الخبراء: التسلط وبرود العلاقة والمراهقة المتأخرة.. أهم أسباب الانفصال
د. شيماء عراقي: هدنة منزلية مؤقتة والاتفاق علي الجوانب المادية قد يهدئ الأمور
د. أسماء مراد: انفجار بعد تراكمات سنين وتنازلات كثيرة من أحد الطرفين
د. وليد هندي: هذه السن تعني زواج الونس واستعادة الذكريات الجميلة قبل اللجوء للقرار الصعب
ظاهرة خطيرة بدأت تنتشر بين كبار السن وهي الطلاق علي الرغم من مرور سنين كثيرة علي الزواج قد تصل إلي خمسة وعشرين سنة أو أكثر. أسباب كثيرة قوية تدعو الزوجين للجوء إلي هذا القرار علي الرغم من صعوبته وتأثيره السيئ عليهما وعلي الابناء والاحفاد.
وعلي الرغم من عشرة السنين الطويلة والمودة والرحمة والذكريات الجميلة إلا أن هناك ما هو أقوي من كل ذلك دعاهما لاتخاذ هذا القرار الصعب.
الخبراء ذكروا الاسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة ومنها برود العلاقة بين الطرفين والوصول الي مرحلة الخرس الزواجي وعدم اهتمام كل طرف بالآخر أو حدوث خيانة زوجية أو تحمل المرأة لكامل مسئولية البيت بما فيها المسئولية المادية . وإحساس الرجل بدنو الاجل مع رغبته في استعادة شبابه مع امرأة اخري أو شعور احد الطرفين بالخذلان بسبب انحياز الابناء للطرف الاخر فيضطر للبحث عن الاستقلال بحياته بعيدا عنهم. وغير ذلك من اسباب.
طالب الخبراء بضرورة البحث في اسباب الظاهرة وتخصيص مبادرات لعلاجها وشرح طرق تفاديها للأزواج من المسنين حتي لا يكونون فريسة لها ويستطيعان الاستمتاع بما تبقي من العمر معا بعد اتمام رسالتهما والاقتناع بأن زواجهما أصبح اكثر احتياجا للونس والعيش علي الذكريات الجميلة التي رافقتهما طوال سنين الزواج.
أسباب مهمة
تقول د. شيماء عراقي استشاري إرشاد اسري وتعديل سلوك: أصبح هذا الموضوع منتشراً وملموساً فيما يشبه الظاهرة التي يجب البحث في اسبابها . فهناك اسباب مهمة أولها بالنسبة للمرأة التي تكون بعد هذا العمر قد دخلت مرحلة سن متأخرة وتكون أكثر هشاشة نفسية وليس لديها القدرة علي الصبر والتحمل بعد المرور مع الزوج بحياة مليئة بأسباب تدعوها للانفصال خاصة أن المراة بطبيعتها تحب الاستقرار النفسي والعاطفي والأسري فهي لن تضحي بسعادة ابنائها وبيتها الا اذا كانت هناك عوامل مهمة تدعوها لاتخاذ هذا القرار المهم بعد مرور كل هذه السنين.
تضيف: من أهم الأسباب التي تؤدي الي طلب الطلاق الخيانة الزوجية التي تؤثر في مصير الحياة الزوجية خاصة اذا تكررت. فالمرأة قد تتحمل او تتغاضي عن خيانة زوجها مرة مثلا في سبيل استقرار بيتها واعتماد ابنائها علي انفسهم وتوصيلهم الي بر الامان ووقتها تكون قد انجزت مهمتها واصبحت ليس لديها القدرة علي تحمل صدمة الخيانة الزوجية. ايضا العنف الجسدي والاهانة من بين الاسباب القوية التي تجعل المراة تقف مع نفسها وقفة تجد طاقتها قد انتهت ولن تستقيم حياتها بهذا الشكل وانها تحتاج لفترة من الراحة والاستجمام والهدنة بعد طول تعب وأنها بدأت تستفيق لنفسها وانها يجب الا تتحمل هذه الاهانات من زوج لا يقدرها.
الصمت الزواجي
أشارت د. شيماء إلي أن من بين الأسباب لطلب المرأة قرار الانفصال هو العبء المادي خاصة اذا كانت هي من يتحمل كل الاعباء المنزلية ففي حالات كثيرة تتحمل المرأة ادارة المنزل وتنفق علي الرجل والابناء فتجد ان الزوج أصبح عبئا نفسياً عليها ولا ينفق عليها ولا علي البيت والابناء ولا يقوم بدور الزوج المسئول لسنوات. أيضا العلاقة الحميمية قد تكون بها مشاكل وتشعر المرأة بفقدان قيمتها خاصة مع وجود الصمت الزواجي مع فشل العلاقة الحميمية بينهما وهنا تكون المرأة قد وصلت لنقطة النهاية خاصة اذا وجدت الزوج يغرد جيدا خارج المنزل ولا يهتم بها ولا يجري حوارا ولا تفاهما بينهما.
