هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الضغوط النفسية .. تهدد الحياة الزوجية

الخبراء: انتقوا التوقيت المناسب والعبارات الملائمة للحوار .. واحذروا "الطلاق النفسي"

د. جمال فرويز: خففوا عن بعض "علشان المركب تمشي"

د.ريمون ميشيل ثابت: تفادوا ما يثير الأعصاب وابعدوا عن مناقشات الغم

د.شيماء عراقي: تنازل الطرفين يحل كثيراً من الأزمة

الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تتحول بسرعة إلي ضغوط نفسية تهدد الحياة الزوجية . خاصة اذا لم يراع كل طرف من الزوجين نفسية الطرف الاخر ويقدر الاعباء الواقعة عليه. فالزوج يتعرض لضغوط اقتصادية بسبب الاحتياجات الاسرية والزوجة تكبل باعباء منزلية وتتحمل ضغوطاً كبيرة خاصة إذا كانت امرأة عاملة وتجلس للمذاكرة مع ابنائها وتلبية احتياجاتهم والقيام بالاعباء المنزلية فلا تجد وقتا للراحة فتزداد الضغوط عليها إذا لم يقدر زوجها ما تقوم به من أعباء.


الخبراء أكدوا أن مراعاة كل طرف للآخرهي أولي خطوات تجاوز الازمات النفسية . كما أن الثقة في أن الله سيساعدهم في تجاوز الازمات ويقف بجوارهم عامل مهم جدا في الراحة النفسية . وإذا اضفنا ضرورة وجود الود والرحمة والسكن بينهما ستخف الضغوط النفسية بشكل كبير. ولا تترك أثراً يهدد حياتهما الزوجية.

يقول د.جمال فرويز "استشاري الصحة النفسية" : قال الله تعالي "لقد خلقنا الانسان في كبد" . فالحياة الزوجية لابد أن تكون بها مشكلات وصعوبات ومن الخطأ أن الزوجين قبل الزواج يفهمان الزواج خطأ بأنه مجرد علاقة بين رجل وامرأة وهذا غير صحيح. فهناك ضغوطات اقتصادية واجتماعية ومشكلات واختلافات في الاراء بين الطرفين . فيجب ان نتفق قبل الزواج باننا مقبلون علي معترك اجتماعي يتغير كل يوم ولكن كلما كان الحب موجودا بين الطرفين يكون التخفيف حاضرا.

أضاف: لا يعقل أن يكون أحد الزوجين مخنوقا ويأتي الطرف الآخر ويزيد من هذه الخنقة بتصرفات أو تعليقات أو حتي كلمة قد تزيد الأزمة بينهما. فاذا كان الزوج يعاني مشكلات اقتصادية فيجب علي الزوجة أن تراعي ذلك ولا تزيد طلباتها منه وتقول"ماليش دعوة يتصرف" . واذا رآها الزوج مجهدة فلا يضغط عليها بطلباته . وفي المجمل يجب أن نحاول مراعاة بعضنا البعض ولا نزيد الضغوط النفسية علي بعضنا ونخفف من ضغوط الحياة علي بعضنا. فالزواج مودة ورحمة وسكن.

قال: لسنا ملائكة ولكن ايضاً لسنا شياطين . ويجب ان يراعي كل طرف وجهة النظر المختلفة من الطرف الآخر دون التعرض للطرف الاخر بالعبارات الخادشة او ما يؤذيه نفسيا او حتي الرمق وهو مانسميه الضغوط السلبية. ونحاول التخفيف عن بعضنا البعض "عشان المركب تمشي".

أسباب داخلية وخارجية

"دكتور ريمون ميشيل ثابت استشاري الصحة النفسية والإرشاد الزواجي والأسري يقول: الضغط النفسي لا يعتبر تشخيصًا طبيًا في حد ذاته. ولكنه مجموعة من الأمور والعوامل المتراكمة التي تؤثر علي آداء الفرد وانتاجيته في الحياة. فيتسبب ذلك في عدة أضرار منها ما هو نفسي ومنها ما هو صحي وجسدي وعقلي واجتماعي. ولكي يسيطر الإنسان علي الضغط النفسي ويستطيع التحكم به عليه أولا معرفة العوامل المسببة لوجوده. فعادة ما يتم تقسيم مسببات الضغوط النفسية إلي نوعين الأول أسباب داخلية خاصة بالإنسان والآخر أسباب خارجية خاصة بالمجتمع المحيط به.

