صفية بنت حيي بن الأخطب -رضي الله عنها- أسلمت في فتح خيبر.. فقد ذكر ابن هشام في كتابه أنَّ النبي -صلي الله عليه وسلم- حينما فتح خيبر سبا الذراري وكانت واحدة من السبي: صفية بنت حيي بن الأخطب "زعيم يهود بني قريظة" وهي ابنة ملك وزوجة ملك.
يرجع نسبها إلي نبي الله هارون -عليه السلام. قال ابن القيم: أنَّها كانت من أجمل نساء العالمين.
قبل إسلامها كانت أم المؤمنين صفية متزوجة من رجل يهودي يُقالُ له سلام بن مشكم. ثم تزوجت من بعد أن فارقها سلام بن مشكم بكنانة بن أبي الحقيق. ثم رأت في منامها أنَّ القمر سقط من السماء وسقط في حجرها..
وحدَّثت زوجها بذلك فغضب غضباً شديداً فلطمها علي وجهها وقال: أتتمنّين ملك يثرب أن يصير بعلك؟ يقصد بذلك رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- وذلك ما كان فعلًا. فقد قُتل كنانة بن الحقيق في غزوة خيبر وذلك في السنة السابعة من الهجرة في شهر محرم.
فُتح حصنُ بني الحقيق وكانت صفية بنت حيي في جملة من سبايا المعركة. ولمَّا وزِّعت الغنائم علي المسلمين كانت صفية مغنمًا للصحابي الجليل دحيَة الكلبي -رضي الله عنه-. فجاء أحد الصحابة وقال يا رسول الله إنَّ صفية سيدة من سيدات قومها ولا تصحُّ إلا أن تكون لك. فأخذها النبي -صلي الله عليه وسلم- من دحيَة الكلبي -رضي الله عنه- وأعطاه مكانها تسع أنفس.. وخيرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بين أن تبقي علي دين قومها وبين الإسلام. فشرح الله صدرها للإسلام. فجهزتها أُم سليم وهيأتها للنبي -عليه الصلاة والسلام-. فأولم النبي -عليه الصلاة والسلام- بتمر وسمن وأقط وهو الجميد وجعل عِتقُها صَدَاقها.
اتصفت أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب -رضي الله عنها- برجاحة العقل والحلم والعلم. ومن المواقف الدالة علي ذلك قصة الجارية حيث ذُكر أنَّ جارية ذهبت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تشتكيها فقالت: إنَّ صفية تحب السبت وتصل اليهود. فبعث عمر -رضي الله عنه- يسألها. فقالت أم المؤمنين: أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة وأما اليهود فإنَّ لي فيهم رحماً فأنا أصلها. فسألت صفية -رضي الله عنها- الجارية عن سبب قيامها بذلك! فقالت الجارية: الشيطان. فحررتها أم المؤمنين.
كانت -رضي الله عنها- حريصة كل الحرص علي إرشاد الناس وهدايتهم للصواب وتذكيرهم بالله -تعالي-. نُقل أنّ مجموعة من الناس كانوا عند حجرتها في المسجد يتلون كتاب الله -تعالي-. إلي أن وصلوا لآية كريمة فيها موضع سجدة فسجدوا. فنادتهم من وراء حجاب قائلة: ¢هذا السجود وتلاوة القرآن. فأين البكاء؟.
عاشت -رضي الله عنها- حتي عهد الخلفاء الراشدين وقد أدركت زمن معاوية -رضي الله عنه-. وقد توفيت سنة خمسين للهجرة. وكانت قد أوصت أن تُعطي رفيقتها أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ألف دينار. وقد دفنت بالبقيع في المدينة المنورة.
اترك تعليق