تعمل معظم الهيئات والمؤسسات بالدولة علي الاستفادة من التحول الرقمي للتسهيل علي المواطنين في إنجاز المهام والأعمال وكذلك ترشيد الموارد والنفقات. ومؤخرًا صدرت دراسة عن البنك المركزي بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين تتحدث عن إمكانية اصدار الجنيه الرقمي ويكون عبارة عن نسخة رقمية من الجنيه النقدي الورقي. ويتمّ استخدامه فقط في التحويلات البنكية وسداد فواتير الخدمات لينضم بذلك إلي أكثر من 100 عملة رقمية لبنوك مركزية لدول أخري.
التساؤل لدي الجميع الآن: ما الذي يدفع البنك المركزي إلي إصدار العملة الرقمية؟ هل هي جزء من الاقتصاد الرقمي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية بين الأفراد والشركات دون وساطة ؟ هل ستختفي العملة الورقية؟
الأهم من ذلك. كيف يتم استخدام الجنيه الرقمي؟
ما هو الجنيه الرقمي؟!
* الجنيه الرقمي سيكون التعامل به مقصوراً علي كل من يمتلك حسابًا بنكيًا فقط.
* الجنيه الرقمي ليس عملة ملموسة ومتداولة بين الناس في حركة البيع والشراء.
* الجنيه الرقمي يستخدم في سداد الفواتير والمحافظ الإلكترونية فقط أي اجراء المدفوعات اللحظية مثل سداد الفواتير الخاصة بالخدمات مثل الكهرباء والغاز المياه والإنترنت.
* أصدار الجنيه الرقمي سيكون في إطار استراتيجية الدولة وتحديدا وزارة المالية في تعزيز الشمول المالي والاقتصاد الإلكتروني.
* يختلف عن العملات المشفرة "البيتكوين" خاصة أن العملات الرقمية الرسمية مثل الجنيه تتسم بالأمان ويصعب تزويرها.
* يختلف عن العملات المشفرة مجهولة المصدر ويصعب السيطرة عليها وليس لها قيمة حقيقية .
* هناك نحو 100 عملة إلكترونية متداولة حول العالم وبالتالي فإن الفكرة منفذة منذ سنوات وتم تطبيقها وتداولها من البنوك المركزية بدول عديدة.
أحمد خطاب.. عضو مجلس الأعمال المصري الكندي: يوفر تكلفة في إصدار العملات المعدنية والورقية
يري أحمد خطاب .الباحث الاقتصادي وعضو مجلس الأعمال المصري الكندي أن إصدار العملة الرقمية سيكون له مميزات من بينها أنها تتماشي مع العملات الدولية الموجودة كالبيتكوين كما أن القيمة الاقتصادية لإنشاء الجنيه الورقي أغلي من قيمته الحالية خصوصا بعد التعويمات التي حدثت الفترة الماضية مما يوفر التكلفة المهدرة في إنشاء عملات نقدية سواء معدنية أو ورقية وكذلك سيكون أسهل تبادلا في انضمام مصر للاتفاقية الدولية البريكس في 2024 ويعتبر بمثابة تأهيل مصر لهذا التكتل الاقتصادي.
يوضح خطاب أن تداول الجنيه الرقمي سيكون أشبه بتقنية فودافون كاش وما شابه وسيكون متصلا بالبنوك ويتم نقل الأموال من خلال تطبيق معين.
قائلا "عند ركوب التاكسي أو الشراء من الفكهاني مثلا سيكون الدفع من خلال بار كود معين يتم مطابقته بمجرد فتح الكاميرا من خلال الموبايل . من أجل تقليل التعامل المالي . والتقنية ستكون سهلة جدا.
يشير إلي أن الأزمة الاقتصادية الحالية لن تحل بين يوم وليلة وأي تفكير في إصدار تقنيات جديدة يجب ألا يتوقف حتي يستعيد الاقتصاد عافيته لأنه يحتاج إلي مجموعة قرارات متحدة أولها تقليل استيراد السلع الترفيهية مثل السيارات ولعب الأطفال . وثانيا زيادة الصادرات من خلال زراعة المزيد من محاصيل الفاكهة والخضراوات أو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح . ثالثا تخفيض استهلاكنا من البترول وتعظيم هذا الاستهلاك لرجال الصناعة بغرض التصدير.