قالت: لكي نكون منصفين فقد يري الزوج انه قد ادي رسالته وتحمل لاقصي درجة ولا يريد التصادم مع الزوجة خاصة اذا كانت متسلطة وتحمل اذي كثيرا منها. او تكون الزوجة مهملة فيه وايضا دخول امرأة اخري في حياته خاصة اذا كان قد اجري مقارنات مع نساء اخريات او استقرار اصدقاء له. وفي عمر الخمسين او بعدها بقليل يمر الرجل بمرحلة المراهقة المتأخرة فقد يريد تجديد شبابه مع زوجة اصغر سنا خاصة اذا كان يفتقد للحب والامان والعلاقة الحميمية الناجحة مع زوجته.
المرأة تخسر أكثر
اضافت: اذا تحدثنا عن الضرر الواقع علي المرأة في هذه السن نجد أن المرأة هي الخاسرة أكثر من انهاء العلاقة خاصة اذا لم يكن لها مسكن او مأوي اخر وتزداد الازمة اذا كان الزوج عنيفا ويطردها من منزل الزوجية . وتكون المرأة في مأساة حقيقية خاصة اذا كانت منهكة جسمانيا بعد سنوات الكفاح الطويلة وقد تكون مصابة ببعض الأمراض ويصعب عليها جدا الخروج من بيتها. خاصة اذا كان اولادها متزوجين وتشعر بخذلان وضياع زهرة شبابها مع زوج لم يقدرها ويغدر بها في نهاية المشوار.
أكدت أن الرجل قد يواجه مأساة عندما تكون المرأة تستقوي بابنائها الذين يسندونها ويمنحوها القوة في اتخاذ قرار انهاء العلاقة لعدم احتياجها للزوج الذي يجد نفسه قد تم التضحية به بعد سنوات الكفاح مع الزوجة والابناء.
تري ان الخبراء النفسيين والمتخصصين يجب ان يكون لهم دور بالتوعية للزوجين في هذه السن مع ضرورة وجود مبادرات لعلاج هذه الظاهرة ونري احتياجات الرجل والمرأة وتغيرات المرأة الهرمونية والنفسية. فالمرأة لا يتم النظر الي عمرها ويجب اعادة النظر في التعامل مع المرأة التي تحتاج للاحتواء النفسي والعاطفي اكثر. وايضا بالنسبة للرجل بعد سن المعاش يشعر بان دوره في الحياة انتهي ويفقد استقراره الوظيفي ويشعر بان حياته انتهت فتبدأ الصدامات والمشاكل مع الزوجة فيجب حدوث حوار مجتمعي بشأن هذه القضية. فالآثار السلبية المترتبة علي هذا القرار في هذه السن سيؤثر علي السلام المجتمعي والاستقرار الاسري.
روشتة علاج
وضعت د. شيماء روشتة علاج سريعة لهذه الظاهرة فقالت إنه يجب علي الزوجين ان يراعيا التقدير بينهما وان قرار الانفصال اصبح لا يخصهما بمفردهما فهناك ابناء سيتأثرون بهذا القرار . كما أنه تجنبا للمشاكل والصراعات اليومية ان تعيش الزوجة في غرفة منفصلة عن الزوج كنوع من الهدنة والفصل بينهما مؤقتا وليس الطلاق حتي تهدأ الأمور. خاصة اذا كان الشجار والصدام مستمرا بينهما. وقد يكون الابناء احد اسباب زيادة الازمة اذا انحازوا لطرف ضد طرف فيشعر احد الاطراف بانه قد افني حياته هدرا في تربية ابناء لم يقدروه او كانوا قساة عليه.
يمكن ايضا الاتفاق علي الجوانب المادية كالاتفاق علي تحديد مصروف شهري لتجنب الازمة بسبب الدخل المادي. كما يجب علي الابناء التدخل بين الوالدين لتخفيف العبء النفسي عنهما. فالمرأة في هذا العمر تكون مهددة ولا تشعر بالامان النفسي ووجود سند. فيجب ان تشعر المرأة بالتكريم والتقدير والامان والثقة وان وزوجها معها حتي نهاية المشوار. كما أن فقدان الحب بين الزوجين بسبب تغير شكل المرأة وتكوينها الجسماني قد يكون سببا في وجود حالة من البرود العاطفي يعجل بالتفكير في الانفصال بينهما.
انفجار بعد تراكمات
د. أسماء مراد إخصائي علم الاجتماع والإرشاد الأسري تقول: هذا الموضوع يكون بسبب وجود تراكمات علي مدار العمر بين الزوجين ولا يكون وليد هذه السن فقط. وليس بسبب اختيار خاطئ فقط. ولكن بسبب تنازلات من طرف واحد دون الاخر . وقد يصل الطرف كثير التنازل الي حالة من الانفجار بعد التراكمات فتتحول العلاقة الي الفراق.
