"البالة" كلمة تطلق على الملابس المستعملة التى يتم استيرادها من الخارج، حيث يتخلص منها اصحابها ويتم شحنها فى كونتنر "حاويات" لتصل الى المواني المصرية ويتم بيعها بالكيلو على التجار الذين يقومون بفرزها وتنظيفها وكيها وتكيسها وتوزيعها على بائعي الجملة لتوزيعها على بائعه جائلين ولكن متمركزين فى مناطق محددة ومن اشهر اسواق البالة فى مصر موجود فى مدينة بورسعيد اما فى القاهرة فيتمركز هؤلاء فى مناطق مثل الاسعاف وروكسي والف مسكن والمعادي وشارع شبرا وشارع عباس العقاد بمدينة نصر بل ان هناك محلات تقوم ببيع "البالة" في اماكن اخرى.
تتسبب "البالة" فى أزمات مرورية في المناطق التي يتواجد فيها الباعة الجائلين خاصة لقيامهم بعرض بضاعتهم في الشوارع ومحاور مرورية مهمة في شوارع القاهرة ومن ابرز اماكن تمركز بيع البالة فى مصر منطقة وكالة البلح والتى يتمدد البائعون منها الى منطقة الاسعاف مرورا بشارعى الجلاء ورمسيس.
وللاسف الشديد حاولت الحكومة الحد من تمددهم وانتشارهم بأنشاء اسواق لهم فى مناطق عدة منها الجراجات وايضا موقف الترجمان و كذلك موقف احمد حلمي بالقرب من ميدان رمسيس ومحطة القطار الرئيسية الا انهم يعودون بسرعة الى الشارع تحت سمع وبصر مسؤلي الاحياء واقسام الشرطة!!.
الخبراء أكدوا أن موضوع البالة لاينفصل عن موضوع عشوائية الباعة الجالين فى الشوارع والذى يعتبر اقتصادا غير رسمى لا يدخل فى موازنة الدولة وحل مشكلته ليس فى مطاردتهم ولكن في تقنين وتشريع وتنظيم تواجدهم مع محاولات الحد من استيراد البلة ومنع دخولها للبلاد لتأثيرها على المنتجات الوطنية مع السعي على تخفيض اسعار البديل المحلى لوقف نزيف الدولار الذى ينفق على استيراد البالة.
يقول محمد عبدالسلام رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات ان تجارة البالة تعتبر احدي وسائل التهريب غير الشرعية للدفع بالملابس الجاهزة لداخل البلاد.
وأوضح ان هذه الملابس أصبحت تغسل وتكوي وتباع في "الوكالة" بعدة مناطق مثل وكالة البلح بالقاهرة أو بورسعيد دون ان يكون هناك أي اعتراض على ذلك.
إلا انه أشار إلي أن الوضع أصبح مغايرا فى الوقت الحالى حيث أصبحت البالة وسيلة تهريب معروفة.
قال ان الحواجز الجمركية التي تم إنشاؤها في مختلف دول العالم كان الغرض منها حماية الصناعة فى مراحلها المختلفة بدءا من تجارة الغزل والنسيج وصناعة والتجهيز وصولا إلي الملابس الجاهزة.
وأوضح ان جمارك الملابس تصل إلي 60% تدخل الخزانة العامة للدولة وتحمى الصناعة المحلية فى حين أن البالة معفاة من أى رسوم كونها تدخل على أنها تبرعات.
وحذر من تداعيات انتشار تجارة الاستوكات الاوروبية والامريكية "البالة" على مصانع الملابس الجاهزة المحلية بعد النمو الكبير والملحوظ فى حجم وارداتها خلال الاشهر الماضية رغم مخالفتها للقانون الذى يحظر استيراد الملابس المستعملة.
