في كل يوم بل وفي كل دقيقة يقدم الشعب الفلسطيني دليلا جديدا مهما كان بسيطا -لايقبل الشك على تمسكه بأرضه وهويته، وهذا ما ظهر من تسجيل من رفح بثته قناة معا الفلسطينية في برنامجها "نص بنص" الذي يقدمه الصحفي الفلسطيني محمد اللحام وهو اسير محرر.
ظهر في التسجيل صبي فلسطيني صغير يقف للحصول علي حصة من الطعام في اناء يحمله كغيره من الاطفال من مطبخ احدي منظمات الاغاثة العاملة في المدينة المنكوبة.
كان الطعام اصفر اللون مما يوحي بأنه مجرد عدس، ورأي الطفل لحما الي جانب الموظف المسئول عن توزيع الطعام فطلب ان يعطيه منه. هنا فوجئ الطفل بمطلب استفزازي من الموظف الذي لم تظهر صورته في التسجيل"قل انا مواطن من دولة اسرائيل حتي اعطيك اللحم"، رفض الطفل وفضل الانصراف بالطعام الاصفر علي ان يردد العبارة التي طلب هذا الخنزير ترديدها، والامر ليس في حاجة الي تعليق بل الي اشادة بالشعب العظيم المنزرع في ارضه.
وننتقل من هذا الموقف الي الموضوع الرئيسي وهو القدس المحتلة. فرضت سلطات الاحتلال قيودا جديدة وخانقة علي دخول الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة إلي المدينة المقدسة منذ اليوم الاول سواء لأداء صلاة التراويح أو لأداء صلاة الجمعة خلال شهر رمضان المبارك.
وقال غسان عليان "وهو درزي او بهائي كما يبدو من اسمه" منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية انه سوف يسمح بدخول المصلين من مناطق الضفة إلي القدس شرط حيازة تصريح امني ممغنط ساري المفعول هذا فضلا عن تقييم الأوضاع الأمنية.. مضيفا أنه سيسمح فقط بدخول المصلين الرجال الذين تزيد أعمارهم علي 55 عاماً و50 عاماً للنساء. وكذلك الأطفال دون سن العاشرة.
وبالفعل فمنذ ليلة رمضان منعت قوات الاحتلال الشبان من الدخول للصلاة في المسجد الأقصي المبارك. بالتزامن مع تشديد الإجراءات في الأقصي ومحيطه للشهر السادس علي التوالي .. كما وضعت قوات الاحتلال في وقت سابق أسلاكاً شائكة لأول مرة أمام السور المحاذي للمسجد الأقصي المبارك. في منطقة باب الأسباط. بهدف منع دخول المصلين إلي المسجد الأقصي.
هذا فضلا عن تمزيق القدس والضفة بالمزيد من الحواجز منذ بدء طوفان الاقصي في اكتوبر كانت الحواجز قبل ذلك تصل الي حوالي 600 حاجز ارتفعت بعدها الي اكثر من 750 حاجزا في ارض لاتتجاوز مساحتها 5860 كيلومترا مربعا أو حاجز لكل ثمانية كيلومترات من مساحة الضفة.
والغريب ان يحدث ذلك رغم الاعلان عن سحب ملف المسجد الاقصي من الوزير "المتطرف" كما يطلق عليه اعلامنا العربي في تغطيته لمأساة فلسطين "ايتامار بن غفير " بعد التصريحات التي ادلي بها قبل حلول رمضان ووعد فيها بتطبيق اجراءات بالغة القسوة علي الفلسطينيين لدخول المسجد الاقصي.
وقال في عبارات استفزازية انه من غير المعقول ان يقتل هؤلاء ابناءنا ثم نساعدهم علي الاحتفال "بمهرجانهم السنوي" في اشارة غير مهذبة الي شهر رمضان وتم الاعلان بعد ذلك عن سحب ملف القدس منه
.وجاء رمضان لنكتشف ان قوات الاحتلال طبقت اجراءات خانقة بل وحشية ضد الفلسطينيين واعتدت علي شبابهم عندما حاولوا دخول المسجد.. وهذه الاجراءات في الحقيقة هي نفسها او اكثر قسوة مما طالب به بن غفير.
ونرجو ان يكون ذلك بمثابة رسالة لمن لايزالون يصرون علي استخدام كلمة "المتطرف" في الحديث عن مسئول اسرائيلي او اخر لانهم جميعا مجرمون ومتطرفون. وكل ما في الامر ان بعضهم اكثر صراحة من غيره كما اكدنا مرارا في هذا الموضع.
اترك تعليق