أضافت : يجب ان يراعي الزوجان العشرة ويعقدان اتفاق هدنة ويراعيان نقاط الاختلاف ونقاط الاتفاق. حتي لو وصلت العلاقة بينهما الي علاقة الصداقة والألفة والمودة والرحمة وليس الحب والغراميات خاصة مع وجود ابناء وربما احفاد ايضا. أما اذا وجدا انه يستحيل العشرة بينهما فهنا لا مفر من الطلاق ولكن علي ان يكون بالمعروف بما لا يضرهما ولا يضر ابناءهما.
توتر وعصبية
د.وليد هندي استشاري الصحة النفسية يقول: يوم بعد يوم يتم الاهتمام بالرعاية الصحية للمسنين سواء نفسية او جسدية وبالتالي طال عمر المسنين وكثر عددهم . وطالما طال عمر المسن تنسحب عليه مشاكل المجتمع. ففي نهاية عام 2050 سيكون من بين كل ستة افراد بينهم واحد مسن. وعلي رأس المشكلات التي يواجهها المسنون هي الطلاق. فطبقا لأحدث الاحصائيات المصرية وجدوا أن نسبة الطلاق بين المسنين وصلت إلي 10.4% وهي اعلي نسبة حدثت بين المسنين في المجتمع المصري.
أضاف: من أهم الأسباب لهذه الظاهرة ان الانسان كلما تقدم به العمر زاد عنده التوتر والعصبية ويفقد ثباته الانفعالي. والتحكم في تصرفاته. ويكثر غضبه ويفتقد فنيات التحكم في الغضب ويلجأ للطلاق كنوع من الاندفاعية والغضب. كما أن كبير السن يحدث له احيانا تصلب في شرايين المخ الضعيفة المتحكمة في اتخاذ القرارات. وبالتالي تكون قراراته انفعالية احيانا بعكس ما هو شائع من ان كبار السن يكونون اكثر رسوخا وحكمة. وبالتالي مع أي موقف خلافي يلجأ للطلاق.
تعويض ما فات
قال: هناك بعد اخر نفسي يجب وضعه في الاعتبار وهو ان الانسان عندما يستشعر دنو الأجل واقتراب ازهاق الروح يحاول ان ينهل من كل مترادفات السعادة ويخفف الضغوط عنه ويري ان الاسرة بها كم كبير من الضغوط عاني منها كثيرا ويحاول التخلص منها بعمل ازاحة لهذه الضغوط لمجرد الشعور بالحرية بالطلاق. ويضاف لذلك ان هناك رجالا كثيرين افنوا حياتهم في سبيل الاسرة والابناء وفي سن الشيخوخة يجد نفسه قد ادي رسالته تجاه اسرته واولاده ويري ان من حقه ان يعيش ويعوض ما فاته خاصة اذا كانت حالته المادية ميسورة وتكون لديه رغبة في الزواج الثاني للتعويض.
أشار الي أن المرأة مع تقدم السن وانقطاع الطمث قد تزهد الزوج فتتبلد المشاعر بينهما وهذا يولد نوعا من الجفاء والخرس الزواجي وعدم المشاركة الوجدانية. ويعيش الاثنان في بيئة تفتقد للدفء. وقد تلجأ المرأة نفسها للخلع. كما أن الاستقواء بالابناء وانحيازهم لأحد الوالدين يصيب الأخر بالخذلان ويكون اول قرار له هو الانفصال. كما أن مؤشر ارتفاع نسبة الاكتئاب لدي كبار السن مهم جدا. فالمكتئب تكون كل قراراته اكتئابية. وبناء عليه فان اصابة المسن بالاكتئاب بسبب الزهق والملل واليأس وفقدان عزيز لديه او تراكم الامراض عليه تجعله يائسا من الدنيا ومكتئبا ويكون قراره هو الطلاق.
أكد أن هذه المشكلة كبيرة وتحتاج للوقوف عندها للبحث عن حلول لها وكيف نعطي للمسنين فنيات التعامل مع الغضب ونكشف لهم علامات الاكتئاب والغضب لتجنب ما يترتب عليها من اثار. وكيف نعلم الزوجين أن الزواج في هذه المرحلة يسمي زواج الونس وليس زواج الجسد. فالرجل والمرأة يحتاجان لمن يشاركهما الفكر والروح والكلام وليس جلوس الرجل يقرأ الصحف وتجلس المرأة تشتغل في التريكو كايام زمان. أو انشغال كل منهما عن الاخر بالموبايل. وليس الحديث عن مشاكل الابناء فقط.. فالرجل والمرأة يحتاجان إلي تجانس الارواح وتجديد دوافع الحياة واساليب التواصل بينهما وتقوية العلاقة بينهما واستعادة الذكريات الجميلة بينهما.
اترك تعليق