ويقول الدكتور مصطفي بدره استاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة جامعة القاهرة، ان تأثير تجارة البالة على الاقتصاد الوطنى كبير جدا فمن جانب الاقتصاد يؤثر على حجم وكمية العملة الصعبة الموجودة بالبلاد حتى لو كانت هذه البضائع قادمة الينا هبة أو منح أو تدخل بطريقة شرعية إلا انها يتم دفع مبالغ مالية بالعملة الصعبة وهذا يخفض من كمية العملة الصعبة المتاحة وايضا من جاب آخر تؤثر تأثير سلبيا على الصناعة المحلية حيث تتنامي هذه التجارة ويتنامي الاقبال عليها بحجة انها ماركة عالمية مستوردة ويقل الاعتماد على المنتج المحلى البديل له مما يؤثر على تجارة وصناعة الملابس فى مصر فى ظل انعدام المنافسة مما قد يترتب عليها أغلاق وتشريد عمل هذه الصناعة المهمة والحل هو المنع من المنبع مع العمل على تخفيض تكاليف المنتج المحلى من ملابس ومفروشات وخلافة ومنحه ميزة تنافسية سعرية وجودة عالية وخامات اما ترك الأمر على ما هو عليه فهذا يشكل خطراً داهماً على الصناعة والاقتصاد المصري.
تقول د. هبة سامي أستاذ فسيولوجي بكلية الطب جامعة عين شمس، ان هذه الملابس منتشرة فى الاسواق ولدى بائعى الارصفة لذلك فلا يجذبك سعرها وتشتريها لانها تؤثر علي صحتك وما يكون منها مخصص للأطفال ويتسبب فى إلحاق الضرر بهم فبعض الاطفال تكون لديهم حساسية سريعة من المواد الضارة التى تتسبب فى أمراض جلدية وهو ما سيجعل طفلك يعاني من ظهور مرض جلدي.
تضيف ان بيع الملابس المستعملة والاغراض الشخصية تحديداً له عواقب صحية كبيرة فهى تنقل العدوى والامراض بصورة كبيرة خاصة ان المشتري لايعرف من ارتدى هذه القطع قبلة وما هى حالته الصحية والجميع يعلم ذلك إلا ان السعر المغرى الذي تباع به تلك السلع يجعل مستهلكيها يغضون الطرف عن تلك المخاطر.
وتشير إلى ان هناك بعض الامراض التى تنتقل عن طريق الملابس المستعملة مثل الامراض الطفيلية والفيروسية فالطفيلية ناتجة عن فطريات مثل السعفة وسعفة الفخذين أما الفيروسية الطفيلية مثل التنيا الجلدية كذلك الملابس غير القطنية قد تسبب الاكزيما الجلدية أو الحساسية لذلك فهي تؤكد ضرورة الاهتمام بتعقيم وتطهير الملابس بصورة صحيحة وكيها قبل استخدامها حتى تكون صحية ولتفادي انتشار الامراض.
تقول الدكتورة دينا حسن الاستاذة بقسم الاجتماع كلية البنات تمثل أحد مجالات الانشطة الاقتصادية الاكثر وضوحاً وتهميشاً بين الانشطة الاقتصادية غير الرسمية وهي الاكثر انتشاراً فى دول العالم سواء فى البلدان المتقدمة أو النامية والاكثر أهمية فى الاقتصاد الحضري حيث توفير فرص العمل وتوفير الخدمات للاخرين فضلاً عن مساعدة العديد من الصناعات الصغيرة على الازدهار من خلال تسويق منتجاتها وقد تم تعريفها بطرق متنوعة من قبل العديد من الباحثين والمهتمين بهذا المجال فالبعض أطلق عليها الاقتصاد غير الرسمى أو الاقتصاد السرى أو الخفى إلا ان هناك مجموعة من السمات التى تميزها عن غيرها من الانشطة الاقتصادية ويأتى فى أولها مكان تداول السلع فلا يوجد لها مكان محدد ويتم البيع في الشارع وعلى الارصفة وفي الاماكن العامة كالحدائق والمواصلات العامة والميادين العامة وغيرها ويكون العمل دون تصريح رسمى وبدون ضرائب كما لايوجد هياكل بنائية ثابتة "أسواق رسمية" لممارسة تداول السلع والخدمات.
