من يتابع مهرجان نوادي المسرح، المقام حاليا في قصر ثقافة روض الفرج، لابد أن يشعر بالفرح لأكثر من سبب، أولا إقامة المهرجان في حد ذاتها شئ مفرح، واستهلال جيد لقيادات ثلاثة في هيئة قصور الثقافة، عمرو البسيوني رئيس الهيئة، وتامر عبدالمنعم رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، وسمر الوزير مدير عام إدارة المسرح، وحسنا مافعلته الأخيرة بتوجيهها الشكر لمهندس الديكور محمد جابر مدير الإدارة السابق، الذي أدي واجبه علي النحو الأكمل، هكذا يكون السلوك المحترم.
ثاني أسباب الفرح ما أعلنه البسيوني وعبدالمنعم عن زيادة ميزانية إنتاج عروض النوادي إلي خمسة آلاف جنيه، بعد أن كانت تتراوح مابين ألفي وثلاثة آلاف جنيه، وكذلك تأكيد تامر عبدالمنعم علي اهتمامه بالمسرح ودعمه له، واختيار عناصر متميزة من شباب النوادي لعمل عرض بميزانية إنتاج كبيرة، وتقديمه عبر إحدي المنصات المعروفة.
السبب الثالث هو تلك الطاقات الشبابية التي شاهدناها، وسنشاهدها عبر سبعة وعشرين عرضا مسرحيا ينتهي تقديمها يوم 14 الشهر الحالي، وتمثل أغلب أقاليم مصر، منهم من تميز وأثبت جدارة، ومنهم من لايزال يتحسس طريقه نحو التميز، لكن الأمر برمته يستحق الفرح.
هناك سبب رابع يستحق الفرح وهو تلك الجدية التي تتعامل بها إدارة المسرح مع المهرجان..حيث جاء تنظيمه منضبطا وبدون أي مشاكل معتادة، وهو أمر جيد ويمثل بداية مبشرة لهذه الإدارة.
الحضور الجماهيري الجيد سبب خامس، وقد أحسنت الإدارة باختيارها قصر ثقافة روض الفرج لتقام عليه الفعاليات وسط هذا الحي العريق، الذي كان ذات يوم حيا للفن المسرحي، ومنافسا قويا لعماد الدين.
السبب السادس يتعلق بالجدية أيضا، ويتمثل في عقد ندوات يومية لمناقشة العروض، وهو تقليد مهم وجيد، وياليتهم يطبقونه مع عروض الشرائح، بحيث لاتكتفي لجنة التحكيم بمنح العرض درجات بعينها، بل علي كل لجنة مناقشة صناع العروض وإبداء ملاحظاتهم النقدية لتطوير العروض.
سبب سابع وأخير يتعلق بحسن اختيار لجنة تحكيم من العناصر المشهود لها بالكفاءة والنزاهة: د. أحمد مجاهد، المخرج ناصر عبدالمنعم. مهندس الديكور د. صبحي السيد، الموسيقار د. طارق مهران. المخرج عادل حسان، ومقرر اللجنة المخرج محمد طايع.
الأمر الجدير بالمناقشة يتعلق بمستوي النوادي الآن، وإذا كنا سعداء بعقد المهرجان والأخبار الجيدة التي صاحبته، فلابد أن نتوقف طويلا أمام تجربة النوادي ونسعي إلي تطويرها وتعديل مسارها، فالمتابع للتجربة من المؤكد أنه يرصد بعض ظواهرها السلبية، والتي يتركز أغلبها في غياب التدريب والتثقيف، نوادي المسرح لم تعد بالقوة التي كانت عليها من قبل، وذلك لأن أغلبها لاهدف له سوي إنتاج العروض والوصول بها إلي المهرجان الختامي، هو طموح مشروع بالطبع، ولكن لابد أن يستلح أصحابه بالأدوات اللازمة حتي يكونوا جديرين بالمنافسة.
سبق وأن ذكرنا، وذكر غيرنا، ضرورة أن تتحول نوادي المسرح إلي نواد بكل ماتعنيه الكلمة من معني، بحيث يكون عمل النادي مستمرا طوال العام، ويعقد اجتماعا اسبوعيا للمناقشة والبحث والمشاهدة، ويستضيف نقادا ومدربين بشكل دوري، ويكون العرض الذي يقدمه نتاجا لكل ذلك، فالحاصل أنه لاتوجد نواد للمسرح تفعل ذلك، المهم كله يتركز في انتاج العرض، ماذا قرأ الشباب، ماذا شاهدوا، متي تدربوا، من زارهم من النقاد أو المخرجين أو الكتاب ونقل إليهم خبراته؟ كل هذه الأنشطة غائبة عن نوادي المسرح، ولذلك تراجع مستواها.
نوادي المسرح واحدة من أهم التجارب في المسرح المصري، وحتي تستعيد قوتها لابد من زيادة الاهتمام بعنصري التدريب والتثقيف، بدونهما لن تتطور التجربة.
اترك تعليق