\"فنون تشكيلية ومكياج سينمائي\" لتنمية شخصية الطفل بملتقى الدوير

"فنون تشكيلية ومكياج سينمائي" لتنمية شخصية الطفل بملتقى الدوير

أقيمت ضمن فعاليات ملتقى الدوير لفنون وإبداعات الطفل بقرية الدوير بأسيوط 3 معارض متخصصة في صور بالألوان والخزف والفن العالمي بعيون محلية بجانب ورشة للمكياج السينمائي بهدف تنمية شخصية الطفل وقدراته الإبداعية صرح بذلك مصطفى حسين مدير الأنشطة بمركز أحمد بهاء الدين التابع لجمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين التي تنظم الملتقى بشراكة مع مؤسسة ستار كير لتنمية الطفولة، وقال إن الورش يقوم على تنفيذها الفنان شريف القزاز استشاري العلاج بالفن ومخرج مسرح تفاعلي.

يقول الفنان شريف القزاز إن المعارض هي نتاج ورش استمرت لأقل من شهر ونصف وركزت على الجوانب التربوية والتنموية والإبداعية، بهدف استكشاف المواهب وإطلاق قدراتها الذاتية والشخصية، فأما معرض صور بالألوان فهو خلاصة ورش "صور ولون" وتعد تعبيرا عن فن إطلاق قدرات الأطفال تجاه إعادة بناء الواقع وفق أحلامهم، بحيث يقوم الطفل باختيار مكان واقعي في بيئته وتصويره ثم يدخل عليها التغييرات التي يريدها لتعبر عن وجهة نظره وأحلامه وإدراكه لما يحتاجه، ووجدنا في ذلك طفل يصور موقعا ويجعله أشبه بالاسكندرية الجميلة التي تبعد عنها القرية بأكثر من 700 كيلومتر، أو يصنع حلمه في مهنة الصيدلة او المحاسبة او تعيد تواجد أحد أقاربها الذين يبعدون عنها في المسافة او الزمن وتجعلهم بواقعهم معها وتعيد تصوير واقع المكان بوجودهم، و أطفال اخرين يضعون بصمات تشكيلية وبصرية جميلة لموقع آخر صلب وجامد كمكان مخلفات وقمامة مهمل بالقرية، وطفلة أخرى صورت نفسها فوق سطح المركز الثقافي وجعلت لنفسها أجنحة طائر يمكنها أن تتحرك وترى الدنيا بلا حدود، وجميعها أعمال لها تأثيرها النفسي على شخصياتهم.

مضيفًا أن معرض فنانين عالميين بعيون محلية فهو نتاج لورش فنية تستهدف محاكاة الفنانين العالميين واستكشاف جوانب العبقرية لديهم بجانب منح الطفل حريته الفنية لإدخال البصمة المحلية على اللوحات العالمية، وقد اخترنا 4 فنانين عالميين وهم ليوناردو دافنشي وسلفادور دالي وبيكاسو وفان جوخ، واخترنا لكل فنان 4 لوحات ومن خلالها تعرف أطفال القرى على أسرار العبقرية الفنية والاختلافات بين المدارس الفنية التي أنتجها كل منهم، ثم منحنا لكل طفل حرية اختيار اللوحة التي يحبها ليعيد محاكاتها بعد إدخال بصمته المحلية والتغييرات التي يراها تعبر عن ذاته وهمومه وواقعه وأفكاره، وهذا استلزم تدريب الأطفال بجانب تطوير معارفهم الفنية، وفي ذلك طلبنا من كل واحد منهم تنفيذ بحث ودراسة عن الفنان الذي اختاره وأهم لوحاته ومعلومات حول اتجاهه الفني، وبهذا صار لنا مجموعة من المواهب الفنية الجميلة بالقرى.

وأشار الفنان شريف القزاز إلى معرض الخزف وهو نتاج ورشة تم خلالها تدريب الأطفال على كيفية استغلال خامات الطين الأسواني، وتعريفهم بكيفية تشكيل الطين الأسواني، والتفرقة بين النحت التشكيلي وصناعة الخزف، وكيفية التلاقي بينهما، وتضمن ذلك جوانب تربوية لأن يختار الطفل قيمة هو يراها الأهم ويسعى لنحتها، لكن بعد إجراء حوار ونقاش جماعي وتفاعلي حول تلك القيمة، وفي ذلك انحاز الأطفال إلى قيم السلام والحرية والتفاؤل والخير والأم والمودة وغيرها من القيم الجمالية والتنموية.

وأوضح الفنان شريف القزاز أن التخوف والتحدي الأكبر لديه كان في تنفيذ ورشة المكياج السينمائي نظرا لطبيعة الأطفال النفسية بينما الورشة تستهدف توضيح كيفية صناعة أشكال الرعب عبر المشاهد السينمائية، وبالتالي كسر الحواجز النفسية التي قد تحدث أثناء مشاهدة الطفل لأفلام العنف والرعب، لكن المفاجأة أن أطفال القرى كانت لديهم شجاعة وشغف واهتمام كبير بذلك، وخلالها تم تدريب الأطفال على كيفية صناعة جرح وهمي أو حرق بالوجه غير حقيقي، وهو أمر لاقى إقبالا من الأطفال وأيضا لاحظنا أن الزائرين لم يدركوا أن الأطفال هم أصحاء وأسوياء تماما وأن ما تم كان بمثابة نتاج تدريبات على الخدع السينمائية.

منوهًا أن جميع الفنون بشكل عام لها تأثير نفسي كبير على ممارسيها، وهو مجال شغفي الدراسي، ومثال لذلك تأثير البيئة الجمالية والموسيقى والفنون على الشخصية في مقابل البيئة التي تفتقد ذلك، ومن هنا بدأ ينتشر مجال السيكودراما ومعناها المزج بين الدراما والمسرح أو الثيريبي عبر الفنون التشكيلية التي تستخدم للعلاج النفسي وتنمية القدرة الذاتية، وهو أمر يتم في كل الفنون بطرق غير مباشرة، وبشكل يراعي اختلاف التكنيك لملاءمة الفئات العمرية سواء كبار أو أطفال، علمًا بأننا قمنا بالعمل خلال ورش الملتقى مع الفئات العمرية من (7-18) سنة.

يذكر أن الفنان شريف القزاز، خريج كلية التربية الفنية جامعة حلوان، وحاصل على دراسات عليا في العلاج بالفن، وهو مدرب له خبرة تتجاوز الـ 15 عاما في مجالات العلاج بالفن والمسرح التفاعلي والفنون التشكيلية والدراما المسرحية، وشارك في مهرجانات متعددة في مصر وإيطاليا وبغداد والمغرب وأوكرانيا والشارقة وتونس، ونفذ عدد من المشاريع الفنية مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني، كما قام بإخراج عدد من المسرحيات المجتمعية مثل "ضوء أخضر" عن الأطفال بلا ماوي، و"نحن هنا" عن اللاجئين السوريين، و"جوه البرواز" عن السجينات الغاريمات، و"فستان أحمر" لمناهضة قضايا التحرش والختان والزواج المبكر والعنف الأسري، وأيضًا هو مؤسس مبادرة بصمة للفنون والتنمية والدعم النفسي.