أضافت أنه بالرغم من الدور الديناميكى الذى تلعبه الانشطة الاقتصادية غير الرسمية وبصفة خاصة انشطة الباعة الجائلين فى الاقتصاد الحضرى من خلال دورها في توفير فرص العمل ودورها الاساسي فى تلبية احتياجات السكان فى المناطق والاحياء إذ تشهد انتشاراً واسعاً فى جميع الاحياء الشعبية والمتوسطة والراقية إلا أن أجهزة الدولة ومؤسساتها تعتبرها عبئاً علي الأمن القومى والنظام العام في المناطق الحضرية ومن ثم أصبح هناك صراعات بين هؤلاء الباعة والجهات الرسمية المختلفة يضاف إلي ذلك عدم وجود بيانات رسمية دقيقة حول هذا الموضوع مما أدي إلى تركز الاهتمام البحثى حول انشطة القطاع غير الرسمى الخاصة بالتصنيع والانتاج غير الرسمى وتراجع الاهتمام إلى حد كبير بهذه الفئة من انشطة البيع المرتبطة بالشارع والرصيف.
أضافت انه من خلال استقراء عدد من الدراسات السابقة عالمياً اتضح ان الباعة الجائلين يلعبون دوراً ديناميكياً فى الاقتصاد الحضرى بصفة خاصة، حيث توفير الاحتياجات الضرورية للمستهلكين وخاصة من فقراء الحضر وتوفير المنتجات والسلع الضرورية بأسعار مناسبة وتوفير فرص عمل للكثيرين والمساهمة في زيادة دخل الاسر المتوسطة والفقيرة بالاضافة إلى مساعدة العديد من الصناعات الصغيرة ان تزدهر من خلال تسويق منتجاتها ومن ثم فإن الباعة الجائلين يمثلون حلاً لبعض المشكلات التي يعاني منها سكان المناطق الحضرية الفقيرة وبالرغم من ذلك إلا ان حياتهم العملية تواجه الكثير من المضايقات والتوترات المستمرة من قبل الحكومات المحلية والسلطات الرسمية المدنية كما يفتقدون لشروط الامن والسلامة فى مواقع عملهم وأكدت على ذلك الكثير من الدراسات فى العديد من دول آسيا وإفريقيا.
أشارت إلى أنه فى بلاد أخرى يكون هناك مكان مغلق لهم يعرضون سلعهم فيه وهذا يسهل عملية البيع والشراء ولكن فى مصر فالامر مختلف تماما وللأسف تقوم الدولة بشن حملات لأزالتهم من المناطق واغلاق مكان تجمعاتهم إلا انه يعودون مرة اخري لاحتلال تلك المناطق في غياب الامن والاحياء أو تحت سمع وبصر هذه الاحياء.. وحتى يتم القضاء على هذه الظاهرة لابد توفير أماكن قريبة من الاماكن التي اعتادوا عليها بالتعاون معهم وليس كما حدث في اختيار منطقة أحمد حلمي فى عمل سوق لهم مغلق ومهجور حيث اعتمد فقط على المواطنين المتوجهين والقادمين إلي محطة القطار فى قلب القاهرة فالبائع المتجول زبونهم الاساسى هم الموظفين والمقيمين فى لامنطق المجاورة له والمارين عليها ليل ونهار وليس العابرين من المنطقة فقط.
يقود د. علاء الناظر خبير التنمية المحلية، ان ترمكز الباعة الجائلين فى أى منطقة بدون أى ضوابط أو نظام تفرضه الدولة عليهم من أهم أسباب الفوضى التى تنتشر فى الشوارع المصرية واثارها سلبية حيث تعيق حركة التنمية والتطوير.
أشار إلى ان الدولة سعت إلى وضع حد لتمدد وانتشار وتمركز الباعة الجائلين فقامت بأنشاء أسواق ونقلت بعضهم اليها إلا ان اغلبهم يعودون لنفس المنطقة ويفترشون الارض بل وبعضهم يؤجر وحدات "محلات" فى الاماكن التي تحددها الدولة لهم ويدفع ايجاراتها بدون ان ينتقل بالفعل.
قال ان منطقتي العتبة والموسكى مثلا تنتشر فيها تجار الملابس الذين يفترشون شوارعها ويغلقوها تماما أمام حركة المرور ويوجد ايضا مناطق اخرى مثل الاسعاف اسفل كوبرى الجلاء فهم امتداد لتجار وكالة البلح وتجد فى أماكن اخرى من يفترشون الشارع لبيع سلع متنوعة يقبل عليها المواطنين.