أضاف: تخبرنا العديد من الإحصاءات والدراسات النفسية بأن معظم الخلافات الشديدة الواقعة بين الأزواج والتي قد تصل إلي الانفصال والطلاق هي خلافات بسيطة متراكمة وغير محلولة. تمامًا كقطرات الماء التي تنحت الصخر رغم صلابته ليست لقوتها ولكن لاستمرارها. لذا وجب علينا إدراك خطورة تراكم الضغوط الصغيرة وعدم الاستهانة بها. والضغوط النفسية الداخلية أو ذات المنشأ الداخلي هي التي ترتبط بشخصية الزوج أو الزوجة أو من داخل عش الزوجية. كأن يكون أحد الزوجين قد نشأ في بيئة منغلقة ولم يتعلم كيفية مواجهة الحياة وتحدياتها. أو كأن يكون قد تربي الشخص علي القسوة والشدة. فنتج عن ذلك ضعف في الثقة وعدم القدرة علي التعامل مع شريكه بلطف ولين. فمن هنا نشأ الضغط النفسي الداخلي بسبب الكبت الداخلي وظروف التنشئة غير السليمة. وهذا علي سبيل المثال لا الحصر فالأمثلة كثيرة ولكن النتيجة واحدة. وهي نفسية ضعيفة معرضة للهزيمة بسهولة.

أخلاق النبلاء

قال: ومن رحمة الإنسان علي أخيه والشريك علي شريكه احتمال ذلك وعدم استخدام الأمر كوسيلة ضغط أو لوم علي الطرف الآخر فيما لا ذنب له فيه. فأساس الزواج الناجح هو المودة والرحمة. وهذه تسمي أخلاق الكرماء والنبلاء. فاحتملوا ضعفات بعضكم في المحبة وحاولوا ألا تجعلوا ضغوط الحياة تأتي من الداخل. وتفادوا ما يثير الأعصاب من أحاديث ومواقف. فالله سبحانه وتعالي قد خلق للإنسان مشاعر. وتأتي الكلمة من لفظ شعور ويشعر. وهو خلق عظيم بداخلنا جميعًا . تجنبوا تكرار نفس الخطأ في إثارة المناقشات والموضوعات التي تجلب الغم والهم والغضب. ومثال علي ذلك أن هنالك العديد من الأمور في حياتنا لا يمكن تغييرها أبدًا. هنا نستخدم تقنية نفسية تسمي "التأقلم والتكيف مع الحياة دون التأثر بمصاعبها". وأحيانًا يتحدث أحد الشريكين ويثير موضوعات يعرف أنها بلا جدوي ولن يغير الحديث ما وقع. فلن نجني سوي المزيد من الضغوط النفسية الصغيرة التي تعمل كالسوس الصغير الذي ينخر ويفسد العلاقة ونحن غافلون لا نعلم ما يجري.

انتقاء الكلمات

أشار إلي أن هناك قاعدة ثنائية نستخدمها عند العتاب. ولاحظ الفرق بين "العتاب" للإصلاح و"اللوم" للتأنيب وجرح المشاعر فقط. أما القاعدة فهي انتقاء التوقيت المناسب للحديث وانتقاء العبارت الملائمة. فحسن انتقاء الكلمات من الأمور المهمة في التواصل الفعال.

فليس كل ما يدرك يقال. فعدم انتقاء العبارات المناسبة هذا من صفات الجاهل والضعيف الذي لا يستطيع التحكم في مشاعره وعواطفه فيتركها بلا ضابط أو رابط يقول ما يحلو له دون النظر لوقع ذلك علي الشريك.

قال: لاحظ نفسك وتصرفاتك لتجني ثمارًا طيبة في زواجك بعد اتباع تلك القاعدة.. اجعل من منزلك أيضًا مكاناً هادئاً ومناسباً للاسترخاء. فقد اتضح أن للاسترخاء اليومي فوائد عظيمة جمة للتحكم في الضغط النفسي وحماية النفس ووقاية الجسد من أثر الإجهاد. ومن أمثلة ذلك التدريب علي التنفس البطني العميق واسترخاء العضلات المتدرج. أو التأمل في شيء لمدة خمس عشرة دقيقة بعيدًا عن المشتتات. مع ضرورة ممارسة رياضة المشي لتخفيف الضغط النفسي لما لها من دور مهم في تحسين المزاج والبعد عن الفكر السلبي الذي يغذي الضغوط النفسية ويجعلها تنمو أكثر.

