الصحابي عمرو بن العاص من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم، كان صاحب رأي وفكر وقائد جيوش المسلمين لفتح مصر. هو عمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني.
توفي ليلة عيد الفطر سنة 43 هـ في مصر وعمره ثمانية وثمانون عاماً، ودفن قرب المقطم.
كان رجل قصير القامة، قوي البنية، مرن الأعضاء تعود جسمه احتمال المشقة، وساعده ذلك على أن يبرز فى أفانين الفروسية والضرب بالسيف.. وكان خطيبا بليغا محبا للشعر ويطرب له، عُرف عمرو بالدهاء والذكاء والفطنة قبل الإسلام وبعده، حتي وُصف بأدهي العرب أو "داهية العرب".
ويعد مسجد عمرو أول مسجد بني فى مصر وإفريقيا كلها، والرابع فى الإسلام بعد مساجد المدينة والبصرة والكوفة.
ويقع المسجد على مقربة من نهر النيل ومن سور مجري العيون فى حى مصر القديمة، وكان الجامع محاذيا للضفة الشرقية من النهر، ومحاطاً بـ 3 جدران خارجية فقط.
وتبلغ مساحة المسجد الحالية 28.5 ألف متر مسطح. منها 13.2 ألف متر مسطح مخصصة لأروقة للصلاة، إضافة إلي ساحات خارجية تستغل للصلاة في أيام الزحام والأعياد، ومنطقة خدمات جديدة، وشهد مؤخرا عملية تطوير واسعة.
لمَّا أسلم عمرو بن العاص كان النبي يُقرِّبه ويُدنيه منه، وقد بعث إليه يوماً وقال له: "خُذْ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتِني، قال: فأتيته وهو يتوضأ فصعَّدَ فيَّ النَّظَرِ ثم طَأطأَهُ فقال: إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلِّمُكَ اللَّهُ ويغنِّمُكَ، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة فى الإسلام، وأن أكون مع رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ. فقال: يا عمرو، نِعمَ المال الصالح للمرء الصالح".
وكان عمر بن الخطاب يتعجب من عدم إسلام عمرو مُبكرًا، فقال له: "لقد عجبت لك في ذهنك وعقلك كيف لم تكن من المهاجرين الأولين"، فقال له عمرو: "وما أعجبك يا عمر من رجل قلبه بيد غيره لا يستفز التخلص منه إلا إذا أراد الله الذي هو بيده" فقال عمر: "صدقت" ثم رفع يديه فقال: "اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله" ثلاثًا.
اقترح الصحابيّ عمرو بن العاص على الخليفة عُمر بن الخطَّاب تأمين الفُتوحات وحماية ظهر المُسلمين من هجمات فتحُ مصر امتدادًا لِفتح الشَّام، وقد وقع بعد تخليص فلسطين من يد الروم، الذين انسحبوا من الشَّام إلى مصر وتمركزوا فيها، ولكنَّ عُمر كان يخشي على الجُيوش الإسلاميَّة من الدخول لِأفريقيا ووصفها بأنَّها مُفرِّقة، فرفض في البداية، لكنَّهُ ما لبث أن وافق، وأرسل لِعمرو بن العاص الإمدادات، فتوجَّه الأخير بجيشه صوب مصر عبر الطريق الذي سلكه قبله قمبيز والإسكندر. مُجتازًا سيناء مارًا بِالعريش والفرما، ثُمَّ توجَّه إلى بلبيس فحصن بابليون الذي كان أقوي حُصون مصر الروميَّة، وما أن سقط حتَّي تهاوت باقي الحُصون في الدلتا والصعيد أمام الجُيوش الإسلاميَّة.
وقد تمَّ لعمرو بن العاص فتح مصر بسقوط الإسكندريَّة في يده سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م، وعقد مع الروم مُعاهدة انسحبوا على إثرها من البلاد وانتهي العهد البيزنطي في مصر. إلي حدي أبعد العهد الروماني، وبدأ العهد الإسلامي بِعصر الوُلاة، وكان عمرو بن العاص أوَّل الولاة المُسلمين، ولي علي مصر حوالي أربع سنوات، حتي عزله عثمان بن عفان، الذي ولي عبد الله بن سعد بن أبي السرح علي مصر سنة 24 هـ ، وأصبح عمرو أوّل والي مسلم على مصر، وأنشأ مدينة الفسطاط، وبني فيها أول جامعي في مصر الذي عُرف باسمه لاحقًا، وبعد مقتل عثمان طالب بالثأر لدمه، وكان فى صف معاوية بن أبي سفيان، وأحد قادة قواته في موقعة صفين. وممثل طرف معاوية في التحكيم بعد المعركة، وتولي ولاية مصر مرة أخري في عهد معاوية.
ورغم ايمانه جزع الصحابي الجليل عمرو بن العاص -رضي الله عنه وأرضاه-، عند وفاته كما جاء في مسند الإمام أحمد طبعة مؤسسة الرسالة ...أن عبد الرحمن بن شماسة، حدثه فقال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكي، فقال له ابنه عبد الله: لم تبك، أجزعا على الموت؟ فقال: لا والله، ولكن مما بعد، فقال له: قد كنت علي خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وفتوحه الشام. فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله. شهادة أن لا إله إلا الله.
بعد وفاته صليت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة عيد الفطر، فغدا ابنه عبد الله حتي إذا برز به وضعه في الجبانة حتي انقطعت الأزقة بالناس، حتي قيل: "لم يبق أحد شهد العيد إلا صلي عليه ودفنه" واختُلف في مكان قبره، واتفقوا أنه دُفن بسفح هضبة المقطم، في ناحية الفخ، وكان طريق الناس للحجاز، وذكر صاحب كتاب "المزارات المصرية" أن قبره غربي قبل الإمام الشافعي، فيما يُعرف بمقابر قريش، ويبدو أن أثره فُقد، وذكر ابن الزيات أن ابن العاص وعقبة بن عامر الجهني في قبر واحد، وقيل معهم أبو بصرة الغفاري.
اترك تعليق