أضاف ان اغلب المحلات فى الاحياء الشعبية يعتدون على الرصيف المخصص للمشاة بالتعاون مع الاحياء التى يتبعونها فنجد مثلا سوق الخميس فى حى المطرية تم نقله ورغم منع الباعة الا انهم يفترشون الشوارع الجانبية يوم الخميس من كل اسبوع على مسافة لا تقل عن 10 كيلو مترات!!.
وقد حاولت الدولة نقل الباعة الجائلين فى منطقة رمسيس إلى سوق تم انشائه فى موقف أحمد حلمي وموقف الترجمان الا ان المحلات مغلقة والباعة الجائلين المنتشرين يبيعون كل شيئ فى الشوارع فتجدهم يفترشون شارع الفجالة والحوارى المحيطة به!! وهنا تظهر لنا مشكلة وهى سهولة وصول المشترى للبائع وهي تراث ثقافى مجتمعى قديم راجع إلى سوء التخطيط والتنظيم والحالة الاقتصادية للمجتمع والتسيب الامنى.
أكد ان الحل ليس هو النقل والاجبار بل تنظيم الشوارع وتخصيص الاماكن بحيث لا تؤثر على حركة المرور.
فالمستهلك يجد صعوبة فى الوصول إلى مكان مثل جراج العتبة والاوبرا وايضا التحرك إلى موقف الترجمان و أحمد حلمي فيستسهل التعامل مع البائع المتجول فى الشارع فاختيار الموقع للبائع والمواطن أمر مهم جدا لنجاح أي فكرة تطوير ونقل.. والامر بيد المحليات والدولة لابد ان تضع الخطط وفقا لاحتياجات المواطنين وحتى تنجح الفكرة.
أشار إلى أن نقل سوق الخضار من روض الفرج إلى العبور نجح ولكن الباعة عادوا من جديد يفترشون الشوارع بالخضار والفاكهة وها يعني ان السوق جذب اليه كبار التجار ولكن صغار التجار والارزقية مازالو مستمرين في أماكنهم!!.
أكد على ضرورة تخصيص أماكن لهم فى مناطق محدودة بالاحياء تسهل عملية التقاء البائع بالمشترى وتعديل التشريعا والقوانين لتلائم مطتلبات الاحياء وتلبي احتياجات المستهلكين وغلق الشوارع التى يتواجد بها الباعة الجائلين ومنع تمددهم خارجها وقصرها على الحركة بدون سيارات.
كتبت- ريهام السعيد:
أكد اللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة أنه جاري العمل على مشروع تطوير الاسواق العشوائية بالعاصمة ضمن خطة الدولة للقضاء علي العشوائيات وظاهرة الباعة الجائلين ويضم المشروع عدداً كبيراً من الاسواق الحضارية علي مستوي احياء العاصمة.
أشار "عبدالعال" إلى أن هناك متابعة مستمرة وجولات تفقدية تقوم بها الاجهزة التنفيذية بالمحافظة على أرض الواقع لمتابعة عمليات تنفيذ مشروعات الاسواق الحضارية وإزالة أى معوقات تواجه التنفيذ، والتى ستحدث طفرة كبيرة فى مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير حياة كريمة ورفع مستوي جودة الخدمة، مشيراً إلى أنه يتم التعامل مع الباعة الجائلين بطرق احترافية ويتم نقلهم لأسواق حضارية تؤمنهم وتؤمن المواطنين بالشارع.
نوه المحافظ إلى أن الدولة المصرية بذلت جهوداً كبيراً لانشاء مناطق حضارية بدلاً من الاسواق العشوائية، كما انه تم تطوير ورفع كفاءة 84 سوقاً فى محافظة القاهرة وعلى رأسها سوق التونسى وسوق الزاوية الحمراء.
أوضح ان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تعمل على إنشاء 6 أسواق جملة داخل القاهرة فى منطقة شرق مدينة نصر ومنطقة المقطم منطقة جنوب على غرار سوق العبور بما يساهم فى توفير الوقت والتكلفة للمواطنين، وامكانية الحاق الباعة الجائلين للعمل داخل تلك الباكيات بالأسواق.
اترك تعليق