مسببات خارجية

أضاف: قد يكون للضغوط النفسية داخل الأسرة مسببات خارجية. كزيادة العبء الواقع علي كاهل الزوجين لتلبية متطلبات العيش. فنجد بعض الأزواج يلتحق بأكثر من وظيفة في آن واحد لتلبية احتياجات منزله. مما يعرضه في كثير من الأحيان لزيادة الضغط النفسي وقد ينسي الاهتمام بمشاعر زوجته أو الاهتمام بأولاده باعتبار أن للعمل الأولوية الأكبر من يومه. مما يترتب عليه زيادة العبء النفسي علي الزوجة وتراكم المشكلات غير المحلولة والتي قد تخلفها ما يعرف باسم "الطلاق النفسي" وهو حالة من الانفصال العاطفي الوجداني مع أثر الخشية من وقوع طلاق فعلي بسبب نظرة المجتمع.

دعا إلي التوازن في كل شيء. الإنسان خلق لكي يعمل ويجتهد. ولكن هناك جوانب أخري ضرورية للحياة. كالعبادات وصلة الأرحام بتخصيص وقت للزوجة والأبناء والعائلة. بحيث لا يكون الشخص منهكًا في العمل الزائد وغير قادر علي موازنة متطلبات الحياة. فتقل انتاجيته ويزيد الضغط النفسي الواقع عليه. وعلي الزوجة أيضًا مراعاة ظروف الزوج حتي لا تحدث ثقلاً عليه بطلبات زائدة غير ضرورية يمكن الاستغناء عنها. فيكفي العيش بحد الكفاف لراحة وسلامة الشريكين والمحافظة علي وتد الزواج القائم علي المودة والرحمة.

الوقاية خير من العلاج

أوضح أن هناك بعض الحالات تستدعي مراجعة الطبيب نذكر منها ظهور أعراض الميل إلي العزلة مع تأثر الشهية وعدم القابلية لتناول الطعام سواء بالنقصان أو عن طريق الأكل بشراهة. ويحدث ذلك التأثر أيضًا في الصحة النومية. فهناك أيضًا أعراض الهلع والتي قد تظهر بسبب التعرض للضغط النفسي الشديد وتتمثل في الشعور بالدوخة وضيق التنفس والتعرق. مع تسارع وزيادة في معدل ضربات القلب وعدم القدرة علي التحكم في الخوف أو السيطرة عليه. وتظهر علامات أخري كعدم القدرة علي مواصلة الأعمال الطبيعية والبسيطة بعد التعرض لضغط نفسي شديد أو صدمة عاطفية. هذا يستوجب زيارة الطبيب للتشخيص ووصف العلاج الدوائي اللازم. ولكن تذكروا باستمرار أن الوقاية خير من العلاج.

التحلي بالصبر

تقول د.شيماء عراقي "استشاري إرشاد أسري وتعديل سلوك" : الضغوط النفسية بكل تأكيد تهدد الحياة الزوجية مع زيادة وتيرة الاعباء اليومية وخاصة الاقتصادية مؤخرا التي تشكل ضغطا علي الزوج والزوجة وارتفاع تكاليف المعيشة التي يكون معها الزوج تحت ضغط نفسي كبير وينتج عنه مشاكل كبيرة بين الزوجين. وتبدأ الاعباء الزوجية مع سنة اولي زواج وقد تستمر الحياة الزوجية او تعصف المشاكل بالطرفين بسبب عدم التكيف بين الطرفين. فعلي الزوجين التحلي بالصبر والحكمة في معالجة الامور بينهم وتحدث معايشة وتكون هناك رؤية لدي كل طرف لمواجهة المشكلات لكي تستمر الحياة بينهما.

