يسعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إلي إنقاذ إرثه ومنصبه. واسترضاء الداخل الإسرائيلي. الذي يحمله مسئولية الفشل في مواجهة عملية "طوفان الأقصي" المباغتة. التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة. في السابع من أكتوبر الجاري.
وفي أعقاب "طوفان الأقصي". علت الأصوات داخل دولة الاحتلال. التي تحمل نتنياهو المسئولية الكاملة عما حدث. ورغم أن الإخفاق استخباراتي وعسكري. لكن كثيرين يرون أن هذا لا يعفي نتنياهو من مسؤوليته الشاملة عن الأزمة. كونه المقرر الأعلي في شؤون خارجية وأمن إسرائيل.
وأظهر استطلاع حديث للرأي. أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية. أن 80% من الجمهور الإسرائيلي. وهي أغلبية ساحقة. تعتقد أن علي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. تحمل مسئولية الأحداث عقب عملية "طوفان الأقصي". وذلك مقابل 8% يعتقدون أنه لا يتحمل المسئولية. و12% لا يعرفون.
ووفق الاستطلاع. فإنه لو جرت انتخابات اليوم سيحصل "المعسكر الوطني" بزعامة بيني غانتس. علي 40 مقعدا. بينما "ليكود" بزعامة نتنياهو علي 18 مقعداً فقط.
وتعتقد أغلبية كبيرة من الجمهور الإسرائيلي "80%" أن علي نتنياهو أن يتحمل مسئولية ما حدث في مستوطنات "غلاف غزة".
ويعتقد 48% بأن جانتس أكثر ملاءمة لمنصب رئيس الوزراء مقابل 28% لـ نتنياهو.
وكان استطلاع سابق للرأي. أجراه البروفيسور الإسرائيلي كميل فوكس. أظهر أن نحو 92% من الإسرائيليين قلقون للغاية. بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصي". وأنّ 84% من الإسرائيليين يحمّلون حكومة نتنياهو مسئولية الفشل.
وأشار إلي أنّ 79% من ناخبي أحزاب الائتلاف في الانتخابات الأخيرة يرون في الحدث "طوفان الأقصي" فشلاً لقيادة "إسرائيل". وأن 67% من الإسرائيليين. بما في ذلك 56% من ناخبي أحزاب الائتلاف. يرون أن "تخلف 2023" هو أكبر من "تخلف حرب يوم الغفران" عام 1973.
كما بين الاستطلاع أنّ نسبة 56% من المستطلعين تعتقد أنّ نتنياهو يجب أن يستقيل من منصبه بعد انتهاء القتال.
وكانت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية. قد ذكرت. مؤخرا. أن رئيس الوزراء وبعد فوزه في الانتخابات الأخيرة تبني سياسة "يمين 100 في المئة". وهو ما قاد إلي تفجر الأوضاع ومنح الفرصة لفصائل المقاومة. لتنفيذ هجومها المباغت.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو المتهم بثلاث قضايا فساد. لا يمكنه الاهتمام بشئون الدولة. لأن المصالح القومية ستسخر. بطبيعة الحال. لإنقاذه من الإدانة والسجن.
وقبل عملية "طوفان الأقصي". كان الشارع الإسرائيلي غاضبا بالفعل بسبب قانون التعديلات القضائية المثير للجدل. الذي يحد من صلاحيات المحكمة العليا في إسقاط قرارات الحكومة وتعييناتها علي أساس أنها لا تلبي معايير المعقولية. وقد أدي ذلك إلي حالة استقطاب شديدة ما تسبب في واحدة من أخطر الأزمات المحلية في تاريخ البلاد.
وتعمقت الأزمة بعد أن تعهد الآلاف من جنود الاحتياط. من ضمنهم طيارون في سلاح الجو - المهم جداً لقدرات إسرائيل الهجومية والدفاعية - بعدم التطوع في الخدمة العسكرية. ما أثار المخاوف من التأثير المحتمل علي استعدادات إسرائيل العسكرية.
ومؤخرا. نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية. مقالا لشلومو بن عامي. وهو سياسي ومؤرخ إسرائيلي ووزير الأمن الداخلي السابق في حكومة إيهود باراك. قال فيه أنه "باستبعاد أي حل سياسي في فلسطين والتأكيد علي أن للشعب اليهودي الحق الحصري في كامل أرض إسرائيل. فإن حكومة نتنياهو المتعصبة جعلت سفك الدماء نتيجة حتمية".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في مقابلة مع القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني. مؤخرا. إن "طوفان الأقصي" كانت نتيجة لغطرسة الحكومة الحالية. وأضاف أن "رئيس الوزراء في نهاية المطاف مسئول عن أي شيء يحدث وأي شيء لا يحدث. وهو مسؤول علي وجه الخصوص لأنه ضم إلي حكومته شركاء شوفينيين متعصبين وحشيين. وجعلهم مسئولين عن الأمن الوطني".
وزير الدفاع الليكودي السابق موشيه يعلون كتب في منشور علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. أن نتنياهو يجب أن يدفع ثمن فشله وطالبه بالاستقالة.
لكن هناك من يري أن نتنياهو سيظل في منصبه لبعض الوقت. علي الأقل إلي الانتهاء من الحرب التي أعلنتها إسرائيل علي قطاع غزة.
