أكد أساتذة وخبراء الاقتصاد ان قرار البنك المركزي في مصر بوقف التعامل باستخدام بطاقات الائتمان في الخارج بالعملات الاجنبية واقتصاره علي الداخل بالعملة الوطنية له أهمية كبيرة من عدة جوانب حيث يساعد علي تحقيق التوازن في المعاملات المالية بين مصر والخارج، فعندما يتم استخدام بطاقات الائتمان في الخارج، يتم سحب الأموال من الحسابات في البنوك المصرية وتحويلها إلي الخارج، مما يؤدي إلي نقص في السيولة المحلية وقد يؤثر على قدرة البنك المركزي علي تلبية احتياجات الاقتصاد المحلي، والحفاظ علي الاحتياطيات الأجنبية.
كما يتم تقليل النقد الأجنبي الذي يتم سحبه من الاحتياطيات الأجنبية للبلاد. وهذا يساهم في الحفاظ علي مستوي الاحتياطيات ويعزز استقرار العملة المحلية، الحد من التجارة غير المشروعة: وهو أحد الإجراءات الرقابية التي تساهم في الحد من التجارة غير المشروعة وتهريب الأموال، حيث يقلل من إمكانية استخدام البطاقات في الخارج في أنشطة غير قانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يقول د.محمد حمدي عوض أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة أن قرار إيقاف استخدام بطاقات الخصم المباشر خارج مصر يعتبر من القرارات التي اضطر القطاع المصرفي اللجوء إليها للتغلب علي الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وخاصة فيما يتعلق بنقص العملة الصعبة، وسبب اتخاذ هذا القرار هو قيام عدد من حاملي بطاقات الخصم المباشر في إجراء عمليات شراء بكميات كبير للذهب والهواتف المحمولة وبعض السلع الاستهلاكية غير الضرورية. وهذا الأمر قد يوثر بشكل سلبي علي الاحتياطي الأجنبي لدي البنوك. ويقلل من قدرة الدولة علي توفير العملة الصعبة التي تستخدم في استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية.
أضاف أن هذا القرار يأتي في إطار محاولات الدولة المصرية للحد من سحب العملة الصعبة إلي خارج البلاد، ومنع المتاجرة بالدولار في السوق السوداء، والحفاظ علي مستوي الاحتياطيات النقدية الأجنبية، وعلي الرغم من ذلك إلا أن هذا القرار سيكون له بعض التداعيات السلبية علي العديد من الأفراد والأعمال مثل المسافرين لأغراض الدراسة والعلاج، وبعض الأعمال التي تعتمد علي بطاقات الخصم في تعاملاتها التجارية كما هو في قطاع التجارة الإلكترونية. ولذلك يجب استثناء هؤلاء الفئات من هذا القرار.
أوضح أنه يجب علي الدولة المصرية التحول من كونها دولة معتمدة علي الاستيراد إلي دولة منتجة ومصدرة للعديد من السلع الهامة، والاستفادة من الأسواق الجديدة التي فتحت أمامها بعد الانضمام إلي تجمع البريكس، وهذا الأمر سوف يمكنها من جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوفير العملة الصعبة، والتخفيف من الضغط علي الجنيه المصري.
ضبط السوق
تقول د.رشا النجار، أستاذة الاقتصاد والمحاسبة في جامعة المنصورة، إن قرار البنك المركزي بوقف صرف الدولارات من ماكينات الصرف في الخارج ووقف المعاملات الدولية علي بطاقات الائتمان والخصم هو جزء من تدابير لضبط سوق الصرف الأجنبي، والبنك الأهلي المصري قرر أيضًا وقف السحب بالدولار من بطاقات الائتمان والخصم مثل فيزا وماستركارد، وتحول استخدام هذه البطاقات إلي الجنيه المصري في مصر والخارج، البنك قرر استثناء احتياجات التعليم والعلاج من هذا القرار، هذه الخطوات تهدف إلي حماية استقرار الجنيه المصري والحفاظ علي الاحتياطي الأجنبي للبنوك، تأتي هذه الإجراءات بعدما تم سحب مبالغ كبيرة من بطاقات الخصم بالدولار، مما أثر سلبًا علي الاحتياطي الأجنبي ومن ثم فان تخفيض صافي الاحتياطي الاجنبي لدي مصر-التي يعد اقتصادها البالغ حجمه 450 مليار دولار محورا اقليميا حيويا لطرق الطاقة والتجارة- في العام الماضي الي ادني مستوي له منذ عام2017، قبل ان يستقر في الأشهر الأخيرة، فان المحافظة علي استقرار الجنيه تأتي بتكلفة، اذ أدي ذلك الي استنزاف النقد الاجنبي من الاقتصاد عبر سحب صافي الأصول الاجنبية للبنوك التجارية، والتي تقلصت في اغسطس بأكثر من 5% بقيمة 13.1 مليار دولار، وفق حسابات ادارة الابحاث في شركة "اتس سي" في القاهرة.