اضافت: من أهم العوامل التي تجعل الزوجين يتحملان المشاكل والازمات الصلاة والثقة في أن الله سيعينهما في تجاوز الازمات . واذا فشل الزوجان في الاتفاق علي مواجهة الضغوط فيجب اللجوء إلي حكماء من عائلتي الزوجين يتسمون بالذكاء الاجتماعي والحكمة وعدم التحيز في معالجة المشاكل حتي لا تتفاقم الأمور.وعلي الزوجين التعامل بحكمة خاصة في حالة وجود ابناء في مراحل عمرية مختلفة.

القسوة لن تفيد

أكدت أن حلول المشاكل بين الزوجين لا يصلح معها العنف والضرب والاهانة . فبعض الازواج يعتقدون بأن معاملة الزوجة بقسوة لتقويم سلوكها سيأتي بنتيجة ايجابية . ولكن في الحقيقة أن العنف ضد المرأة حتي ولو كان عنفاً لفظياً يترك أثرا سيئا لدي الزوجة ويتراكم الاثر النفسي السيئ لديها حتي إذا تجاوزت لتستمر الحياة ولكنها ستكون مكسورة نفسيا ويزداد الحاجز بينها وبين زوجها.

أشارت إلي أن التفاهم بين الزوجين قبل وقوع المشاكل مهم خاصة البحث عن اليات للحلول وعند وقع مشكلة يجب ان يسترجع الزوجان ما اتفقوا عليه قبل وقوع المشكلة من آلية مواجهة الأزمات . كما يجب علي الزوجين عدم رد اللفظ باللفظ أو الاساءة بالاساءة وعلي أي طرف يجد تجاوزا من الطرف الاخر بسبب الضغوط النفسية أن يتحمل حتي يهدأ الطرف المضغوط ويناقشه بهدوء لمعرفة سبب الانفعال والتجاوز وحل الازمة بهدوء حتي تستمر الحياة.

تنازل الطرفين

قالت: مع الضغوط النفسية علي الزوجين التنازل . فالزوجة عليها التنازل عن طلباتها في اوقات معينة خاصة في اوقات انخفاض الدخل أو زيادة احتياجات الاسرة او لجوء الزوج للعمل عمل اضافي . ولا تنظر الزوجة إلي حالة غيرها ولا تقارن نفسها بالغير وأن تكون مدبرة وتتصرف بحكمة في ادارة المنزل طبقا للموارد المتاحة للأسرة.

أضافت: في المقابل علي الزوج اذا كانت احواله ميسرة ماديا أن يوسع علي اسرته وأن يسد احتياجات الاسرة بالكامل وألا يعتمد علي دخل الزوجة في تغطية احتياجات الاسرة. وعلي الزوج ايضا أن يقرب وجهات النظر بين زوجته واهله وأن يزيل الحواجز والمشاكل التي تتسبب فيها الحماة أو اشقاؤه مع زوجته. خاصة اذا كانت الزوجة تعيش في منزل أهل الزوج. وعليه أن يعبر لها عن الاحترام والتقدير لما تقوم به داخل اسرتها أو في معاملة أهله.

تحمل الوضع

أوضحت أنه من الوارد أن يكون الزوج متعثرا ماديا ومدينا واصبحت قدرته المادية ضعيفة بعد وضع اقتصادي جيد فتجد الزوجة نفسها غير قادرة علي التكيف مع الوضع الاقتصادي الجديد للزوج ولا تتقبل هذا الوضع فتزداد المشكلات والاعباء الاقتصادية والنفسية . وهنا علي الزوجة محاولة تحمل ظروف الزوج وعدم تكبيله بطلباتها المعتادة من قبل أن يتأزم زوجها اقتصاديا حتي لا تحمله أعباء نفسية قد لايستطيع تحملها وتنعكس علي علاقته بها وبأولاده داخل الاسرة وتهدد الحياة الزوجية بينهما.

أضافت: من أهم الطرق لمعالجة الازمات هي تقبل الازمة فقد يكون الزوج عصبيا في وقت معين أو يكون رافعا يده بشكل كبير عن تحمل المسئولية فعلي الزوجة محاولة تقبل وضع الزوج . فمن غير الطبيعي أن تستمر الحياة الزوجية دائما وردية وبدون مشكلات. وعلي الزوجين أن يتماسكا بشكل كبير وألا يتخلي أحد عن الأخر وقت أمواج المشكلات حتي لا يغرق الجميع في بحر الضغوط النفسية ويضطران لانهاء العلاقة الزوجية.
 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق