تختلف المأكولات علي مائدة إفطار رمضان في سوريا تبعاً للموسم الذي يحل فيه الشهر الكريم, واختلاف طرق الطهي بين المحافظات والمناطق السورية، وقدرة كل طبقة اجتماعية، إلا أن بعض المأكولات والمشروبات توسم بالرمضانية، فلا يشعر الصائم بحلول رمضان دونها.
تتصدر الكبب بأنواعها قائمة المأكولات الرمضانية، "الكبة المشوية واللبنية، وكبة البطاطا، والكبة بالصينية والمقلية" وغيرها. فكثيراً ما يرى فيها الصائمون إفطاراً سخياً ليوم صيام طويل. ويعتبر المطبخ الحلبي الأكثر تفنناً في تحضير الكبة.
وتحل المحاشي في المرتبة الثانية بقائمة أشهر المأكولات الرمضانية، من محشي الكوسا والباذنجان، إلى محشي ورق العنب، ويحرص السوريون على إبقاء هذه الأصناف كمؤنة لهم على مدار العام، خصوصاً عندما يأتي رمضان في الشتاء,
وينسحب الحال على الشاكرية، التي تتمركز بالمرتبة الثالثة وتشتهر بها مدينة دمشق، كما أنها رئيسية في رمضان وتطبخ في كافة المناطق السورية، وهي طبق خفيف يحتاج للأرز.
وفي رابع الترتيب، تحل وجبة الأوزي، وهي عبارة عن صرر من رقائق العجين، يتم حشوها بالأرز المطبوخ مع البازلاء، وقطع اللحم، وتشوى في الفرن، وفي حال لم يسعفهم الوقت لإعدادها، يحرص الصائمون في رمضان على شرائها من المطابخ الشعبية التي تشتهر بتحضيره.
الخبيزة
"جنيبرة ومية فرا... ومية الخابور چدرة"، يجهز من نبات عشبي اسمه "قنبيرة"، ينمو بشكل طبيعي، ويطهوه أهالي المحافظات الشرقية بطرق متعددة ويتناولونه وجبة خفيفة.
والقنبيرة وسواها من النباتات كانت طبقاً قد يمرّ مرة أو اثنتين على موائد الإفطار والسحور، لكن سنوات الحرب الأخيرة جعلت من العشبيات حاضرة بقوة في المطبخ السوري، لفقر أو لتوفير، وبات المثل الشعبي الدارج "نركض والعشا خبيزة"، توصيفاً دقيقاً لحال السوريين الذين يشقون نهاراً كاملاً، وكسبهم المادي لا يسمح بأن تكون وجبة عشائهم أكثر من الخبيزة، التي يمكن الحصول عليها بشكل مجاني من خلال قطافها من الأماكن المفتوحة، أو شراؤها بسعر رخيص من قبل إحدى السيدات اللواتي يجمعنها ليحصلن على مبلغ مالي صغير يكون بمثابة "بحصة تسند جرة".
الخبيزة هي النبات المتفق عليه في كل المحافظات السورية وبعض الدول العربية مثل لبنان وفلسطين وتونس، لكن تنوع البيئة السورية يعني بالضرورة تنوع الأطباق العشبية، فما يعرفه أهل الجزيرة والفرات كطبق لذيذ، قد يظنه سكان درعا أو الساحل نباتاً ساماً، والعكس صحيح، ولأن رمضان هذا العام يجيء في فترة إنبات الأرض لهذه الأعشاب، فان السوريون على موعد مع طبخ هذه الأعشاب، وهي قد تكون وجبة رئيسة لإفطار عوائل بات الوصول إلى "خط الفقر" حلماً لها، فهي تجاوزته انحداراً لمسافة بعيدة.
الكعوب أو العكوب
في الجزيرة العليا شمال محافظة الحسكة، نجد أنواعاً عدة من النباتات العشبية، منها ما يؤكل بدون طبخ كثمار الخرنوب، التي تحضّر للأكل بغسلها ثم فركها على سطح خشن، قبل أن يضاف لها حمض الليمون داخل كيس بلاستيكي، ثم يضغط تحت حجر كبير لليوم التالي، فتخرج الثمار من الكيس ويضاف الملح قبل الأكل.
إلى جانب نبات له اسمان، فالعرب يسمونه "قصّيب"، والكرد يسمونه "قيفار"، وهو نبات ذو أوراق شوكية، يتم أخذ الساق وتقشيرها ثم أكلها مباشرة.
وأطباق القنيبرة والكعوب أو العكوب والخبيزة لها شهرة بكثير من المناطق , والنبات المميز هو المرْيَر، وهو شوكي الأوراق، تؤخذ سيقانه ويقشر جيداً ثم يقطع ويلقى مع الزيت والبصل، بطريقة تشبه تحضير الخبيزة.
