كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الاعتبار يعد هذا جريمة السب و يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة ۱۷۱ بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه.
المادة ٣٠٦ من قانون العقوبات معدلة بالقانون رقم ٢٩ لسنة ۱۹۸۲، ثم بالقانون رقم ۹۳ لسنة ۱۹۹5، ثم بالقانون رقم ٩٥ لسنة ۱۹۹، وأخيراً بالقانون رقم ١٤٧ لسنة ۲۰۰6، ولقد جاءت المادة ٣٠٦ من قانون العقوبات لتعاقب على جريمة السب، وبعد أن تعرضنا لجريمة القذف في المادتين ٣٠٤، ٣٠٥، ثم سوف نبين أركان جريمة السب والتعليق عليها على النحو التالي:
تعريف جريمة السب:
السب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن يتضمن هذا السب إسناد واقعة معينة إلى ذلك الشخص.
والمراد ب جريمة السب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل الصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، ما دام أنه لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ولا يمسح دلالة الألفاظ التي يحيلها عن معناها،
إذ أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيبا أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقوماته المسلمة.
أركان جريمة السب:
تقوم جريمة السب المنصوص عليها المادة ٣٠٦ عقوبات بتوافر ثلاثة أركان هي:
1_ خدش للشرف أو الاعتبار يعد جريمة السب .
2 – العلانية.
3_القصد الجنائي.
وسوف نتناول هذه الأركان على النحو التالي:
1_ خدش للشرف أو الاعتبار
فعل القذف و جريمة السب التي تناولتهما المواد ۳۰۲، ۳۰۳، ٣٠٦ من قانون العقوبات بالتجريم وإن كانتا تتفقان في نتيجة واحدة هي التعدي علي شرف المجني عليه، إلا أن هاتين الجريمتين تختلفين في كيفية إسناد القول إلي المجني عليه، ومن ثم فإن العنصر الأساسي في ذلك هو عنصر الإسناد.
– الإسناد في جريمة السب :
هذا العنصر هو الذي يميز القذف عن السب، فالقذف لا يكون إلا بإسناد أمر معين، أما السب فيتوافر بكل ما يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار، أي بكل ما يمس قيمة الإنسان عند نفسه أو يحط من کرامته أو شخصيته عند غيره،
وهذا المعنى على إطلاقه يدخل فيه نسبة أمور معينة وعلى ذلك فكل قذف يتضمن في نفس الوقت سبا ولكن قد يحدث الشرف أو الاعتبار بغير إسناد واقعة معينة،
وقد يكون ذلك بإسناد عيب معين دون تعيين واقعة كمن يقول عن آخر أنه لص أو مرور أو نصاب أو سكير أو فاسق أو ماجن، وهنا قد يختلف القذف وتكون العبرة في التفرقة بينهما بتعيين الوقائع حسب ظروف الأحوال على أن الإسناد إذا تضمن عيبا غير معين كان سبا بلا شبهة كمن يقول عن أخر أنه أسوأ خلق الله أو أنه لا يتحرك لفعل الخير أو أنه لا يرجى منه نفع، وقد يكون خدش الشرف أو الاعتبار بغير إسناد عيب معين غير معين كمن يقول عن آخر أنه حيوان أو كلب.
وعلى ذلك فلا تختلف طبيعة النشاط الإجرامي في جريمة السب عنه في القذف، فجوهر النشاط الإجرامي في السب أنه تعبير عن رأى للمتهم في المجني عليه، وهو رأى ينطوي على مساس بشرفه واعتباره،
ومن ثم كانت جريمة السب بدورها جريمة تعبير وتستوي وسائل التعبير، أكانت الكتابة أو القول الشفوي أم الإشارة إذا كانت لها في العرف دلالة وإذا كان التعبير عن طريق الكتابة فسواء لغتها وشكلها أكانت مخطوطة أم مطبوعة وسواء المادة التي أفرغت فيها: أكانت ورقا أو قماشاً أو معدناً أو خشباً ويدخل في نطاق الكتابة الرموز والرسوم والصور.
وسواء أن يصوغ المتهم عباراته على نحو يقيني قاطع أو في صورة من الشك والظن وسواء أن يكون أسلوب المتهم صريحا أو ضمنياً قوامه الاستعارة أو الكتابة أو التورية أو التلميح وسواء أن يورد المتهم رأيه على أنه رأى شخصي في المجني عليه أو يورده على أنه رأى للغير يرويه عنه، ويخضع النشاط الإجرامي في السب لذات القواعد التي سلف تفصيلها في شأن جريمة القذف.
ومن ثم فإن وصف الشخص بأنه كذاب ومزور وجبان ورعديد وأثر هي عبارات تنطوي على خدش للشرف والاعتبار وقد يكون موضوع الإسناد الدعاء على الغير بالموت أو السقوط أو تمني الشر له في أي صورة وتطبيقا لذلك قضي بأن عبارة (فليسقط المدير فليمت المدير) تعتبر سبا خادش للنفوس والاعتبار.
دور العرف في تحديد ضابط خدش الشرف أو الاعتبار
يتعين علي القاضي أن يحتكم إلى العرف لكي يحدد دلالة العبارات التي صدرت عن المتهم ذلك أن لبعض الألفاظ معنى لغوياً لا يشين المجني عليه، ولكن لها مدلولاً عرفياً يخدش شرفه أو اعتباره.
وللقاضي أن يفترض في المتهم أنه أراد الدلالة العرفية لألفاظه باعتبار أن الناس قد تعارفوا عليها وعدت أقرب إلى أذهانهم من الدلالة اللغوية ولكن إذا ثبت أنه أراد الدلالة اللغوية التي لا تشين المجني عليه فلا تقوم بذلك جريمة السب
تعيين المجني عليه:” ويجب أن يوجه السب إلى شخص أو أشخاص معينين، فإذا كانت ألفاظ السب عامة أو موجهة إلى أشخاص خياليين فلا جريمة ومن هذا القبيل السكران الذي يدفعه سكره إلى التفوه في الطريق العام الألفاظ السباب غير قاصد بذلك شخص معين، ولكن قد يحتاط الجاني فلا يذكر اسم المجني عليه صراحة في عباراته، وعندئذ يكون لمحكمة الموضوع أن تتعرف شخص من وجه إليه السب من عبارات السب وظروف حصوله والملابسات التي اكتنفته ومن ثم لم يتطلب المشرع في تحديد المجني عليه.
يكون هذا التحديد تفصيلا، بل يكفي أن يكون نسبياً فإذا كان يمكن لفئة من الناس أن تتعرف على هذا المجني عليه فإنه يكون محددا وقاضي الموضوع هو الذي يخلص بتقدير هذا التحديد.
وجوب ذكر الألفاظ في الحكم يجب على المحكمة عند القضاء بالإدانة في دعوى السب أن تذكر في حكمها العبارات التي قالها المتهم وعلى ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر بعقوبة أو بتعويض عن جريمة القذف أو جريمة السب يجب أن يشمل بذاته على بيان ألفاظ القذف أو السب حتى يتسنى لمحكمة النقض أن تراقبه فيما رتبه من النتائج القانونية ببحث الواقعة محل القذف والألفاظ محل السب لتتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح .
اترك تعليق