محمد عطا.. خبير أسواق المال: يسهم في القضاء علي السوق السوداء للدولار.. وحصر "الكاش" وإعادة هيكلته
أحد الحلول الجاذبة للاستثمارات
يقول محمد عطا . خبير أسواق المال إن رؤية الدولة منذ فترة طويلة 2030 هي الرقمنة والتحول للدفع الإلكتروني والحكومة الرقمية والتعاملات عن بعد بدليل "انستا باي" وغيره . وكان من بين السياسات النقدية الجديدة هي تغيير شكل العملة لذلك أصدرنا العملة البلاستيكية لتوفير تكلفة العملات الورقية وحتي تعيش عمرا أطول.
يضيف أن السبب الآخر الذي دفع الحكومة إلي إصدار الجنيه الرقمي هو مشكلة الدولار والقضاء علي السوق الموازية حيث إن تجارة الدولار تدار في الأساس بالجنيه فعند رقمنته سيتم حصر الكاش وإعادة هيكلته ومعرفة المدخلات والمخرجات واتجاه تداول الأوراق المالية داخل السوق.
يوضح "عطا" أن العملات المشفرة تستخدم بهدف التداول والمضاربة وتطغي علي الأسواق الموازية أو المماثلة لنا مثل دول الخليج ونحن لا نستطيع أن ننفذها داخل مصر لعدم توافر الدولار. ويعتبر الجنيه الرقمي بديلا عن العملة الرئيسية وهو من بين الحلول التي تجذب الاستثمارات ولكنه ليس الحل الرئيسي.
يؤكد أن تداول العملة الرقمية سيكون من خلال "تطبيق" ويتم حفظ رصيد داخله مثل تداول العملات المشفرة علي "منصات"ونفس الأمر مثل فودافون كاش واورانج كاش فأصبحا أسلوب حياة حاليا علي الساحة وبقوة خصوصا بعد فترة كورونا » موضحا أنه ليست كل الخدمات سيدعمها الجنيه الرقمي . لكن في الهيئات الحكومية مثلا سيكون فعالا عند إنهاء أي أوراق والدفع من خلاله مع إمكانية وجود "deal" مع خدمات أخري مثل أوبر وكريم لكن من الصعب جدا التعامل به لشراء السلع داخل الأسواق والسوبر ماركت.
د. مصطفي بدرة.. الخبير الاقتصادي: يواكب التطور التكنولوجي العالمي
يؤكد د. مصطفي بدرة. الخبير الاقتصادي أن هذه الفكرة ليست جديدة وتهدف إلي ملاحقة التطور العالمي» فهناك ما يقرب من 100 دولة اطلقت عملات رقمية وتتعامل بها . وهي تساهم في تيسير التجارة العالمية والاستغناء عن الكروت والتحويلات وما شابه . حيث إن العملة الرقمية ستكون مخزنة داخل محفظة من خلال الموبايل يتم التعامل والتحويل بتلك العملة داخل أي جهة. وذلك دون أن نكلف الدولة طباعة بالمليارات.
يري بدرة أن في بداية ظهور المحافظ الإلكترونية مثل فودافون كاش وغيرها. لاقت هجوما من كل مكان. مثل الجنيه الرقمي» موضحا أن السائح أو المستثمر الأجنبي يستطيع طالما هناك أدوات مطورة أن يحول الأموال إلي الداخل في غمضة عين.
يضيف الخبير الاقتصادي أن الاستغناء عن الدولار هو هدف عالمي حاليا طبقا لاتفاقية البريكس العام المقبل عن طريق تعامل الدول بالعملات بينها وبين بعضها البعض ولذلك تتجه الدول إلي تطوير عملاتها.
يلفت من ناحية آخري إلي أن الجنيه الرقمي عبارة عن عملة تصدر من البنك المركزي من خلال الحكومة المصرية أما العملة المشفرة يمكن لأي فرد وهو جالس في منزله أن ينفذها ويبيعها للناس أو حتي أي شركة من الشركات فهي غير مضمونة وغير معلومة المصدر ولكن يتداولها المواطنون مثل البيتكوين.
يؤكد أن الجنيه الرقمي سيكون له غطاء وسيتم طرحه علي المتخصصين لمعرفة وجهات النظر الاقتصادية فيه.