الكعوب أو العكوب هو أيضاً نبات ذو أوراق شوكية، لكنه أصغر من المرير والقصيب، ويحضر بالطريقة المعتمدة لبقية العشبيات، التي باتت تؤكل خاصة من قبل سكان المخيمات العشوائية كوجبات رئيسية.
وفي ظل نقص الدعم وقلة فرص العمل والموارد، تقطف النساء هذه النباتات من المساحات البرية وقرب مجاري الأنهار أو قنوات الري، ويحضرنها كوجبات لعوائلهن، أو يبعنها في أسواق المدن والتجمعات السكانية القريبة".
ويزداد الأمر صعوبة في رمضان إذ ترتفع أسعار كل المواد إلا هذه العشبيات، فلا يكون هناك توازن بين ما تجنيه النسوة من مال جراء بيعها وبين أسعار المواد الأساسية، والحديث عن تحول هذه النباتات لوجبات رئيسية للإفطار أو السحور لعدد كبير من السكان، خاصة النازحين، بات أمراً طبيعياً.
المنسف و الملوخية
طبق المنسف والفريكة تُعد وجباة ثقيلة ودسمة، تحل خامسةً في ترتيب أشهر 10 طبقات رمضانية بسوريا، تقوم سيدة المنزل السورية بتحضير هذه الأصناف، مرتين أو ثلاث مرات خلال شهر الصيام، فبعد أن تطبخ الحبوب (الأرز أو القمح) يسكب في صحون تقديم كبيرة ويزين بقطع اللحم والدجاج والمكسرات.
ويبقى للملوخية مكانها، وهي السادسة من حيث الأكثر استهلاكاً، فهي أكلة شعبية انتشرت بشكل كبير في العشرين سنة الأخيرة، بين جميع طبقات المجتمع السوري، وتعتبر أكلة محبوبة ويمكن تحضيرها في أي وقت وبكل المواسم.
وتتصدر الملوخية الأطباق التي يقدم إلى جانبها أرز، كاليخنة والفاصولياء والبامية والبازيلاء، والتي تطبخ بكثرة أيضاً في رمضان.
ولا تغيب مقلوبة الباذنجان مع الدجاج أو اللحم المفروم، وهي وجبة شهية وأصيلة في سوريا، تستقر سابقاً في القائمة، تطبخ في كافة المحافظات. كما أن الدجاج أو اللحم في الفرن مع البطاطا، لها مكان في المطبخ السوري برمضان رغم أنها ثامنة من حيث الأشهر بهذا الشهر، حيث تجد ربات المنازل سهولة في تحضيرها، للتفرغ لتحضير باقي مفردات مائدة الإفطار.
وجبتان خفيفتان.. للبسطاء أولاً
"المجدرة أكلة مقدرة"، جملة شائعة في سوريا، فهذه الوجبة تلقى رواجاً كبيراً عند الفقراء، نظراً لمكوناته الرخيصة، "برغل، عدس، زيت، بصل"، غالباً يرافقها على الموائد الرمضانية، مأكولات كالبطاطا والباتنجان المقلي، إضافة إلى السلطات.
أما الوجبة الثانية الخفيفة أيضاً، والعاشرة بجدول ترتيب المأكولات الأشهر، فهي شوربة العدس والكشك، يتفنن المطبخ السوري في تحضير هذه الاطباق، المكونة من العدس والبرغل. قد يطبخ الكشك مع الدجاج أو قطع اللحم، أو مع الكبة، فيتم إسقاط كرات الكبة المحشوة باللحم داخل الكشك.
أطباق غائبة.. وأخرى رديفة
غابت أطباق السمك عن موائد الصائمين طوال الشهر الفضيل في سوريا، نظراً لقلة تواجده في المدن الداخلية، إلى جانب صعوبة الطبخ بلحم السمك.
وتحل المقبلات السورية كالحمص (المسبحة) والفول والفتة والمتبل والفلافل والسلطات والشوربات، ضيوفاً دائمة، كما يتم تحضير معجنات خلال فترة الصيام، لتكون جاهزة إلى جانب المقبلات على المائدة الرمضانية.
أما الحلويات الرمضانية فأشهرها، هو حلوة الناعم (هي عبارة عن رقائق من العجين على شكل أرغفة خبر، تقلى بالزيت وتحلى بدبس العنب، أو التمر)، كما تعتبر الكنافة والمعروك والنمورة و خلية النحل من الحلويات الرمضانية التقليدية، إلى جانب الحلويات الغربية والعالمية.
كما لرمضان مشروبات خاصة في سوريا، كتمر هندي و عرق السوس وقمر الدين والجلاب، وشراب الورد و عقيق التوت .
اترك تعليق