ومع ذلك. فإن الرحيل هو المصير المحتوم لنتنياهو. في ظل مسئوليته عن الفشل في التصدي لطوفان الأقصي. ورفضه لدعوات وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وحشد قوات الاحتلال لاجتياح القطاع بريا. رغم التحذيرات من التداعيات الكارثية المحتملة للغزو البري.
وارتفعت حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة المحاصر. منذ السابع من أكتوبرالجاري. إلي 4127 شهيدا. من بينهم 1661 طفلا. وإصابة 13162 شخصا آخرين. حسب المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
ويري محللون. مثل الكاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" ويليام أيه لاستون. أن "طوفان الأقصي" تمثل بداية النهاية بالنسبة لبنيامين نتنياهو.
ويبدو أنه بغض النظر عن الطريقة التي سينهي بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأزمة الحالية. فإنه مما لا شك فيه أن تأثيرها علي مستقبله السياسي لن يكون جيدا.
فقد نسبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلي أميت سيجال. المعلق السياسي الإسرائيلي الذي وصفته بأنه أحد الصحفيين المقربين من نتنياهو. قوله إن رئيس الوزراء "لا يمكنه -نتينياهو- الفرار من إخفاقه الممنهج. لا أعرف التوقيت بالضبط. ولكن سيكون من الصعب عليه للغاية الاستمرار في الحياة السياسية".
بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي. القصف الوحشي لقطاع غزة المحاصر. لليوم الرابع عشر علي التوالي. كشف مسؤولوه. عن استعدادهم للشروع في هجوم بري علي القطاع. ويقولون إنه سيكون أكثر شمولاً وقوة بكثير من أي صراع سابق مع فصائل المقاومة. وفق تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وحسب الصحيفة. يصر مسئولو الاحتلال علي أنه ليس لديهم خيار سوي شن هجوم واسع النطاق. ويقولون إنه علي مدار الأعوام الستة عشر الماضية. خاضت إسرائيل ثلاثة صراعات كبيرة مع الفصائل في قطاع غزة. لكنهم قالوا إن تلك الحملات كانت تهدف إلي إبقاء المقاومة. تحت السيطرة بدلًا من تدميرها.
ونقلت الصحيفة عن مسئول أمني إسرائيلي كبير: "كانت الاستراتيجية تتمثل في وجود فجوة أطول في كل مرة بين الصراعات المختلفة. لكنها فشلت ولا يمكن أن يحدث ذلك بعد الآن".
وأضاف: "يتعين علينا أن ندخل غزة. علينا أن نزيل حماس من الجذور. ليس فقط عسكريا. ولكن أيضا اقتصاديًا. هذه هي الفكرة الآن ونحن نستعد لذلك".
وتابع: "لن تكون الحملة قصيرة كما نرغب كإسرائيليين. لكنها ستكون طويلة. وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت".
واستدعت إسرائيل 360 ألف جندي احتياطي. وحشدت جيشا ضخما حول الشريط الساحلي الضيق لغزة. بينما عززت الدفاعات علي الحدود الشمالية ضد احتمال وقوع هجوم من حزب الله في لبنان.
وأمس الخميس. قال وزير الدفاع الإسرائيلي. يوآفجالانت. خلال تفقده للقوات المتمركزة بالقرب من غزة "أنتم الآن ترون غزة من بعيد. وقريبًا سترونها من الداخل".
وتشير تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي إلي أن الهجوم البري قد يكون وشيكًا. حسبما تشير وكالة "رويترز". وقال جالانت. أيضًا إن المعركة ستكون "طويلة وصعبة".
وبعد وقت قصير من تصريح جالانت. نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. مقطع فيديو يظهر فيه مع القوات بالقرب من الحدود ويعدها بالنصر.
ومع دخول القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة المحاصر. يومه الرابع عشر. تستمر حصيلة الضحايا بالارتفاع. إذ قالت وزارة الصحة الفلسطينية. أمس الخميس. إن ما لا يقل عن 3785 فلسطينيًا استشهدوا. وأصيب 12 ألفًا في غزة بالضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر.
ويبدو أن هناك توافقًا بين مسؤولي الاحتلال والإدارة الأمريكية علي اجتياح قطاع غزة بريًا. لكن الاختلاف علي موعد التنفيذ.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل". أمس. نقلاً عن مصادر إن إسرائيل حصلت علي دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن لمواصلة المرحلة الثانية من التوغل البري في غزة. مبينة أن بايدن قال خلال لقائه نتنياهو إنه يؤيد بشكل كامل خطط إسرائيل للدخول البري إلي القطاع لإسقاط فصائل المقاومة.
لكن تفيد تقارير بأن واشنطن تريد تأجيل أي عملية برية ضد القطاع حتي يمكن القيام بالمزيد لتأمين الرهائن الأمريكيين الذين تحتجزهم فصائل المقاومة الفلسطينية. وذلك وفق ما ذكرت صحيفة" التليجراف" البريطانية.
واحتجزت فصائل المقاومة الفلسطينية. حوالي 200 رهينة. خلال عملية "طوفان الأقصي" التي نفذتها في مستوطنات غلاف قطاع غزة. في السابع من أكتوبر الجاري.
اترك تعليق