أرسل رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- مصعب بن عمير-رضيَ الله عنه- بعد بيعة العقبة الأولي إلي المدينة المنورة. ليعلّم أهلها الإسلام والقرآن الكريم. وليقوم بدعوة النّاس إلي رسالة الإسلام. وكان معاذ بن جبل -رضيَ الله عنه- من الذين آمنوا علي يديه. ولم يلبث حتي توجّه في العام الذي يليه في موسم الحجّ إلي مكّة. ليلقي النبيّ فيها ويُشهر بيعة العقبة الثانية. وكانت هذه البيعة أوّل واقعة يشهدها معاذ -رضيَ الله عنه- بعد إسلامه. وقد كانت هذه البيعة بمثابة الباب الذي فتح للمسلمين تأسيس دولة للإسلام في المدينة بعد استقبال الأنصار للمهاجرين فيها.
وبايع معاذ -رضيَ الله عنه- رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- علي حمايته. والوقوف في صفّه. والمسالمة معه. وكان له من العمر آنذاك ثمانية عشر عاماً.
وبعد الهجرة آخي رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- بينه وبين عبد الله بن مسعود -رضيَ الله عنهما-. وأرسله رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- إلي اليمن قاضيّاً ومعلّماً يقضي بين النّاس ويعلّمهم شرائع الإسلام ويجمع الصدقات.
اتّخذ معاذ بن جبل -رضيَ الله عنه- الدّعوة إلي الإسلام في المدينة المنورة علي عاتقه. وكان معه صديقه معاذ بن عمرو -رضيَ الله عنه-. وكان النّاس قد اعتادوا في المدينة أن يتّخذ كلّ منهم صنماً خاصّاً له في بيته غير تلك الأصنام التي تكون لعامّة القوم. وتعاهد معاذ بن جبل وصديقه عمرو -رضيَ الله عنهما- علي أن يجعلا صنم عمرو بن الجموح سخرية. فيذهبا إليه ليلاً ويضعانه في المكان الذي يضع فيه النّاس القمامة والفضلات. فحلّ الصّباح ولم يجد عمرو الصنم في مكانه» بل في القمامة. فغضب وقال: ويلكم من عدا عن آلهتنا الليلة؟ ثمّ يأخذه ويطهّره ويعيده إلي مكانه.. وفي مرّة علّق عمرو بن الجموح علي صنمه سيفه. وقال له: "إنّي والله لا أعلم من يصنع بك ما تري. فإن كان بك خير فامتنع. فهذا السيف معك". فلما جاء اللّيل أقبلوا إليه فأخذوا السّيف وعلّقوا به جيفة كلب. ثمّ رموه في البئر. فأصبح عمرو يبحث عنه حتي وجده بالبئر مربوطاً بالكلب. فجاءه من أسلم من القوم وتحدّثوا معه. فأسلم وحُسن إسلامه. وقام معاذ بن جبل برفقة ثعلبة بن عنمة وعبد الله بن أنيس -رضيَ الله عنهم- بتكسير أصنام بني سلمة وتحطيمها أيضاً.
اترك تعليق