع الروايات في الحديث.
وهذا يدل علي فضل الإحسان إلي البنات والقيام بشئونهن. رغبةً فيما عند الله ـ عز وجل ـ فإن ذلك من أسباب دخول الجنة والسلامة من النار. ويُرْجَي لمن عال غير البنات من الأخوات والعمات والخالات وغيرهن من ذوي الحاجة فأحسن إليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن أن يحصل له من الأجر مثل ما ذكر النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ في حق من عال بنات. وفضْل الله واسع ورحمته عظيمة.
اترك تعليق