في السياق، بدأت البنوك العاملة في مصر ارسال رسائل نصية الي عملائها لابلاغاهم بقرار المركزي الجديد باقتصار استخدام بطاقات الخصم داخل مصر فقط. ومن تلك البنوك البنك التجاري الدولي مصر، البنك الاهلي المصري، بنك مصر، والبنك العربي، والبنك العربي الافريقي الدولي، وبنك التعمير والاسكان، ويتوقع ان تواصل باقي البنوك خلال اليوم والايام القليلة المقبلة، ابلاغ عملائها بالقرار.
أحكام السيطرة
قال د.عمرو يوسف مدرس الاقتصاد والمحاسبة بأكاديمية الإسكندرية للإدارة والمحاسبة وخبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية أن قرار البنك المركزي محاولة لإحكام السيطرة علي استنزاف الدولار بطرق بدت غير سوية فيما يتعلق بالبطاقات مسبقة الدفع وخاصة بعد ضبط العديد من الأشخاص بحوزتهم كميات من البطاقات أثناء مغادرتهم البلاد، حيث يقومون بعمل مشتريات علي الذهب والهواتف المحمولة وإعادة بيعها مره أخري والاستفادة من فروق الأسعار. مما أدي إلي تأكل الغطاء النقدي من العملة الصعبة في حين تعاني معظم البنوك المركزية من شح وندرة الدولار كمعله رسمية للتبادل التجاري والسلعي بين الدول مما قد يعرض الدولة في حالة الندرة التامة لخطورة بالغة بعدم القدرة على تلبية احتياجاتها الأساسية من الخارج.ويعد هذا التحرك ضمن العديد من تحركات المركزي السابقة لفرض سيطرته علي المؤسسات المصرفية والمعاملات المالية خاصة فيما يتعلق بالاحتياطي النقدي من الدولار وحسن إدارته لتلك الاحتياطات. خاصة بعد التقلبات التي تشهدها الساحة الاقتصادية العالمية والتغيير في أسعار الصرف والتي انهكت أدوات السياسات النقدية معها.
وسوف يؤدي هذا القرار إلي فرض السيطرة أكثر وملاحقة المتلاعبين بمقدرات الوطن واستقراره.. حيث ستقوض تلك الإجراءات تحركات هؤلاء وتضييق الأمر عليهم من ناحية، أما علي الوجه الأخر سوف تحقق استقرار نسبي في الغطاء الدولاري وإيقاف استنزافه والذي كان ملحوظا خل الفترة الماضية،الأمر الذي جعل مهمة المركزي جادة وحيوية في دقة المتابعة والتحرك بمرونة نحو سن الإجراءات والتدابير المختلفة لملاحقة المتلاعبين بهذه العملة الهامه، أما علي الوجه الأخر فلابد من وضع حدود استثنائية وبشروط خاصة للمستخدمين في إطار الاحتياجات الضرورية لهم.
وقف النزيف
قال د.ياسر حسين سالم مدرس الاقتصاد بالجامعات الخاصه والدولية والخبير الاقتصادي والمالي أن قرارات البنك المركزي بإيقاف المعاملات بالعملات الاجنبية عند استخدام بطاقات الخصم المباشر المصدره علي الحسابات بالبنوك بالجنيه المصري مع اقتصار استخدام بطاقه الخصم المباشر علي المعاملات بعملة الجنيه المصري داخل مصر فقط بعد إبلاغ العملاء من البنوك المصرية مع تحديد المبلغ المحول في العام كحد اقصي للفرد مائة ألف دولار أمريكي، وعملاء البنوك المخاطبين بذلك لم يكن لديهم تمهيد مسبق للقرار لترتيب أوضاعهم لاسيما من يقومون بالتعليم او العلاج او الاقامه بالخارج وقوبل القرار باستياء من عملاء البنوك ولكن هذا القرار إجراء جديد من البنك المركزي للبنوك لمحاولة وقف نزيف العمله الاجنبية.
اترك تعليق