د. صلاح فهمي.. أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: يحمي من غسيل الأموال.. ومن العدوي وانتقال الأمراض
يقول د. صلاح فهمي. أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر إن تكلفة الطباعة عالية جدا لأن ورق النقود يأتي من إنجلترا وهي الدولة الوحيدة التي تطبعه والأحبار نفسها مرتفعة الثمن وغير قابلة للتزوير.
يوضح أن تقنية إصدار الجنيه الرقمي والتعامل به يشبه تطبيق "انستا باي" الذي يحول الأموال بدون أوراق نقدية مثل المقايضة . مضيفا أن المرتبات بدلا من استلامها نقدا .سيتم الاستعلام عنها وإخبار الموظف بها بمجرد نزولها علي الابليكيشن وهي تعتبر من نهايات الاقتصاد الرقمي وليست بداياته عن طريق تقليل التعامل بالنقد من يد ليد.
يشير إلي أن النقود البلاستيكية التي تمت طباعتها السنة الماضية كانت مكلفة جدا لانها غير قابلة للتزوير أيضا .
ومن ثم الرقمنة ستوفر كثيرا وهناك استفادة من ناحية آخري عند التحويل بين شركة وأخري. لأنه حاليا كل تحويل مقابله عمولة بالبنك . أما انستا باي مثلا التحويل من خلاله دون أي تحصيل لعمولة أو وساطة.
يقول إن البنك المركزي بنك حكومي ليس هدفه الربح وهو الذي سوف يصدر التطبيق . ويتم وضع الأموال الرقمية داخل محفظة الفرد بفودافون أو بالبنك الأهلي ثم تحويلها لهذا الابليكيشن .وإذا أردت التحويل لأي شخص سيتم بهذه الطريقة الرقمية أيضا.
ويؤكد أن إصدار الجنيه الرقمي لا يعني اختفاء الورقي أو نهايته حيث إن عدد العملات الورقية في مصر يصل إلي تريليونات بالإضافة إلي النقود الموجودة مع الناس بالمنازل إذنا نسبة السيولة عالية جدا وهو ما يسمي في الاقتصاد بحبس النقود أو منعها عن التداول . لكن الجنيه الرقمي سيسهل علي الفرد الاحتفاظ بالأموال داخل محفظة إلكترونية فضلا عن أن أي عملية تحويلية ستكون مسجلة.
يوضح أستاذ الاقتصاد أن في عام 2016 بدأنا بما يسمي بالشمول المالي ثم 2018 و 2019 انتقلنا إلي الاقتصاد الرقمي ولولا كورونا توقفنا عنه قليلا.
يقول إن الجنيه الرقمي عملية وقائية تحمينا من غسل الأموال ومن العدوي خصوصا في مواسم الأمراض وستكون أول مرة في مصر تصدر عملة رقمية.
د. يسري طاحون.. رئيس قسم الاقتصاد السابق بجامعة طنطا: الشمول المالي والتحويل الرقمي للحسابات.. بديل مناسب
يري د. يسري طاحون أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم الاقتصاد السابق بجامعة طنطا أن سبب تفكير البنك المركزي في إصدار الجنيه الرقمي هو توفير طباعة العملة وصك النقود.. مؤكدا أن توقيت الفكرة غير مناسب لأن ببساطة "مش وقته" فـ 70% من الشعب المصري غير قادر علي استخدامها ويحتاجون للتأهيل علي استخدام هذا النوع من العملات قائلا "إننا لدينا الشمول المالي ومسألة التحويل الرقمي بالحسابات البنكية موجودة وتحل محل العملة الرقمية التي ليست لها أي ضرورة ولا داعي نظرا لضعف الثقافة العلمية والتكنولوجية. داعيا البنك المركزي إلي التفكير في أمور أخري أهم مثل توفير العملة الصعبة أو اختراع أدوات نقدية جديدة لجذب المدخرات المصرية في الداخل والخارج بالعملة الصعبة.
يوضح في هذا الإطار أن فكرة الرقمنة لاقت صعوبات كثيرة في التعليم لأننا مازلنا غير مؤهلين لها حاليا ونفس الأمر في الاقتصاد. موضحا أن الأولويات هي الأهم في الظروف الحالية.
اترك تعليق